معركة أرقام للتغطية على انتشار الأمية في العراق

بغداد - أثارت أرقام نشرتها وزارة التخطيط العراقية، وضعت محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق ثانية بعد محافظة المثنّى بجنوب البلاد في معدّل انتشار الأمّية بين السكان، حفيظة سلطات الإقليم. كما سلّطت الضوء على محاولات التقليل من شأن الظاهرة رغم تفاقمها وبلوغها مديات غير مقبولة في بلد عريق في مجال التعليم ولا تعوزه الإمكانيات المادية لنشره والارتقاء بجودته.
ووصفت وزارة التربية في الإقليم شبه المستقل بغير الدقيقة الأرقام التي نشرتها الوزارة وجاء فيها أنّ المثنى تتصدر المحافظات العراقية من حيث نسب الأمية بنسبة 22 في المئة تليها محافظة دهوك بنسبة 18 في المئة.
ورغم تشكيك عدّة شخصيات عراقية في دقة الأرقام المنشورة لجهة أنّها أرقام مخفّضة بشكل كبير ولا تعكس حقيقة انتشار الأميّة بين العراقيين، فقد رأت سلطات كردستان العراق أن وضع دهوك في تلك المرتبة المتقدّمة على سلّم انتشار الأمية يقلّل من جهودها في نشر التعليم ورعايته
28
في المئة نسبة الأمية في صفوف الإناث فيما تقدر في صفوف الذكور بنحو 13 في المئة
وجاء في بيان صدر عن المتحدث باسم وزارة التربية في إقليم كردستان سامان سيويلي أنّ ما نشرته وزارة التخطيط العراقية يفتقر إلى التحليل والمقارنة من أجل معرفة مستوى الأمية في السنوات الأربع الماضية في جميع محافظات كردستان، وخاصة في محافظة دهوك حيث أجريت إحصاءات بالاستناد إلى بيانات هيئة الإحصاء في إقليم كردستان وهيئة الإحصاء العراقية وبإشراف منظمة الأمم المتحدة.
وأكد البيان أن معدل الأمية انخفض بشكل كبير في أنحاء الإقليم وخاصة في محافظة دهوك مقارنة بعامي 2012 و2018، حيث تم إجراء استطلاع أظهر انخفاض معدل الأمية بنسبة كبيرة وهذا دليل على وجود خطة محكمة.
وهذه ليست المرّة الأولى التي تشكّك فيها جهة ما في الأرقام والإحصائيات الرسمية التي تنشرها الحكومات العراقية؛ حيث تسود قناعة بأنّ مجال الإحصاء، الذي يصنّف ضمن العلوم الصحيحة وتضطلع به هيئات وازنة وذات مصداقية وتوظف فيه كفاءات عالية نظرا لحاجة الدول الماسّة إليه، يمرّ بأزمة حادّة في العراق لعدّة أسباب على رأسها الفساد المستشري الذي تحرسه جهات نافذة تجد لها مصلحة حيوية في تغييب الحقائق من خلال خلط الأرقام وتزييفها.
وأضاف المسؤول الكردي في بيانه “من حيث نسبة التحاق الطلبة بالدراسة في إقليم كردستان تأتي دهوك في المرتبة الثانية بعد أربيل بعدد الطلاب الملتحقين بالدراسة، ووصل عدد الطلاب المسجلين في الصف الأول 34122 طالبا”، مبينا أن “دهوك هي ثالث محافظة من حيث عدد السكان لكنها سجلت ثاني أكبر عدد من الطلاب الملتحقين بالصف الأول الابتدائي. وهذا يعني أن مستوى الالتحاق بالتعليم في أعلى مستوى له”.
وكان المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبدالزهرة الهنداوي قد ذكر في وقت سابق أن المسح الأخير الذي أجرته الوزارة أظهر أن نسبة الأمية في عموم العراق بلغت 12.3 في المئة منخفضة من 20.5 في المئة سنة 2010.
كما أشار إلى ارتفاع نسبة الأمية في صفوف الإناث إلى حوالي 28 في المئة فيما تقدر في صفوف الذكور بنحو 13 في المئة.
وذكر أنّ لدى وزارته خططا تنسجم مع السياسة الوطنية للسكان ورؤية العراق للتنمية المستدامة 2020 ـ 2030، تستهدف النهوض بمستوى التعليم وتحسين آليات وأساليب التعليم في العراق.
ومن جهتها أعلنت وزارة التربية العراقية عن عدة قرارات ستطبق بدءا من السنة الدراسية الجديدة وتقضي بإلغاء الدور الثالث للمراحل الدراسية كافة وإلغاء تحسين المعدّل والتخلّي عن نظام المحاولات، بالإضافة إلى إلغاء نظام تنوع التعليم بين إحيائي وتطبيقي والعودة إلى اعتماد فرع علمي وآخر أدبي.
ويأتي ذلك في إطار سلسلة محاولات توصف بالخجولة والسطحية لإصلاح التعليم في البلد والحدّ من تدهوره، بعيدا عن الإصلاحات الجوهرية المطلوبة من قبل أهل الاختصاص.
وشهدت العملية التعليمية في العراق خلال العقدين الأخيرين تراجعا كبيرا في مختلف المستويات بعد أن حقق البلد في فترات سابقة قفزات نوعية ليس فقط في مجال محو الأمية وإنما أيضا في تحقيق قدر محترم من جودة التعليم ومخرجاته.
ويأتي التشكيك في كل ما ينشر حاليا بشأن التعليم في العراق من أنّ الحكّام الذين تعاقبوا على قيادة البلد في فترة ما بعد الغزو الأميركي لم يقدّموا شيئا يذكر للعملية التعليمية بل أدخلوا عليها الاعتبارات الطائفية وأهدروا جميع الأموال المرصودة لتنمية البنى التحتية وتخريج الإطارات التعليمية الكفؤة.