مقاطعة واسعة لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني تعمق الانقسام

الفصائل المقاطعة تعتبر أن استحداث منصب نائب للرئيس تعديلا هيكليا يهدف إلى إتاحة نفوذ أميركي واسع داخل النظام السياسي الفلسطيني.
الخميس 2025/04/24
شرعية مهددة في ظل المقاطعة

رام الله (الاراضي الفلسطينية) - أعلنت فصائل فلسطينية مقاطعتها لأعمال المجلس المركزي الفلسطيني المنعقد في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وذلك في تطور ينذر بتعميق الأزمة الداخلية في الساحة الفلسطينية.

واتفقت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية على عدم المشاركة في هذا الاجتماع معتبرة أنه "عقِد استجابة لضغوطات خارجية، ولم يستجب لحوار داخلي مسبق".

وتكشف هذه المقاطعة الواسعة للمجلس المركزي عن عمق الأزمة الداخلية التي تعيشها الحركة الوطنية الفلسطينية. فبدلا من أن يكون المجلس المركزي منصة للوحدة وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه القضية الفلسطينية، يبدو أنه تحول إلى بؤرة للخلاف والانقسام.

ويعتبر المجلس المركزي الفلسطيني هيئة وسيطة بين المجلس الوطني الفلسطيني (البرلمان الفلسطيني في الخارج) واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (أعلى هيئة تنفيذية).

وتاريخيا، كان المجلس المركزي يلعب دورا هاما في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. إلا أن حالة الانقسام السياسي والجغرافي المستمرة بين الضفة الغربية التي تسيطر عليها حركة فتح وقطاع غزة الذي تديره حركة حماس، قد أضعفت من فاعلية هذا المجلس وشرعيته في نظر العديد من الفصائل.

وقالت نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية ماجدة المصري في مؤتمر صحافي عقدته في رام الله إن "الجبهة قررت الانسحاب مما تبقى من جلسات المجلس المركزي لما يمكن أن يترتب في نهايتها على نتائج خطرة، خاصة أن المؤشرات التي جاءت في خطاب الرئيس تشير إلى خطورة المرحلة وما يمكن أن يخرج عن المجلس من نتائج".

من جهته، قال رمزي رباح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إن "جلسة المجلس المركزي جاءت استجابة لجملة من الضغوطات الغربية وتحديدا الأميركية".

ومن ضمن الضغوطات التي أشار إليها رباح "إدخال تعديلات هيكلية على بنية النظام السياسي الفلسطيني، بما يسمح بوجود يد طويلة لأميركا داخل النظام، وهذا جرى عبر استحداث منصب نائب للرئيس".

وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينية أعلنت من جانبها مقاطعة اجتماع المجلس المركزي، وقالت في بيان "قرر المكتب السياسي عدم المشاركة في اجتماعات المجلس المركزي المُعلن باعتباره خطوة مجتزأة، لا يمكن أن يكون بديلا عن الخطوات التي حدّدتها جولات الحوار ومخرجاتها المُكررة، والتي جرى تعطيل تنفيذها أكثر من مرة".

يشير هذا البيان بوضوح إلى حالة من الإحباط لدى الفصائل الفلسطينية تجاه المسار الحالي، وتأكيدها على أن أي حل حقيقي يجب أن ينطلق من حوار وطني شامل يضم كافة القوى الفلسطينية.

ويأتي هذا الانتكاس في ظل جهود سابقة ومستمرة لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني المستمرة منذ عام 2007. وقد عُقدت لقاءات عديدة بين الفصائل، بما في ذلك حركتا حماس والجهاد الإسلامي، بهدف تحقيق المصالحة الوطنية.

وكان آخر هذه اللقاءات في العاصمة الصينية بكين في منتصف العام الماضي، حيث تم التوصل حينها إلى اتفاق مبدئي على تحقيق "وحدة فلسطينية شاملة بين كافة الفصائل". إلا أن هذا الاتفاق، كغيره من الاتفاقات السابقة، لم يتم تنفيذه على أرض الواقع، مما يعكس عمق الخلافات والتحديات التي تعترض طريق الوحدة الفلسطينية.

ومن جانبها، أعلنت حركة المبادرة الوطنية التي يتزعمها مصطفى البرغوثي عدم مشاركتها في اجتماعات المجلس المركزي بشكل مسبق، وقالت في بيان إن "انعقاد المجلس المركزي دون إجراء التحضيرات التنظيمية والحوار الوطني المعتاد مع جميع قوى منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الفلسطينية عامة الذي يفترض أن يسبق انعقاد المجلس والتوافق على مخرجاته، يعزز الانطباع بأن المجلس المركزي يعقد أساسا لتنفيذ مطالب محددة بضغوط خارجية".

وفي الأثناء، يواصل المجلس المركزي الفلسطيني الذي تهيمن عليه حركة فتح، اجتماعه الخميس والذي من المفترض أن يخرج عنه قرار باستحداث منصب نائب رئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو المنصب الذي يتم استحداثه لأول مرة منذ تأسيس المنظمة في العام 1964.