مغاربة ينتظرون إنصافهم بعد عقود على ترحيلهم القسري من الجزائر

جمعية "المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر" تطالب بمقاضاة الجزائر بسبب قضية المهجرين المغاربة.
الثلاثاء 2023/03/21
قضية محفوظة في الذاكرة

الرباط - عادت جمعية “المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر” لتضغط من أجل إنصاف الآلاف من العائلات التي تضررت من جراء التهجير القسري الذي تعرضت له على أيدي السلطات الجزائرية في سبعينات القرن الماضي.

وتعود قضية المهجرين المغاربة من الجزائر إلى الثامن عشر من ديسمبر عام 1975، والذي توافق حينها مع احتفالات الأمّتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى، حيث قامت دوريات الأمن الجزائري بشن حملة استهدفت 45 ألف عائلة مغربية، لتقوم بترحيل المغاربة بالقوة، دون السماح لهم بتوضيب حقائبهم أو أخذ أي من ممتلكاتهم وأغراضهم.

وتخللت حملة التهجير آنذاك عمليات اعتداء بالعنف على المهجرين، وترحيلهم في ظروف غير إنسانية، بحسب شهادات عدد من الضحايا.

وجاءت عملية الترحيل على خلفية توتر في العلاقات الجزائرية - المغربية بسبب قضية الصحراء التي كانت حينها تحت الاحتلال الإسباني، وردا على المسيرة السلمية التي أطلق عليها حينها العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني “المسيرة الخضراء”، حيث توجّه 350 ألفا من المغاربة عزّلا مقتحمين حدود المناطق المحتلة حينها، مجبرين إسبانيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات التي انتهت حينها بتوقيع اتفاق ثلاثي بين مدريد والرباط ونواكشوط.

الطرد القسري والجماعي طال 45 ألف عائلة مغربية، أي ما يصل إلى قرابة 400 ألف مواطن من الذين كانت لهم إقامة قانونية

وبعد مرور عقود على الحادثة الأليمة لا يزال المغاربة المطرودون ينتظرون جبر الضرر، وقد شكلوا في هذا الإطار جمعية “المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر” للنضال من أجل استرجاع حقوقهم المسلوبة.

وقد قررت الجمعية في العام 2015 رفع شكوى إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا للنظر في قضيتهم ضد الدولة الجزائرية، لكن لا تزال إلى اليوم في الأدراج.

وجددت الجمعية مطالبتها بضرورة التحرك الفاعل والجدي لتسوية قضية المهجرين، وحثت الحكومة المغربية على ضرورة إيلاء هذا الملف الأولوية التي يستحقها.

وقالت الجمعية في بيان لها إن “الطرد القسري والجماعي الذي طال 45 ألف عائلة مغربية، أي ما يصل إلى قرابة 400 ألف مواطن من الذين كانت لهم إقامة قانونية بالأراضي الجزائرية، يعد فعلا إجراميا يندرج تحت طائلة الجرائم الدولية، باعتباره قد شكل خرقا فاضحا وواضحا للقانون الدولي الإنساني وقانون الشغل وقوانين البلد المضيف نفسه، وللاتفاقات المبرمة بين البلدين، بل شكل انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة”.

وأضافت أن الجرائم المسجلة حينها “تستند إلى وسائل إثبات من وثائق ومستندات وأشرطة وصور، لتجرّم الدولة الجزائرية وكل من تورط باسمها، فيما يكفل القانون لكل المتضررين والمعنيين من الضحايا تقديم دعاوى أمام المحاكم الجنائية المحلية والدولية”.

وجاء تحرك الجمعية في خضم مذكرة التوقيف التي صدرت بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من المحكمة الجنائية الدولية بسبب جملة من “الانتهاكات” ومنها “ترحيل أطفال أوكرانيين”.

وتناشد الجمعية الحكومة المغربية لتبني ملفها والترافع عن عشرات الآلاف من الضحايا الذين ارتكبت في حقهم الجرائم نفسها بالنسبة إلى الأطفال المغاربة المهجرين قسرا بالآلاف.

وقال أحمد نورالدين الخبير في العلاقات المغربية - الجزائرية في تصريحات لموقع “هسبريس”، إن “ما حدث صاحبته جرائم أخرى ضد النساء والشيوخ والمرضى تصنف كجرائم ضد الإنسانية، منها الاغتصاب والقتل والاختطاف والعنصرية والطرد من العمل ومن المسكن ومصادرة الممتلكات المنقولة والثابتة، والتعنيف والتعذيب وعدم تقديم العلاج للمرضى وتعريض حياتهم للخطر”.

أحمد نورالدين: ما حدث صاحبته جرائم ضد النساء والشيوخ والمرضى تصنف كجرائم ضد الإنسانية
أحمد نورالدين: ما حدث صاحبته جرائم ضد النساء والشيوخ والمرضى تصنف كجرائم ضد الإنسانية

وأضاف نورالدين “لم يعد مقبولا هذا الصمت غير المفهوم من الدولة المغربية عن واجبها في الدفاع عن جزء من مواطنيها ممّن تعرضوا للعدوان دون أي جريمة ارتكبوها، وعليها أن تقوم بواجب المساندة القانونية والمادية والمعنوية أمام المحكمة الجنائية الدولية، خاصة أن جمعية الضحايا قامت بتهيئة الأرضية من خلال مجهود جبار للتوثيق والتكييف القانوني للجرائم، ولم يبق على الدولة المغربية إلا أن تعرض القضية على المحكمة الجنائية الدولية وباقي الهيئات الدولية المعنية”.

وقطعت الجزائر في العام 2021 علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في خطوة تصعيدية ضد الرباط على خلفية أزمة الصحراء المستمرة، وبدا أن موقف الجزائر رد فعل على الإنجازات الدبلوماسية التي حققتها المملكة في الدفاع عن أحقيتها في صحرائها وأهمها الاعتراف الأميركي.

وقال عبدالفتاح الفاتيحي مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الإستراتيجية، إن جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر أسسها “ضحايا أفظع عملية تهجير قسري نفذها النظام الجزائري في حق أزيد من 45 ألف عائلة مغربية كانت تقيم في الجزائر”.

وأوضح الفاتيحي أن “الأمر يتعلق بأحد أوجه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في العالم قام بها النظام الجزائري سنة 1975 انتقاما من قرار الملك الحسن الثاني غداة إعلانه عن تنظيم مسيرة خضراء لاسترجاع الصحراء من يد المحتل الإسباني”.

وذكر مدير مركز الصحراء أن “حادث الترحيل القسري للمغاربة من الجزائر سمي المسيرة السوداء أو ‘الكحلا’، وسلبت خلاله ممتلكات أزيد من 45 ألف أسرة مغربية هجرت عبر الحدود الشرقية للمملكة”.

4