مع تصاعد الخلافات.. فرنسا تستعجل فرض عقوبات أوروبية على تركيا

مسؤول أميركي يؤكد توجه بلاده لفرض عقوبات على تركيا على خلفية اختبارها منظومة إس-400 الروسية.
الخميس 2020/10/29
تجييش اردوغان ضد فرنسا يدفع تركيا نحو عزلة أكبر

باريس - أعلن سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، الأربعاء، أنّ بلاده ستؤيد فرض "عقوبات" على المستوى الأوروبي ضد تركيا في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة على خلفية عدة ملفات.

وقال بون في مجلس الشيوخ الفرنسي "سنؤيد تدابير أوروبية تعكس ردة فعل قوية، من بينها أداة العقوبات المحتملة".

وأضاف "الفصل الأخير الذي يدفع كل يوم حدود اللامقبول، والرئيس أردوغان الذي يهين رئيس الجمهورية يثبت وجود إستراتيجية شاملة لدى تركيا تقضي بمضاعفة الاستفزازات من كافة النواحي".

والاثنين، دعا أردوغان مواطنيه إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية بعد أيام على استدعاء باريس سفيرها في أنقرة بعد أن شكك الرئيس التركي في "الصحة العقلية" لنظيره الفرنسي.

ونددت تركيا بدفاع الرئيس الفرنسي عن حرية نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد خلال تأبين صمويل باتي، المعلم الفرنسي الذي قُطع رأسه لعرضه رسوما كاريكاتورية للنبي في إحدى حصصه.

والأربعاء، انتقد الرئيس التركي أردوغان بشدة، تصويره في رسم كاريكاتوري نشرته مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، معتبرا أنه "هجوم حقير" من جانب "أوغاد".

وتعهد مكتب أردوغان باتخاذ إجراءات "قضائية ودبلوماسية" لم يحددها، ردا على غلاف العدد الأخير للمجلة، الذي يُظهر رسماً كاريكاتورياً لأردوغان يرتدي ملابس داخلية ويمسك بيده علبة بيرة، فيما يرفع بيده الثانية عباءة امرأة محجبة.

وأثار الرسم غضب الأوساط السياسية التركية وزاد من الأزمة التي تحيط بعلاقات تركيا المتدهورة أساسا مع فرنسا.وأوضح بون أن "الهدف هو نفسه على الدوام ممارسة ضغوط قصوى على جيرانه وتحديدا على الاتحاد الأوروبي. كنا ساذجين لفترة طويلة".

من جانبه أشار المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال، الأربعاء، إلى "الوحدة الأوروبية الكبيرة" حول فرنسا في مواجهة تركيا، وذلك بعد تصريحات لأردوغان شكك فيها في الصحة العقلية لماكرون، واتهمه بأنه "يقود حملة كراهية" ضد المسلمين، كما دعا إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.

ولقي الرئيس الفرنسي ردود فعل داعمة في أوروبا، فقد أدانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التصريحات "التشهيرية" ضده.

وندّد رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي بالتصريحات "غير المقبولة" للرئيس التركي، فيما دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنقرة إلى "وقف دوامة المواجهة الخطيرة".

وحذرت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء، من أن الدعوة لمقاطعة المنتجات الفرنسية "تتنافى مع روحية" الاتفاقات الدبلوماسية والتجارية الموقعة من جانب تركيا مع بروكسل و"ستُبعدها أكثر" عن الاتحاد الأوروبي.

وقال متحدث باسم المفوضية إن "اتفاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا تنصّ على التبادل الحرّ للسلع. ينبغي احترام الاتفاق بشكل كامل والموجبات الثنائية التي تعهّدت تركيا بالالتزام بها في إطار هذه الاتفاقات".

وأضاف "الدعوات لمقاطعة منتجات أي دولة عضو تتنافى مع روحية هذه الموجبات وستُبعد تركيا أكثر عن الاتحاد الأوروبي".

وتضاف هذه الأزمة إلى توترات أخرى بين أنقرة وباريس حول النزاعات في سوريا وليبيا وحول الخلافات في شرق المتوسط.

وأثار اكتشاف حقول غاز في شرق المتوسط اهتمام الدول المطلة عليه كاليونان وقبرص وتركيا ومصر وإسرائيل وحرك الخلافات حول الحدود البحرية.

وفي ختام قمة أوروبية منتصف أكتوبر في بروكسل انتقد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال استئناف تركيا التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط وذكر بان الاتحاد الأوروبي ينوي تقييم الوضع في ديسمبر تمهيدا لاحتمال فرض عقوبات.

وتشارك أنقرة عسكريا في ليبيا دعما لحكومة الوفاق الليبية وفي سوريا ضد القوات الكردية حليفة الائتلاف الدولي الذي ينتمي إليه أعضاء في الاتحاد الأوروبي ضد جهاديي تنظيم داعش.

وتدعم الحكومة التركية أيضا قوات أذربيجان ضد الانفصاليين الأرمن في ناغورني قره باغ.

وتركيا تحت تهديد العقوبات الأميركية بعد أن اختبرت مؤخرا المنظومة الصاروخية الدفاعية الروسية "اس-400" المثيرة للجدل، رغم انتقادات واشنطن وتحذيرات حلف شمال الأطلسي والذي تنتمي أنقرة إليه.

وأعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، أنّ خطر تعرّض تركيا لعقوبات أميركية بعد اختبارها منظومة إس-400 الصاروخية الروسية للدفاع الجوي بات "حقيقياً جداً".

وقال كلارك كوبر المسؤول عن مبيعات الأسلحة في الوزارة إن "العقوبات فكرة باتت مطروحة إلى حدّ بعيد" بعد أن أعلن أردوغان الأسبوع الماضي أن بلاده اختبرت في 16 أكتوبر منظومة الدفاع الجوي الروسية التي تقول واشنطن إنّها تتعارض وعضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي.