مفتاح الفاشر في قبضة الدعم السريع بسيطرتها على مخيم زمزم

دارفور (السودان) - أعلنت قوات الدعم السريع السودانية الأحد عن بسط سيطرتها على مخيم زمزم، أكبر مخيم للنازحين في الإقليم والواقع بالقرب من مدينة الفاشر المحاصرة في تطور بالغ الأهمية يشير إلى تغيير خريطة السيطرة في إقليم دارفور.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر هويته لأسباب أمنية "قواتنا بسطت سيطرتها على قاعدة زمزم وتم تأمين المنطقة".
ويأتي هذا الإعلان بعد يومين من قصف مدفعي عنيف وإطلاق نار كثيف، وفقا لمصدر من قوات الدعم السريع، مما يُعزز حصارها للفاشر ويُقربها من تحقيق هدفها بالسيطرة الكاملة على دارفور.
ويُعد مخيم زمزم، الذي يؤوي أكثر من 500 ألف لاجئ بحسب الأمم المتحدة، إلى جانب مخيَمي أبوشوك والسلام القريبين، نقطة استراتيجية حيوية، فالاستيلاء عليه يُحكم الخناق على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور ومعقل الجيش وحلفائه المتبقي في الإقليم، من جهة الشمال، ويضعف قدرة حركة جيش تحرير السودان على المناورة وتلقي الإمدادات.
كما يُمكن للمخيم أن يتحول إلى مركز لوجستي متقدم لقوات الدعم السريع لتعزيز عملياتها نحو المدينة التي يقطنها نحو مليوني نسمة، بالإضافة إلى 800 ألف نازح آخرين في مخيمات محيطة بها.
وتكمن أهمية السيطرة على الفاشر في سعي قوات الدعم السريع لترسيخ نفوذها على كامل إقليم دارفور المكون من خمس ولايات، حيث سقطت أربع منها بالفعل في يدها.
وتُعد الفاشر، التي كثفت قوات الدعم السريع هجماتها عليها برا وجوا منذ الجمعة، آخر العقبات الرئيسية أمام تحقيق هذا الهدف، والذي قد تستخدمه كورقة ضغط في أي مفاوضات مستقبلية، أو كأساس لإعلان حكومة موازية من داخل الإقليم.
وفي ظل هذه التطورات الميدانية، تتصاعد التقارير عن وقوع فضائع إنسانية، فقد قالت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر" في بيان الأحد إنه بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة أم كدادة "أقدمت على تصفية... 56 من سكان المدينة على أساس عرقي".
وأعلنت قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش، الخميس استعادة السيطرة على بلدة تقع على مسافة حوالي 180 كيلومترا جنوب غرب مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان.
وقال حاكم دارفور وزعيم حركة تحرير السودان مني أركو مناوي الذي تقاتل قواته إلى جانب الجيش، الأحد إنه منذ الجمعة "قتل 450 شخصا في الفاشر والمناطق المحيطة بها" على يد قوات الدعم السريع.
وقالت قوات الدعم السريع إن المخيم استخدم قاعدة لما وصفته بـ"حركات الارتزاق". لكن منظمات إنسانية نددت بما حدث بوصفه هجوما استهدف المدنيين الضعفاء، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، الذين يواجهون بالفعل مجاعة.
ودعا البابا فرنسيس الأحد في ختام صلاة التبشير الملائكي في روما والتي بثها الفاتيكان، إلى إحلال السلام في العالم مشيرا خصوصا إلى السودان.
وقال إن "15 أبريل يصادف الذكرى الثانية الحزينة لاندلاع الحرب في السودان والتي خلفت آلاف القتلى وأجبرت ملايين العائلات على الفرار من ديارها".
اندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
ونشرت تنسيقية الفاشر الأحد قائمة بأسماء القتلى بينهم مدير مستشفى البلدة.
كذلك، اتهم الناشطون قوات الأمن بارتكاب "انتهاكات واسعة النطاق" و"تهجير قسري"، مشيرين إلى فقدان 14 شخصا. وأضافوا أن كل شبكات الاتصالات أوقفت.
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، وتسببت بأزمة إنسانية تعد من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
وصارت ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة مقسّمة عمليا، إذ يسيطر الجيش على مساحات واسعة في شرق البلاد وشمالها بينما تسيطر قوات الدعم السريع على القسم الأكبر من دارفور غربا وأجزاء من جنوب السودان.
وبعد استعادة الجيش للعاصمة الخرطوم الشهر الماضي، كثفت قوات الدعم السريع من هجماتها باتجاه مدينة الفاشر التي تحاصرها منذ مايو 2024.
ولا تزال هذه المدينة التي تعد نحو مليوني نسمة تحت سيطرة الجيش.
والسبت، أعربت الأمم المتحدة عن مخاوفها من مقتل أكثر من 100 شخص في السودان بعد هجمات شنتها الجمعة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبوشوك.
وأفادت التقارير الأولية الصادرة عن التنسيقية الجمعة بمقتل 25 شخصا في زمزم و32 في الفاشر، فيما أفاد الجيش بمقتل 74 و17 شخصا على التوالي.
وقال ناشطون الجمعة إنه من الصعب تقييم حجم الأضرار التي لحقت بزمزم بسبب صعوبات في الاتصالات والإنترنت.
وقال آدم رجال، المتحدث باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور "تعرضت مخيمات النازحين هذه (الأحد) لقصف وهجوم من قبل آليات قتالية تابعة لقوات الدعم السريع". كذلك، أكد استئناف المعارك داخل مدينة الفاشر.
ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين.
وفي يناير 2025، اتهمت واشنطن رسميا حكومة السودان بـ"ارتكاب إبادة جماعية" في إقليم دارفور، المنطقة الصحراوية الواقعة عند الحدود مع تشاد والتي توازي مساحة فرنسا.
ومع استمرار تقدم قوات الدعم السريع نحو الفاشر وسيطرتها على محيطها الاستراتيجي، بما في ذلك مخيم زمزم، تتصاعد المخاوف بشأن مصير المدينة وسكانها المدنيين، وتزداد احتمالية ارتكاب المزيد من الفظائع في ظل سعي الطرفين الحثيث لفرض السيطرة بالقوة على إقليم دارفور المُنهك.