مفوض مؤقت محسوب على الائتلاف الحاكم السابق يسير وكالة الأنباء الرسمية في تونس

تونس- طالبت الجامعة العامة للإعلام في تونس الحكومة بالإسراع بتعيين رئيس مدير عام جديد على رأس وكالة تونس أفريقيا للأنباء (رسمية)، وذلك على أساس برنامج إصلاحي في أقرب الآجال، حتى تتجاوز الوكالة حالة الفراغ التي تشهدها منذ سنة بعد أن رفض أبناؤها تعيينا حزبيا علي رأسها وتمسكهم بحياد المرفق العمومي.
وأوضح بيان الجامعة أن حكومة هشام المشيشي التي اضطرت لسحب تعيين مشبوه العام الماضي، قامت في المقابل بالتحيل وتعيين مفوض مؤقت محسوب عليها وعلى الائتلاف الحاكم آنذاك لتتعمد تعطيل سير المؤسسة وسد باب الحوار وتجاهل إيجاد الحلول للملفات المطروحة بالإضافة إلى التمديد في تكليف المفوض رغم عدم قانونية ذلك إذ أن مهمته قد انتهت منذ أكتوبر 2021 حسب مقرر تعيينه المصادق عليه من قبل مجلس الإدارة.
وأكدت الجامعة أنه في المؤسسة وإلى اليوم مازال المفوض المتصرف المنتمي إلى المنظومة السابقة يسير وكالة تونس أفريقيا للأنباء دون رؤية واضحة وإستراتيجية شاملة للتسيير والتصرف، خاصة وأنه يتمتع بامتيازات من الدولة تحتم عليه أن يجتهد ويعمل بكل أمانة وفي حياد تام.

محمد شلبي: وضع الصحافيين اليوم في تونس وفي غيرها يجعلهم معرضين لضغط السياسيين بالنظر إلى هشاشة المؤسسات الإعلامية
وطالب فرع النقابة الوطنية للصحافيين بوكالة تونس أفريقيا للأنباء رئاسة الحكومة بتوضيح بشأن قرارها الإبقاء على المتصرف المفوض نبيل القرقابو في خطة متصرّف مفوض في الوكالة وهو منصب يشغله منذ أبريل 2021، وذلك على الرغم من أن الفصل 16 من الإطار القانوني المؤسس للوكالة ينص على أنه لا يمكن لمن يتولّى هذا المنصب البقاء فيه أكثر من 6 أشهر. وجدد دعوة رئاسة الحكومة، باعتبارها سلطة الإشراف، إلى التسريع في تعيين رئيس مدير عام جديد للوكالة على أساس عقد أهداف وبرنامج إصلاحي للمؤسسة التي ينخرها الفساد والمحسوبية.
وأفاد أن “القرقابو المعين من قبل رئيس الحكومة المعزول المشيشي يمضي قُدما في تصرّفاته الاستفزازية وتعمّده توتير الأجواء في الوكالة” وندد باستمراره في “اختلاق المشاكل ومحاولاته التلاعب بالعديد من الملفات”.
وبدأ الخلاف بين صحافيي وكالة تونس أفريقيا للأنباء وحكومة المشيشي منذ الإعلان عن تعيين كمال بن يونس، وهو إعلامي محسوب على حزب حركة النهضة الإسلامية، تقلد عدة مناصب آخرها مديرا عاما لإذاعة الزيتونة، على رأس المؤسسة الإعلامية الرسمية في التاسع من أبريل.
وأسفر الرفض الكبير عن تقديم بن يونس استقالته من منصبه.
وتداول على وكالة تونس أفريقيا للأنباء التي تم تأسيسها في يناير 1961، بعد ثورة يناير 2011، 7 مديرين عامين، ونظمت اعتصامات “رحيل” (للمطالبة برحيل مديرين) وتحركات احتجاجية ضد بعضهم أبرزهم بن يونس.
وطالبت الجامعة العامة للإعلام كذلك بتحيين الأطر القانونية المنظمة للمؤسسة على غرار التنظيم الهيكلي والنظام الأساسي، وفق المعايير الدولية للمهنة، بما يضمن حوكمة المرفق الإعلامي العمومي والنأي به عن محاولات التوظيف والتدخلات والتّأثيرات الحكومية والسياسية والحزبية والمالية.

كمال العبيدي: العلاقة مع المواطن هي لُبّ مفهوم المرفق الإعلامي العمومي، فمن المهم أن يعكس تطلعات المواطن وآماله
كما طالبت بتوفير الإمكانيات اللازمة وتسوية وضعيات الصحافيين المهنية وتحسين الوضع الاجتماعي، وذلك حتى تتمكن المؤسسة من أداء مهامها في ظروف محترمة خاصة وأن تونس مقبلة على مواعيد انتخابية، ومن الضروري أن يكون المرفق العمومي حاضرا فيها وألا يحرم المواطن من المعلومة ويضمن حق النفاذ إليها، إلى جانب فتح كل الملفات العالقة في إطار شفاف وعادل وبعيدا عن كل الحسابات الضيقة وبتشريك الأطراف النقابية، ووضع خطة إصلاحية شاملة يشارك فيها أبناء المؤسسة دون إقصاء.
ويعاني الإعلام العمومي في تونس مشكلات كثيرة، وظل يتأرجح مترددا بين دوره الدعائي الترويجي الذي اعتاده قبل ثورة الرابع عشر من يناير 2011، وحرية التعبير التي أضحت واقعا، ودوره الذي ينتظره التونسيون للإسهام في إنجاح الانتقال الديمقراطي البطيء والهشّ الذي تعيشه تونس.
ويقول الباحث التونسي في الإعلام محمد شلبي إن “الخوف على حرية الصحافة من هجمات السياسيين لا يخص تونس وحدها، بل هو أمر تتقاسمه اليوم حتى أعرق الديمقراطيات”، مؤكدا أن “للصمود مقتضيات وأثمانا. إن وضع الصحافيين اليوم في تونس وفي غيرها يجعلهم معرضين لضغط السياسيين بالنظر إلى هشاشة المؤسسات الإعلامية”.
واعتبر الإعلامي كمال العبيدي أن العلاقة مع المواطن هي “لُبّ مفهوم المرفق الإعلامي العمومي، فمن المهم أن يعكس تطلعات المواطن وآماله، وأن يُوفر له فضاء للتعبير عن رأيه ومساءلة أصحاب القرار والمؤثرين في مختلف المجالات، كي يكون المدافع الأول عن استقلالية المؤسسات الإعلامية العمومية، متى آمن بدورها ورأى فيها صوتا له، فيساهم في التصدي لكل محاولة ترمي إلى الحدّ من هذه الاستقلالية من أي طرف كان، بما في ذلك الحكومات المتعاقبة”.