معرض لندني يسلط الضوء على فيكتور هوغو الرسام

المعرض الذي يضم حوالي 70 رسما، يسعى إلى تناول العلاقة بين أعمال فيكتور هوغو الفنية والأدبية.
الاثنين 2025/03/24
نظرة سريعة على موهبة أديب متميز

لندن – يشتهر الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو (1802-1885) حول العالم بأعماله الأدبية الناجحة، خصوصا في روايتيه “أحدب نوتردام” و”البؤساء”، لكنّ معرضا جديدا في لندن يضيء على جانب فني لديه لا يحظى بشهرة كبيرة، وهو الرسم.

يتتبّع المعرض الذي انطلق الجمعة في الأكاديمية الملكية للفنون بعنوان “أشياء مذهلة: رسومات فيكتور هوغو”، شغف هوغو بالرسوم التوضيحية، بعد 140 عاما من وفاته.

وتشير ملاحظات المعرض إلى أنه على الرغم من أن الكاتب الرومانسي والسياسي برز كشخصية عامة رئيسية في فرنسا في القرن التاسع عشر، إلا أن “ملاذه الشخصي كان الرسم.”

وأشارت الأكاديمية الملكية للفنون، إلى أن “رؤى هوغو ورسوماته بتقنية الحبر والغسل للقلاع والوحوش والمناظر البحرية الخيالية تتمتع بشاعرية تضاهي تلك الموجودة في كتاباته.”

“ملاذه الشخصي كان الرسم.”
ملاذه الشخصي كان الرسم

وأضافت الأكاديمية “ألهمت أعماله الشعراء الرومانسيين والرمزيين، والعديد من الفنانين، بمن فيهم السرياليون. وقد شبّهها فينسنت فان غوخ بالأشياء المذهلة.”

«أمير الأدب الفرنسي» كما يلقب في فرنسا والذي لا تزال مؤلفاته تباع وتتحول إلى أفلام ومسرحيات، رسم أكثر من 4 آلاف لوحة بعضها لم يستخدم فيها غير اللونين الأسود والبني بينما رسم عددا قليلا من لوحاته على منسوجات صبغها بألوان متنوعة.

ولفترة طويلة، لم يعرض هوغو رسوماته إلا على أصدقائه المقربين، مع أنه حرص على بقائها محفوظة للأجيال المقبلة من خلال التبرع بها للمكتبة الوطنية الفرنسية.

ولم تكتشف موهبته في الرسم على نطاق واسع إلا بعد رحيله بحوالي ثلاث سنوات، وشكّلت موضع درس واهتمام من قبل النقّاد والمؤرخين الذين حاولوا الكشف عن تقاطعاتها مع كتاباته وحياته الشخصية وآرائه ومواقفه السياسية والفكرية.

ولفتت الأكاديمية الملكية للفنون إلى أن هذه الأعمال التي صُنع كثير منها بتقنية الحبر والغسل وبقلم الغرافيت والفحم، “نادرا ما تُعرض للعامة، وقد شوهدت آخر مرة في المملكة المتحدة قبل أكثر من 50 عاما.”

وُلد فيكتور ليوبولد هوغو في باريس لوالد يعمل ضابطا في جيش نابليون بونابرت، وهو ما ساعده على أن ينشأ في بيئة أرستقراطية، وقد غرس فيه والده حب الأدب حيث كان شاعرا، وكانت ظروف عمل الأب تضطر الأسرة إلى الانتقال من مكان إلى آخر كل عدة سنوات، لذلك فقد عاش هوغو طفولته متنقلا بين باريس وعواصم أخرى في صباه الباكر، قبل أن تنتقل الأسرة للعيش في مدريد عدة سنوات، قبل أن تعود إلى باريس مرة أخرى. وانعكس ذلك على فيكتور وأدى إلى تنوّع ثقافته.

ومنذ بداية شهرته عرف بمعارضته هدم المواقع التاريخية، واعتراضه على عقوبة الإعدام، وشجبه الظلم الاجتماعي، ودفاعه عن الفقراء والمحرومين في المجتمع. وتخلد مناصب سياسية حيث انتخب نائبا عن باريس في الجمعية التأسيسية، ثم في الجمعية التشريعية، وقدّم دعمه للأمير لويس نابليون، الذي انتُخِب رئيسا في عام 1848، لكن تحوُّل نابليون نحو نظام استبدادي، وتنصيب نفسه إمبراطورا عام 1851، قادا الروائي إلى الهرب إلى بروكسل ومنها إلى جزيرتي جيرسي وغيرنسي في القنال الإنجليزي، أين عاش 20 عاما في المنفى.

حح

ومن أشهر أعماله الأدبية “البؤساء” التي كان لها دورها في تأجيج الثورة ضد الحكم الملكي وتأسيس الجمهورية الفرنسية. وقد طغت شهرته كأديب وشاعر على شهرته كرسام، ولا يعرف الكثير من قرائه أنه كان رساما مميزا كما هي مؤلفاته.

وصدرت عدة كتب ودراسات تناولت هذا الجانب الخفي من إبداع هوغو منها كتاب جان سرغان، الصادر عام 1965 بعنوان: “فيكتور هوغو رساما عبقريا”، ويبين هذا الكتاب أن سنوات المنفى كانت من أخصب فترات الإبداع الفني لفيكتور هوغو، وبين أن جزءا كبيرا من هذه الرسومات هي إبداع تجريدي وسيريالي حتى قبل وجود التجريدية والسريالية كمذاهب فنية محددة.

وتظهر رسوماته مدى تفرده من خلال مزيج التمثيلات المجردة والقوية والصعبة التي نجدها في أعماله. والتقاطعات بين كتاباته ورسوماته عديدة، حتى لو كان من الصعب إدراكها، إذ يكفي أنها نابعة من روح الشخص نفسه الذي عرف بدفاعه المستميت عن العدالة الاجتماعية، إلى جانب حساسيته كفنان ومصمم معماري.

ويسعى المعرض الذي يستمر حتى 29 يونيو المقبل ويضم حوالي 70 رسما، إلى تناول العلاقة بين أعمال هوغو الفنية والأدبية. وقد أُنجزت معظم الأعمال بين العامين 1850 و1870، وهي الفترة التي نُفي فيها إلى جزيرة غيرنسي عقب انقلاب نابليون الثالث في ديسمبر 1851. وقد أكمل هوغو خلال منفاه بعضا من أهم أعماله، بينها خصوصا “البؤساء.”

ويتتبع المعرض تطور مسيرته في مجال الرسم، من الرسوم الكاريكاتورية ورسومات الرحلات في بداياته إلى المناظر الطبيعية الدرامية وتجاربه في التجريد. بينما كانت كتاباته متجذرة في الواقع وتناولت مواضيع مثل الحرمان الاجتماعي وعقوبة الإعدام، إلا أن بعض رسوماته كانت أكثر غموضا، مثل لوحة “الفطر” التي تُصوّر فطرا عملاقا مجسما. ومع ذلك، يُمكن رؤية تأثير معتقداته السياسية في لوحة “Ecce Lex” التي تُظهر رجلا مشنوقا.

وهذا المعرض ليس الأول من نوعه، فمنذ منذ عام 1952، كانت هناك معارض مخصصة لرسومات فيكتور هوغو، في كل ذكرى لميلاده أو وفاته، وبعضها نظم في منزل الأديب الاستثنائي الذي تحول إلى متحف. لكن رغم ذلك ما تزال رسوماته أقل شهرة من كتبه.

حح

15