مغاربة يطلقون حملة إلكترونية توعوية لدعم قطاع الكتاب

واجه قطاع نشر الكتب في المغرب على غرار بقية دول العالم تداعيات جائحة فايروس كورونا التي شلت القطاع وتسببت في ركود خطير يهدد وجوده، ومن هنا انطلقت العديد من الحملات لإنقاذ صناعة الكتب بما تمثله من رافد معرفي وثقافي وحضاري قبل الاقتصادي. وتهدف هذه الحملات من جهة إلى دعم المؤلفين والناشرين وباعة الكتب ليضطلعوا بدورهم في المجتمع، ومن جهة أخرى حثّ المواطنين على أهمية استهلاك الكتب التي تصدرها دور النشر المغربية.
الرباط - أطلقت دار النشر “Le Manifeste”، مؤخرا، حملة وطنية توعوية تحمل وسم “شراء كتاب مغربي”، لدعم الكتاب الحامل لعلامة “صنع في المغرب”.
ويوضح عبدالمنعم سامي، أحد مؤسسي الشركة المغربية الناشئة المخصصة للكتاب الرقمي، أن “المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دعا، في دراسة نشرت في نوفمبر 2020، إلى تنظيم حملة تواصلية تهدف إلى ترويج علامة ‘صنع في المغرب’ و’الاستهلاك المغربي’ على جميع القنوات المتاحة من وسائل الإعلام التقليدية والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والملصقات المعروضة في الأسواق الكبرى وغيرها”.
حملة وطنية
الحملة تسعى للتعريف بالفاعلين في قطاع الكتاب في المغرب وترسيخ ثقافة أدبية وخلق عادة قراءة مستدامة
يبرز أنه “انطلاقا من هذا المنظور فإن ‘شراء كتاب مغربي’ تعتبر أول حملة وطنية لرفع الوعي باستهلاك الكتب المغربية التي يصدرها الناشرون المحليون”.
ويقول سامي في حوار معه “نأمل من خلال هذه الحملة الوطنية تعبئة جميع الأطراف المعنية لدعم المؤلفين والناشرين وبائعي الكتب حتى يضطلعوا بدورهم في المجتمع، والمتمثل في توعية المواطنين بأهمية استهلاك الكتب التي تصدرها دور النشر المغربية التي تمر بأزمة كبيرة تفاقمت بسبب حالات الإغلاق المتكررة التي عرفتها بلادنا”.
ولتحقيق هذا الهدف يضيف سامي، “تم إطلاق وسم ‘شراء كتاب مغربي’ على شبكات التواصل الاجتماعي وباللغتين الفرنسية والعربية”.
ويشير إلى أن هذا الوسم هو “امتداد لمبادرة أطلقها مهنيو الكتاب المغاربة سنة 2020 تحت عنوان القراءة، ‘فعل مقاومة”، داعيا “كل من يرغب في المساهمة وفي دعم هذا العمل التضامني من خلال نشر هذه الرسالة وهذه الحملة لتشجيع المواطن على استهلاك الكتاب المغربي”.
ويرى أن لهذه الحملة هدفا مزدوجا، يتمثل الأول في تشجيع المواطن على اقتناء الكتاب الصادر في المغرب وجعله يتعرف على غنى وتنوع الإصدارات المغربية، في حين أن الهدف الثاني يكمن في دعوة الجمهور العريض إلى تفضيل المنتجات الثقافية الحاملة لعلامة “صنع في المغرب” من أجل دعم المقاولات الثقافية المغربية في مواجهة الصعوبات التي يعاني منها قطاع الكتاب في المغرب.
ويهدف هذا التحرك الأول إلى التعريف بالفاعلين في قطاع الكتاب بالمغرب، وإلى ترسيخ ثقافة أدبية وخلق عادة متعلقة بقراءة مستدامة لدى المواطن.
كما يشير سامي، الذي لم يفته لفت الانتباه إلى أهمية إعطاء نفس جديد لقطاع وطني للكتاب عانى كثيرا من تداعيات الأزمة الصحية المرتبطة بفايروس كورونا، إلى أن الحملة ستجري في مرحلة أولى على الشبكات الاجتماعية على أمل أن تصل إلى تعبئة أكبر عدد من الفاعلين الثقافيين والمواطنين.
ويوضح أن هذا التحرك الأول يهدف إلى التعريف بالفاعلين في قطاع الكتاب بالمغرب، وإلى ترسيخ ثقافة أدبية وخلق عادة متعلقة بقراءة مستدامة لدى القارئ.
وفي الإطار ذاته، يشير سامي إلى أن هذه الحملة تستهدف كل المتدخلين في سلسلة إنتاج الكتاب، والسلطات العمومية، وعلى وجه الخصوص الوزارة الوصية ووزارة التربية الوطنية، والمؤلفين والناشرين والمواطن والصحافة.
ويؤكد أنه من دون تعبئة جميع الأطراف الفاعلة والقراء، فإن الأزمة التي يعاني منها قطاع الكتاب لا شك ستطول وهو ما من شأنه أن يشكل ضربة قاسية للإنتاج الأدبي في المغرب.
النهوض بالقراءة

بخصوص الوضع الراهن لقطاع الكتاب، يقول سامي “إن ممارسة المجتمع المغربي لفعل القراءة وللأنشطة التي تساعد المواطن على تكريس وإغناء العلم والمعارف، تتميز بضعفها”.
وهي الملاحظة نفسها التي خلص إليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره الصادر سنة 2019، حيث كشف أن صناعة الكتاب تعاني من أزمة على الرغم من جهود مختلف الفاعلين لبعث روح جديدة في هذا القطاع.
وأعرب سامي عن أسفه لكون الحلقة الأخيرة في هذه السلسلة، أي القارئ، لا تخصص أزيد من 57 دقيقة في السنة للقراءة، و97 في المئة من الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 7 و14 عاما لا يقرؤون أبدا، مستعرضا أبرز ما جاء في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعنوان “النهوض بالقراءة ضرورة ملحة”.
كل هذه الأرقام هي مؤشرات على دواعي إطلاق حملة توعوية بالحاجة إلى النهوض بالقراءة بوصفها فعلا مواطنا وباستهلاك الكتاب المغربي من أجل دعم الإنتاج الأدبي الوطني.
في ما يتعلق بالحلقة الأولى من هذه السلسلة، أي الناشر، يوجد في المغرب 60 دار نشر، غير أن 20 منها فقط تستطيع أن تعمل بشكل منتظم، فيما يبلغ متوسط عدد النسخ المطبوعة حاليا 550 نسخة، عوض 2000 نسخة كانت تصدر في السنوات القليلة الماضية.
أما الفاعل الآخر المهم فهو الموزع. توزيع الكتاب المغربي يتم بشكل سيء ولا يصل إلى القراء. ناهيك عن أن التوزيع يجري في خمس مدن رئيسية فقط (الدار البيضاء والرباط وطنجة وأكادير ومراكش).
ولتحقيق توزيع جيد، يجب توفير نقاط لبيع الكتب ومكتبات. وحتى المكتبات العمومية فأعدادها قليلة ومجهزة تجهيزا سيئا؛ أما الوراقات فتغلق أبوابها.
وأخيرا الترويج للكتاب من قبل وسائل الإعلام. في عقد السبعينات إلى التسعينات من القرن الماضي، كانت كل الصحف الوطنية تخصص صفحات للكتب أو الأخبار الثقافية، أما اليوم، فقلة قليلة من وسائل الإعلام تعير اهتماما للثقافة.
ويشدد سامي على أن إنقاذ قطاع الكتاب لا يمكن أن يتم في غياب إرادة سياسية، وإعادة هيكلة دور النشر، ومن دون وجود تضامن بين مختلف دور النشر.
لكنه لا يخفي بأنه في هذه الصورة القاتمة هناك نقطة إيجابية وهي تكاثر نوادي القراءة عبر المغرب. وعلى الناشرين العمل مع هذه النوادي للترويج للكتاب المغربي.