معركة ليّ أذرع في الأفق بعد فض اعتصام للنقابات الأمنية في تونس

حالة من الاحتقان تسود في عدة مواقع للاعتصامات حيث رفض معتصمون في خيمة بمحيط مطار قرطاج أوامر قادة الشرطة بمغادرة المكان.
السبت 2022/09/03
مواجهات تهدد الأمن العام في تونس

تونس - أطلقت قوات الأمن التونسية الغاز المسيل للدموع لفض اعتصامات واحتجاجات لنقابات أمنية ليل الخميس – الجمعة، ما يشير إلى حجم التصعيد وتحول الخلافات إلى تحركات ميدانية غير مسبوقة تهدد السلم الأهلي.

ونصبت عناصر أمنية تنتسب لنقابات منذ عدة أيام خياما للاعتصام ضد قرار الرئيس التونسي قيس سعيد لحل الأنشطة النقابية ودعوته لأن تبقى هذه الأنشطة ذات صبغة اجتماعية وفي هيكل موحد، وهو ما يرفضه المعتصمون. كما يحتج نقابيون ضد إحالة أمنيين نقابيين إثنين على القضاء العسكري.

وقالت نقابة قوات الأمن الداخلي ردا على دعوة إن “التعددية النقابية مكسب للجميع، فيها اختلاف في الرأي وفي المواقف وكلها تصب في مصلحة الأمني وتبقى مكسبا لكل الأمنيين”، وهو ما اعتبر بداية معركة كسر عظم بين السلطة التنفيذية ممثلة في مؤسسة الرئاسة ووزارة الداخلية والنقابات الأمنية.

وبدأت الأزمة منذ انسحاب عناصر أمنية من تأمين عرض مسرحي ساخر في صفاقس في أغسطس الماضي. ورفض الرئيس التونسي هذه الخطوة وقال إنها تمثل “إخلالا بالواجب وإضرابا مقنعا”.

مناوشات بين عناصر أمنية نقابية بزي مدني وقوات أمنية إثر فض اعتصام باستخدام الغاز المسيل للدموع في صفاقس

وأثار الناطق الرسمي باسم النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي شكري حمادة جدلا واسعا حينما صرح “بأن أيّ ممثل مسرحي يتعمّد التفوّه بكلام بذيء والقيام بحركات غير أخلاقية ستتمّ مقاطعة عرضه من قبل الأمنيين ولن يتمّ تأمين العرض له”.

وتسود حالة من الاحتقان في عدة مواقع للاعتصامات حيث رفض معتصمون في خيمة بمحيط مطار قرطاج الدولي أوامر قادة الشرطة بمغادرة المكان.

وأظهرت مقاطع فيديو مناوشات بين عناصر أمنية نقابية بزي مدني وقوات أمنية إثر فض اعتصام باستخدام الغاز المسيل للدموع على مقربة من مقر إقليم الأمن الوطني بصفاقس. وهتف نقابيون “كرامة حرية نقابة وطنية”.

وتعتبر هذه التحركات أول خلاف علني داخل المؤسسة الأمنية منذ إعلان سعيد التدابير الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021، قبل أن يقيل الحكومة والبرلمان ويضع دستورا جديدا للبلاد وسط انتقادات بعض القوى المعارضة وبعض الجهات الدولية.

ويرى مراقبون أن معركة ليّ أذرع باتت في الأفق بين الداخلية والنقابات الأمنية بعد فض الاعتصامات ستكون لها العديد من التداعيات على الوضع العام، خاصة وأن تونس تعيش حالة من عدم الاستقرار مع تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

وقد سبق لقوات أمنية أن حاصرت محكمة في محافظة بن عروس أثناء محاكمة عناصر أمنية واختبرت على ما يبدو حدود قدرتها على الضغط، لكن فض اعتصام الأمنيين الجمعة يشير أيضا إلى أن الداخلية التونسية عازمة على تطبيق القانون بحزم حتى مع منتسبيها لإنهاء ما يعتبره البعض سلطة موازية لسلطة الدولة.

وصعد وزير الداخلية توفيق شرف الدين من الإجراءات لتقليم أظافر النقابات الأمنية والحد من نفوذها حيث قرر الأسبوع الجاري إيقاف الاقتطاع من أجور الأمنيين لفائدة النقابات.

وأشارت وسائل إعلام محلية الثلاثاء الماضي إلى أن شرف الدين أصدر ملحوظة عمل موجّهة إلى مختلف المصالح المعنيّة في وزارة الداخلية تقضي بإيقاف الاقتطاع من أجور الأمنيين بخصوص الانخراطات في النقابات الأمنية وذلك بداية من شهر سبتمبر.

وواصلت وزارة الداخلية التصعيد ضد تحركات واعتصامات النقابات الأمنية ميدانيا حيث أفادت الناطقة باسم وزارة الداخلية فضيلة الخليفي خلال ندوة صحافية الجمعة أنه لا يمكن التهاون مع المتورطين في الإخلال بالعمل الأمني ومن لا يحترمون المؤسسات.

تحركات ميدانية غير مسبوقة
تحركات ميدانية غير مسبوقة

وقالت الخليفي “إن الخيام التي أقامها عدد من النقابيين أمام مقرات أمنية في عدد من المناطق تصعيد احتجاجي غير مقبول”، مشيرة إلى “تتالي الانتقادات لهذه النقابات واتهامها بارتكاب العديد من التجاوزات”.

وأوضحت أنّ تدخّل عناصر الأمن لإزالة هذه الخيام جاء بعد فشل المفاوضات مع النقابيين الأمنيين لإزالتها طوعا ودون ضغوط، مؤكدة “حدوث بعض التجاوزات من قبل المعتصمين من الأمنيين أثناء إزالة الخيام”.

وأشارت في هذا الصدد إلى اعتداء المنتمين للنقابات من المعتصمين على عدد من الأمنيين، مضيفة “بعض النقابيين استخدموا الغاز المشل للحركة في مواجهة العناصر الأمنية المكلفين مما اضطرّهم للرد باستعمال الغاز المسيل للدموع”.

وأكدت أن بعض المعتصمين تعمدوا إضرام النار في انتهاك للقانون، مشيرة إلى أنه تم فتح تحقيق في الأحداث الأخيرة.

ورغم أن الناطقة باسم وزارة الداخلية أكدت بأن الوزارة والجهات المعنية لا تزال منفتحة على العمل النقابي في ظل احترام القانون دون المس بثوابت العمل، لكن يبدو أن الفترة القادمة مقبلة على المزيد من التصعيد من قبل النقابات الأمنية.

4