مقاربة تعنى بتنظيم الحمل تعوض سياسة تحديد النسل في تونس

تونس - تعتمد تونس مقاربة جديدة تعنى بتنظيم الحمل، متخلية بذلك عن سياسة تحديد النسل التي اعتمدتها البلاد منتصف ستينات القرن الماضي.
وقال الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، محمد الدوعاجي إن “الديوان (مؤسسة حكومية) لم يعد يعمل وفق سياسة تحديد النسل وإنما وفق مقاربة تعنى بتنظيم الحمل”، معتبرا أن وسائل منع الحمل تقلص من وفيات الأمهات وتحد من وفيات الأطفال وتقلل من مخاطر الحمل غير المرغوب فيه والمضاعفات الصحية المرتبطة بالحمل المتكرر.
وأوضح في حوار حصري مع وكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن “الديوان بصدد التزود بشكل منتظم بوسائل منع الحمل ليقوم في ما بعد بتوزيعها على مندوبياته ومراكزه الجهوية وعلى مراكز رعاية الصحة الأساسية في مختلف مناطق البلاد لمنحها لمستحقيها بشكل مجاني”.
وأكد أن ديوان الأسرة والعمران البشري يواصل، رغم الصعوبات، تأمين عديد الأنشطة عبر هياكله القارة والمتنقلة لتوفير الخدمات الطبية والتثقيفية للنهوض بالصحة الإنجابية بمختلف الجهات.
وقال إن أعوان الديوان يكثفون جهودهم لتأمين خدمات الصحة الإنجابية والتحسيس بأهمية التقصي عن سرطان الثدي وعنق الرحم والتثقيف حول العنف ضد المرأة عبر القوافل الصحية المتنقلة وأنشطة ميدانية أخرى داخل مؤسسات تربوية وجامعية ومصانع وغيرها.
ديوان الأسرة والعمران البشري يواصل، رغم الصعوبات، تأمين عديد الأنشطة عبر هياكله القارة والمتنقلة لتوفير الخدمات الطبية والتثقيفية
ويضم الديوان 24 مندوبية جهوية و37 مركزا للصحة الإنجابية و22 فضاء صديقا للشباب و10 مراكز للإرشاد والكشف الطوعي والمجاني لفايروس “السيدا”. ويقوم الديوان سنويا بمعدل 110 ألف فحص سريري ليغطي بذلك نسبة 7 في المئة من الفئة المستهدفة وطنيا.
وأشار الرئيس المدير العام للديوان إلى عديد المبادرات على غرار تظاهرة “القطار الوردي” وهي عبارة عن قافلة صحية ينظمها سنويا خلال شهر أكتوبر الوردي لتقصي سرطان الثدي، ووحدة تقصي هذا السرطان (ماموغرافيا) بالمندوبية الجهوية بأريانة التي تتولى فحص نحو 1200 امرأة سنويا.
وعرج محمد الدوعاجي على مجهود الديوان في مجال الإحاطة بالنساء ضحايا العنف وذلك بالشراكة مع الأطراف المتدخلة من وزارات وهياكل حكومية ومنظمات المجتمع المدني عبر برامج تحسيسية لتنمية ثقافة الوقاية من العنف والتعريف بالخدمات المتوفرة للنساء ضحايا العنف لاسيما في مجال الصحة النفسية.
كما أفاد بأن المندوبيات الجهوية للديوان شرعت في تنفيذ أنشطة لتقريب الخدمات الطبية والتثقيفية من ذوي الإعاقة منها تكوين إطاراتها وإنتاج وثائق بلغة الإشارات ولغة “براي” وعقد شراكات مع منظمات وجمعيات ناشطة في هذا المجال لتقريب خدماتها في مجال الصحة الإنجابية من الأشخاص ذوي الإعاقة.
وعلى مستوى عمليات الإجهاض الجراحي، قال إن هذه العمليات متوفرة فقط بالمندوبية الجهوية للديوان بسوسة بسبب غلق قاعات الجراحة في العاصمة. وبحسب معطيات الديوان، تم العام الماضي إجراء 28 عملية إجهاض جراحي بسوسة. أما بالنسبة إلى عمليات الإجهاض الدوائي فقد بلغ عددها 19500 حالة سنة 2023.
الديوان يضم 24 مندوبية جهوية و37 مركزا للصحة الإنجابية و22 فضاء صديقا للشباب و10 مراكز للإرشاد والكشف الطوعي والمجاني لفايروس “السيدا”
في المقابل، كشف الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري عن إشكاليات تعاني منها المؤسسة بسبب ضعف الموارد البشرية وتقادم أسطول السيارات والبناءات.
وقال الدوعاجي إن عدد الأعوان الذين أحيلوا على التقاعد منذ سنة 2017 إلى الآن بلغ 250 عونا متقاعدا بمختلف اختصاصاتهم، دون تعويضهم إلى غاية سنة 2024.
ورغم الحاجة إلى تعزيز صفوفه بانتدابات تغطي النقص سواء في مستوى القابلات أو أعوان التثقيف أو السواق أو الحراس أو غيرهم، تمت الموافقة من قبل وزارة المالية على تخصيص 51 انتدابا جديدا للديوان في قانون المالية الجديد لسنة 2025، وفق قوله. وإلى جانب الحاجة لتعزيز صفوف الإطارات التقنية للديوان كالقابلات وإطارات التثقيف، فإن الديوان يعاني من نقص في أعوان الحراسة ما جعله بعض مندوبياته ببعض الولايات عرضة للسرقة.
وكشف الدوعاجي عن وجود تهرّم عمري لدى القابلات وإطارات التثقيف، فمن جملة 136 قابلة لدى الديوان هناك 77 قابلة تفوق أعمارهن 50 عاما، ومن جملة 283 إطار تثقيف هناك 212 إطارا تجاوزوا 50 عاما، وهذا “يؤثر على مردودهم ويحد من تنقلهم إلى المناطق النائية”.
وأقر بضعف نسبة التأطير صلب الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري التي لا تتخطى 6 في المئة فقط، مشيرا أيضا إلى وجود فراغ على رأس عدد من المندوبيات ببعض الولايات على غرار سليانة ونابل والكاف وباجة وقبلي وتطاوين بعد إحالة المندوبين على التقاعد دون تعويضهم.
وأشار الدوعاجي إلى تقادم أسطول السيارات الذي يشكل عائقا أمام الفرق المتنقلة التي تعمل على تقريب الخدمات من متساكني الجهات البعيدة والمناطق الريفية، إضافة إلى تقادم البناءات الخاصة بالمندوبيات الجهوية للديوان ما جعل بعضها يتخلى عن مقراته ويلجأ إلى الكراء.
من جانب آخر، يواجه الديوان مشكلة أخرى تتمثل في قضايا مرفوعة ضده لدى المحاكم من قبل أعوان عملوا بعقود هشة في الديوان قبل 2011 ثم لجأوا إلى المحاكم للحصول على تعويضات على المنح والامتيازات التي حرموا منها سابقا. وفي نطاق استرجاع حقوقهم حكمت المحاكم لفائدة جزء من هؤلاء الأعوان مما استوجب صرف مبالغ مالية هامة لهم من قبل الديوان.
في المقابل، أكد الدوعاجي وجود توجه حكومي على أعلى مستوى لحلحلة هذه الملفات حتى يستعيد الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بريقه ويتوفق في الاضطلاع بدوره في تنفيذ السياسة الوطنية للسكان في مجال تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية وفق التوجهات العامة للبلاد.