معركة إسطنبول تختبر أردوغان على منافسة المعارضة بالانتخابات البلدية

إعادة انتخاب أكرم إمام أوغلو، سيُكسبه نقاطا في الانتخابات الرئاسية لعام 2028، ويغذي التوقعات بأن يصبح زعيما وطنيا في المستقبل.
الأحد 2024/03/31
انتخابات ثأرية لأردوغان بعد هزيمة 2019

إسطنبول - بدأ الناخبون الأتراك البالغ عددهم 61 مليونا التصويت اليوم الأحد في انتخابات بلدية على مستوى البلاد تركز على مساعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستعادة السيطرة على إسطنبول من منافسه الرئيسي أكرم إمام أوغلو الذي يهدف إلى تعزيز المعارضة من جديد كقوة سياسية بعد الهزائم المريرة في الانتخابات العام الماضي.

ووجه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو لأردوغان وحزبه العدالة والتنمية أكبر ضربة انتخابية منذ عقدين في السلطة بفوزه في انتخابات عام 2019. ورد الرئيس في 2023 بتأمين إعادة انتخابه رئيسا للبلاد والفوز بأغلبية برلمانية مع حلفائه القوميين.

ويمكن لانتخابات اليوم الأحد أن تعزز الآن سيطرة أردوغان على تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، أو تشير إلى تغيير في المشهد السياسي المنقسم في البلد ذات الاقتصاد الناشئ المهم. ويُنظر إلى فوز إمام أوغلو على أنه يغذي التوقعات بأن يصبح زعيما وطنيا في المستقبل.

وفتحت مراكز التصويت أبوابها الساعة السابعة صباحا (04:00 بتوقيت غرينتش) في شرق تركيا، بينما يبدأ التصويت في أماكن أخرى الساعة الثامنة صباحا وينتهي الساعة الخامسة مساء. ومن المتوقع صدور النتائج الأولية بحلول الساعة العاشرة مساء (19:00 بتوقيت غرينتش).

وألقى أردوغان (70 عاما) بكل ثقله في الحملة الانتخابية فجاب البلد البالغ عدد سكانه 85 مليون نسمة إلى جانب مرشحي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه وعقد مهرجانات انتخابية بوتيرة وصلت أحيانا إلى أربعة مهرجانات في اليوم.

وخاض شخصيا معركة مرشحه لإسطنبول مراد كوروم، وهو وزير سابق يفتقر إلى الشعبية، غالبا ما يظهر في لافتاته إلى جانب الرئيس.

ويسعى أردوغان عبر هذه الانتخابات الثأر للإهانة التي تعرض لها بهزيمة حزبه عام 2019 أمام رئيس البلدية المنتهية ولايته إمام أوغلو في العاصمة الاقتصادية للبلاد أحد أبرز معاقل حزبه.

ويرى مراقبون أنه في حال إعادة انتخاب أكرم إمام أوغلو، فإن ذلك سيُكسبه نقاطا في الانتخابات الرئاسية لعام 2028.

والسبت، قبل يوم من الانتخابات، عقد أردوغان ثلاثة تجمعات انتخابية في إسطنبول، القسطنطينية السابقة التي يصفها بأنها "الجوهرة، الكنز، قرّة عين أمّتنا" والتي كان رئيس بلديتها في التسعينات قبل أن يصبح رئيسا لتركيا.

وخلال تلك التجمعات، تحدث مجددا عن "أوجه القصور" لدى إمام أوغلو الذي وصفه بأنه شخص طموح لا يكترث كثيرا لمدينته و"رئيس بلدية بدوام جزئي" مهووس بالرئاسة.

وقال قبل توجّهه للصلاة في مسجد آيا صوفيا "أُهملت إسطنبول على مدى السنوات الخمس الماضية. نحن نسعى لإنقاذها من كارثة".

ورغم أنّ استطلاعات الرأي تشير إلى تقدّم طفيف لرئيس البلدية المنتهية ولايته، فإن ذلك لا يعني أنّ فوزه محسوم أو شبه محسوم في الانتخابات البلدية، لا سيّما أنّ فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية في مايو جاء مخالفا للتوقعات.

وخلافا للانتخابات البلدية التي أجريت عام 2019، فإن المعارضة هذه المرة مشتتة. لم يتمكن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، من الحصول على دعم الأحزاب الأخرى، سواء في إسطنبول لصالح إمام أوغلو أو في أي مدينة أخرى في تركيا.

أما حزب الشعوب الديمقراطي "ديم" الموالي للأكراد فيخوض الانتخابات البلدية بمفرده مجازفا بالخسارة أمام الحزب الحاكم المهدد هو نفسه في بعض المناطق بحزب ينيدن رفاه (الرفاه الجديد) الإسلامي.

من جهته، أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل السبت فيما كان يقوم بجولة في مدينة إزمير الواقعة في غرب البلاد والتي يتوقع أن تبقى بيد المعارضة مثل العاصمة أنقرة "سنحقق غدا انتصارا عظيما لن يكون هزيمة لأحد (...) ففي النهاية، تركيا هي التي ستنتصر".

وفي إسطنبول، حرص إمام أوغلو على التحدث فقط عن قضايا محلية معددا الإنجازات التي حققها والتي سيحققها.

وفي بلد يواجه تضخما نسبته 67 بالمئة على أساس سنوي وانهيارا في عملته (من 19 إلى 31 ليرة مقابل الدولار في عام)، قد يميل الناخبون إلى إعطاء الأفضلية لمعارضي أردوغان.

ومن بين العوامل التي تعمل ضد أردوغان زيادة التأييد لحزب الرفاه الجديد الإسلامي بسبب موقفه المتشدد ضد إسرائيل بشأن الحرب في غزة وعدم الرضا عن أسلوب تعامل حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية مع الاقتصاد.

بالنسبة إلى المراقبين، سيكون لنسبة المشاركة التي عادة ما تكون مرتفعة، دور حاسم لا سيما في إسطنبول إذا تحرّك الناخبون بأعداد أقل لدعم إمام أوغلو.

وقال بيرم بالتشي، الباحث في مركز الدراسات والبحوث الدولية في باريس، "إذا تمكن إمام أوغلو من الانتصار، سيكون فاز بمعركته داخل المعارضة لترسيخ نفسه" كمرشّح رئيسي للانتخابات الرئاسية المقبلة.

لكن على عكس ذلك "إذا تمكن أردوغان من الفوز بإسطنبول وأنقرة، سيرى (الرئيس التركي) ذلك بمثابة تشجيع لتعديل الدستور بهدف الترشح في العام 2028" لولاية رابعة.

في المدن الكبرى، سيختار الناخبون رؤساء بلدياتهم وكذلك أعضاء المجالس البلدية ورؤساء بلديات المناطق والمخاتير.