مع تعدد التحفيزات الإماراتي يقرأ معدل ستة كتب سنويا

أبوظبي - تحتفي الإمارات في شهر مارس من كل عام بـ”شهر القراءة” الذي شكل منذ إطلاقه خطوة فارقة على صعيد إثراء البناء المعرفي للمجتمع وتعزيز مكانة الدولة كوجهة ثقافية وفكرية على المستويين الإقليمي والعالمي.
ويعد شهر القراءة مناسبة وطنية سنوية تشارك خلالها مختلف المؤسسات الحكومية أو الخاصة أو المؤسسات التعليمية والثقافية عبر مبادرات وبرامج تسهم في بناء مجتمع قارئ متسلح بالعلم والمعرفة، وقادر على قيادة مسيرة التنمية في الدولة.
ومنذ إطلاقه حددت الإمارات مجموعة من الأهداف الإستراتيجية لـ”شهر القراءة” تتمثل في الحفاظ على إنجازات الدولة الثقافية والمعرفية، واستدامة جهود مؤسسات الدولة في ترسيخ ثقافة القراءة في المجتمع، وترسيخ القراءة عادة يومية أصيلة لأفراد المجتمع الإماراتي من مواطنين ومقيمين، إضافة إلى تمكين المنظومة الثقافية الوطنية، وإرساء نموذج إماراتي حضاري يحتذى به في مجال القراءة والمعرفة.
وهذا العام تشارك العديد من المؤسسات في فعاليات شهر القراءة على غرار مؤسسة “مكتبة” في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي التي تقدم برنامجا حافلا بمجموعة من المبادرات والفعاليات الثقافية المتنوعة الهادفة إلى تعزيز ثقافة القراءة كأسلوب حياة والاحتفاء بها باعتبارها وسيلة لإثراء المعرفة لدى مختلف فئات المجتمع في أبوظبي.
50.3
في المئة يفضلون القراءة الإلكترونية، فيما يفضل نحو 40.4 في المئة القراءة التقليدية
وتشمل الأنشطة التي ستنظمها “مكتبة” تنظيم أكثر من 100 فعالية وورشة ثقافية متنوعة تشمل برامج وندوات وورشا قرائية ومسابقات تركز من خلالها على مختلف فئات المجتمع في أبوظبي، بمن في ذلك الأطفال والطلبة واليافعين، والأكاديميين وكبار المواطنين وأصحاب الهمم، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الأمسيات الأدبية التي تتزامن مع شهر رمضان المبارك، وإطلاق مبادرة “لنقرأ معا”.
وفي إطار دورها الإستراتيجي وحرصا من وزارة الثقافة والشباب الإماراتية على تمكين الجهات المعنية بالقراءة في الدولة من تنفيذ وتطبيق السياسات والخطط التنموية لتعزيز ثقافة القراءة بين أفراد المجتمع، بادرت الوزارة إلى تصميم مؤشر إستراتيجي لقياس واقع القراءة بين أفراد مجتمع دولة الإمارات.
وبدأت الوزارة بإطلاق القياس الأول للمؤشر في عام 2019، وفي العام 2021 تم تنفيذ القياس الثالث للمؤشر بالتعاون مع المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء وبالتنسيق والتعاون مع شركاء الوزارة الإستراتيجيين وهم مركز أبوظبي للغة العربية، وجامعة زايد، ومبادرة تحدي القراءة العربي.
وشارك في المسح الميداني للمؤشر الذي أطلقته الوزارة 3378 شخصا من المواطنين والمقيمين في الدولة، الذي أسفر عن مجموعة من المعطيات والحقائق حول عادات وميول القراءة في المجتمع الإماراتي.
ووفقا للمسح بلغ متوسط عدد الكتب التي يقرأها الفرد في المجتمع الإماراتي ستة كتب سنويا، فيما بلغت نسبة تشجيع الوالدين أو أحدهما على القراءة من الطفولة 81.1 في المئة.
وأظهر المسح أن 12 في المئة من المشاركين فيه هم أعضاء في ناد أو منتدى للقراءة، فيما رأى 84.5 في المئة ممن شملهم المسح أن التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي ساعدت على زيادة معدلات القراءة لديهم، ورأى نحو 90.4 في المئة أن المبادرات والمشاريع المعرفية والثقافية التي تطلقها الدولة ساهمت في التشجيع على القراءة.
وأشار المسح إلى أن 50.3 في المئة يفضلون القراءة الإلكترونية، فيما يفضل نحو 40.4 في المئة القراءة التقليدية (المواد المطبوعة).
وبحسب المسح تصدرت الموضوعات الدينية قائمة الموضوعات المفضلة للقراءة تلتها الروايات، ثم التاريخ والسياسة، ثم الرياضة، ثم الموضوعات المرتبطة بتنمية الذات، ثم العلوم.
ورصد المسح أربعة أسباب رئيسية تحفز أفراد المجتمع الإماراتي على القراءة تمثلت في الاستمتاع بالقراءة، والحاجة إلى المعلومات، والتحفيز الوظيفي، إضافة إلى توفر البيئة المناسبة للقراءة، وفي الوقت ذاته أشار المسح إلى سببين رئيسين يمنعان أفراد المجتمع من القراءة هما: عدم توفر الوقت الكافي والتفرغ، أو تفضيل ممارسة هواية أخرى.
وإلى جانب “شهر القراءة” اتخذت الإمارات منذ عام 2016 مجموعة الخطوات التي كرست القراءة وجعلت منها حقا ثابتا ومتاحا للجميع منها اعتماد الإستراتيجية الوطنية للقراءة 2016-2026 التي تتضمن 30 توجها وطنيا رئيسيا في قطاعات التعليم والصحة والثقافة، وتنمية المجتمع، والإعلام والمحتوى، وإصدار أول قانون من نوعه للقراءة يضع أطرا تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات حكومية محددة لترسيخ قيمة القراءة في الدولة بشكل مستدام.
ورفعت الإمارات مستوى الاهتمام بالقراءة معلنة عن العديد من المبادرات القرائية والثقافية التي تجاوزت بأهدافها وتأثيراتها الإطار الوطني إلى الإطار العربي والإسلامي، لتسهم في إعداد أجيال مثقفة قادرة على تحسين الواقع عن طريق المعرفة، وتحقيق التنمية المستدامة لمجتمعاتها.
وجسد تحدي القراءة العربي الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رؤيته لإعداد جيل متمكن من الرواد والمبدعين والمبتكرين العرب ممن يمتلكون القدرات والمهارات والكفاءات والمعارف لتجديد الإنتاج العلمي والمعرفي في العالم العربي وإرساء المقومات اللازمة لاستئناف مساهمة المنطقة في مسيرة الحضارة العربية واستعادة الدور التاريخي المشهود للمنطقة كمساهم فاعل في الحضارة الإنسانية.
وتظهر أرقام الدورات الست مجتمعةً لتحدي القراءة العربي، الذي سجل منذ انطلاقه حتى اليوم حوالي 79 مليون قارئ مشارك، حجم الجهود التي تقودها الإمارات لتطوير واقع القراءة والمعرفة في الوطن العربي والعالم، خاصة لدى النشء والأجيال الشابة.