مقاطعة الإسلاميين لا تؤثر على الانتخابات المحلية في الأردن

الإسلاميون يسعون لإعادة التموقع وتجنب انتكاسة انتخابية جديدة.
الخميس 2022/02/17
مشاركة الإسلاميين لن تغيّر شيئا في صناديق الاقتراع

يعيش الأردن في الثاني والعشرين من مارس القادم على وقع انتخابات محلية يقاطعها الإسلاميون. ويقول مراقبون إن الإسلاميين يهدفون من خلال المقاطعة إلى تجنب انتكاسة انتخابية جديدة وينتظرون مسارات الإصلاح الجديدة لتحديد بوصلتهم في الحياة العامة.

عمان – قالت دوائر سياسية أردنية إن مقاطعة الإسلاميين للانتخابات المحلية في الأردن المزمع إجراؤها في الثاني والعشرين من مارس القادم لن تؤثر على نسبة التصويت وزخمه.

وذكرت الدوائر أن الإسلاميين يسعون من خلال المقاطعة لتحقيق أهداف سياسية أبرزها استثمار زخم تحديث المنظومة السياسية في الأردن لإعادة التموقع وتجنب انتكاسة انتخابية في المحليات تضاعف عزلتهم بعد خسارتهم المدوية في الانتخابات التشريعية التي عقدت نوفمبر الماضي.

وقال الخبير البرلماني الأردني عامر بني عامر إن “مقاطعة الإسلاميين لن تؤثر على زخم الانتخابات”، مضيفا “انتخابات المجالس البلدية أقرب للعقلية التقليدية والتوارثية للمواطن، وهي مرتبطة بفكرة الزعامة والقيادة المحلية، فرئيس البلدية عبر التاريخ بالأردن له قيمة اجتماعية كبيرة ويمثل رمزية مرتبطة إما بالزعامة العشائرية أو المناطقية”.

عامر بني عامر: الإخوان لن يحققوا نتائج لافتة يمكن أن تحدث أي تغيير

وبخصوص تعليق حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) مشاركته بالانتخابات المقبلة، اعتبر بني عامر أن القرار “ليس مبكرا، وإنما مبني على معطيات وقرارات مستقبلية متوقعة”.

وتابع “لنعترف بأن مقاطعة أي تيار سياسي، وخاصة إذا كان له زخم شديد كما العمل الإسلامي، ستؤثر بمجمل العملية السياسية.. قد لا تؤثر بشكل كبير على نسبة التصويت، فالزخم التصويتي لأنصارهم لم يتجاوز 100 ألف ناخب بالانتخابات الأخيرة”.

واستطرد “بالنسبة إلى التصويت، لن يكون التأثير كبيرا، ولكن قد يكون مؤثرا باتجاهين، الأول بشأن مدى جدية الخطوات الإصلاحية حاليا، والثاني مدى جدية الإخوان المسلمين وحزب العمل الإسلامي في الانغماس بهذه الإصلاحات، خصوصا أنهم كانوا جزءا من منظومة الإصلاح في اللجنة الملكية”.

وزاد “أعتقد أن الإخوان ينتظرون إقرار حزمة الإصلاحات كاملة ليرسموا طريق مشاركتهم السياسية عامة في كل مستويات العملية الانتخابية بالدولة”.

ورأى بني عامر أن “قرار التعليق جاء انتظارا منهم لتكتمل صورة المشهد السياسي خلال الأشهر القادمة.. الإخوان ومرشحوهم لو بقوا سيتأثرون بمجمل التراكمات السلبية في العملية السياسية الحالية، وبالتالي لن يحققوا نتائج لافتة يمكن أن يحدثوا من خلالها أي تغيير”.

وفي السادس والعشرين من ديسمبر الماضي أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي تعليق مشاركته بانتخابات المحليات؛ جراء ما قال إنه “تراكم الممارسات السلبية من الجانب الرسمي، واستمرار نهج الإقصاء ‏والتضييق والاستهداف ‏السياسي، بما يقوض ‏البيئة المناسبة للمشاركة السياسية”. وشارك الحزب في انتخابات المحليات الأخيرة، وحصد 76 مقعدا، بعدما قاطعها 14 عاما.

ويرى مراقبون أن مقاطعة الإسلاميين للانتخابات المحلية تحمل في طياتها هدفين استراتيجيين: أولهما تجنب خسارة انتخابية جديدة بعد انتكاسة الانتخابات التشريعية الفارطة وثانيهما انتظار ما ستسفر عنه تحديثات المنظومة السياسية وما إذا كانت ستوفر له فرصة جديدة لإعادة التموقع، في وقت يحذر فيه سياسيون أردنيون من أن اعتماد مبدأ “الكوتا” في القانون الانتخابي الجديد يخدم الجماعة.

ووصفت دوائر أردنية تبريرات الإسلاميين بمقاطعة الانتخابات المحلية بالواهية كونها لا تعدو أن تكون استباقا لتفادي تكرار الخسارة التي لحقت بهم في الانتخابات التشريعية الماضية، بعد انحسار شعبيتهم بشكل حاد داخل المجتمع الأردني.

وأشارت تلك الدوائر إلى أنه لم يعد للإسلاميين سوى التشكيك في نزاهة الانتخابات المحلية المقبلة لحفظ ماء الوجه.

البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان
البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان

وحصل الإسلاميون في الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في نوفمبر 2020 على 5 مقاعد ضمن التحالف الوطني للإصلاح، من أصل 130 مقعدا يتألف منها البرلمان.‎

ومنيت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بانتكاسة جديدة، حيث فشلت في تسجيل حضورها ضمن أيّ من اللجان النيابية الخمس عشرة، وبالتالي باتت عمليا خارج المعادلة البرلمانية.

ويرى مراقبون أن عدم نجاح جماعة الإخوان في الانضمام إلى اللجان سيجعلها على الهامش في المجلس، ولن تكون لها القدرة على التأثير خاصة من الناحية التشريعية.

ويعد البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان من خلال وجود نواب لذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن الوضع تغير، ولم يعد لهذا الحزب اليوم أيّ تأثير نيابي، فضلا عن قرارات قضائية تلاحق الجماعة مطالبة بحلها.

وبدأ البرلمان الأردني إثر إقرار التعديلات الدستورية اللازمة، مناقشة توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتي ستفضي في نهاية المطاف إلى إقرار قانوني الانتخاب والأحزاب لتدخل المملكة بذلك مرحلة سياسية جديدة مع ميلاد الحكومات البرلمانية المنتخبة.

الإسلاميون يسعون لأن يضمن القانون الانتخابي الجديد تمثيليتهم داخل البرلمانات المرتقبة

وتنشد جماعة الإخوان أن تأتي الإصلاحات التي يجري بحثها بما يتماشى مع مساعيها لتهيئة المناخ لحكومات برلمانية، وهو طلب لطالما تمسكت به الجماعة باعتباره السبيل الوحيد بالنسبة إليها للمشاركة في سلطة اتخاذ القرار.

ويسعى الإسلاميون لأن يضمن القانون الانتخابي الجديد الممهد لتكريس الحكومات البرلمانية في الأردن تمثيليتهم داخل البرلمانات المرتقبة.

ويعمل الإسلاميون على تحصين موقعهم داخل البرلمانات القادمة إذ يدفعون بقوة لتبني التوصيات الداعية إلى اعتماد “الكوتا الانتخابية” ليضمنوا بذلك مشاركتهم في جميع البرلمانات القادمة، فيما يحذر مناوئوهم من أن “الكوتا” تخدم الإسلاميين بدرجة أولى.

ومنحت لجنة التحديث السياسي على سبيل المثال الأحزاب حصة كبيرة في البرلمان يقول منتقدون إنها لا تعادل وزنها الحقيقي.

وألقى توجه اللجنة إلى تخصيص 30 مقعدا للأحزاب بظلال متشائمة على الآمال المعلّقة على اللجنة لخلق نقلة نوعية في الحياة السياسية الأردنية والاقتراب بشكل حقيقي من الحكومات البرلمانية، حتى أن هناك من اعتبر أن نسبة الأحزاب هي “كوتا” غير مقبولة.

2