معرض لبناني يستعرض "بدايات الصحافة العربية"

المعرض يسلط الضوء على لبنان ودوره في نهضة الصحافة ويقدم نماذج صحافية من أول صحيفة صدرت في بيروت.
الخميس 2023/08/03
بداية التأسيس لمشهد صحفي متنوع

بيروت - يستمر متحف نابو الواقع شمالي لبنان حتى السادس عشر من سبتمبر المقبل، في عرض لمحة عن نشأة الصحافة في الدول العربية وبداياتها منذ بدايات القرن التاسع عشر وصولا إلى منتصف القرن العشرين، ضمن معرض فوتوغرافي يحمل عنوان “بدايات الصحافة العربية”.

المعرض يعد أرشيفا يعود إلى أبرز المحطات التاريخية للصحافة المكتوبة ويتيح لزواره فرصة الاطّلاع على قرابة أربعمئة نسخة من أعداد نادرة لصُحف صدرت في تلك الفترة، ويشمل مساحة جغرافية عربية متنوّعة. كما تعرض النسخ الأصلية لهذه الجرائد والدوريات ضمن صناديق شفافة.

وتحضر مصر بصفها الدولة العربية التي شهدت صدور أول صحيفة عربية هي صحيفة “الوقائع المصرية” التي أصدرها، باللّغتين العربية والتركية، والي مصر محمد علي باشا في العام 1828.

ويسلط المعرض الضوء أيضا على لبنان ودوره في نهضة الصحافة العربية، من خلال جملة من الأعلام والمفكّرين، والصحافيين ويقدم عناوين ومقالات ونماذج صحافية من أول صحيفة صدرت في بيروت عام 1858 بعنوان “حديقة الأخبار”.

كما يهتم المعرض بصحف عربية صدرت في المهجر بفضل جهود أدباء وشعراء عرب توزّعوا في بلدان مختلفة من أوروبا إلى الولايات المتحدة.

وصنفت المطبوعات في المعرض وفق تخصصها، فمنها ما هو سياسي ومنها ما هو أدبي أو اجتماعي أو حتى نقدي ساخر، إلى جانب الاهتمام بالكتابات النسائية التي كانت تعد رائدة في تلك الحقبة الزمنية مدافعة عن حرية المرأة وحقوقها في مجتمعات ذكورية منغلقة.

ومن العناوين التي يضمّها المعرض “نفير سوريا” التي أصدرها بطرس البستاني عام 1860، و”العصر الجديد” والتي صدرت عام 1910 وتصنف أنها جريدة سياسية تجارية علمية صناعية أدبية زراعية، و”لسان الشرق” التي أسسها أحمد الصابوني في العام 1908 وهي جريدة علمية تجارية سياسية أخلاقية. بالإضافة إلى صحيفة “الفتاة” التي أسّستها في الإسكندرية الكاتبة اللبنانية هند نوفل، وهي أول صحيفة متخصّصة في قضايا النساء وشؤونهنّ صدرت لعامين فقط بين 1892 و1894، وكذلك “العروة الوثقى” التي أنشأها جمال الدين الأفغاني ومفتي الديار المصرية محمد عبده في العام 1884 وكانت موجهة للأمة الإسلامية ودعتها إلى التوحد، وكانت كذلك منبرا مقاوما للاستعمار، لذلك حظرتها السلطات البريطانية المستعمرة في مصر والهند.

المعرض أرشيف يعود إلى أبرز المحطات التاريخية للصحافة المكتوبة ويتيح لزواره فرصة الاطّلاع على قرابة أربعمئة نسخة من أعداد نادرة
المعرض أرشيف يعود إلى أبرز المحطات التاريخية للصحافة المكتوبة ويتيح لزواره فرصة الاطّلاع على قرابة أربعمئة نسخة من أعداد نادرة

ومن الصحف الساخرة، يقدم المعرض لمحة من صحيفة “حمارة منيتي” التي صدرت عام 1900 في عهد الخديوي عباس، وكانت تعد طفرة في تاريخ الصحافة المصرية التي كانت تتسم بالجدية وأخبار السياسة وقتها، وخُطَّ تحت عنوانها الرئيسي “جريدة هزلية فكاهية شقلباظية وأحيانا أدبية سياسية انتقادية حلنجية أسبوعية، ثمن النسخة قرش صاغ واحد”، إلى جانب أسماء أُخرى مثل “السعدان”، و”حطّ بالخرج”، و”العفريت”.

وأوضح بيان للمتحف أن محاولات إحصاء عدد الصّحف والمجلّات العربيّة الصّادرة حول العالم بدأت منذ القرن التاسع عشر. لكن تلك المحاولات، على أهميّتها، لم تستطع تقديم رقم صحيح لأسباب متعددة، منها أنّ عددا من تلك المطبوعات، خاصة تلك الصّادرة في مناطق نائية من المَهاجر، لم تعمّر كثيرا واقتصر انتشارها على عدد ضئيل جدا، لذلك تعذّر إحصاؤها.

وأشار إلى أن الأديب والصحافي اللبناني جرجي زيدان أجرى أوّل إحصاء للصّحف والمجلّات العربيّة سنة 1892، ونشره في العدد الأوّل من مجلّة “الهلال”، مشيرًا إلى صدور 147 صحيفة ومجلّة. وعلى الرغم من أهميّة البحث الذي أجراه زيدان، خاصة من ناحية حفظ أسماء صحف كانت ستكون حتمًا في زوايا النسيان، إلّا أنّ جهوده لم تكن متكاملة.

المحاولة الثّانية لإحصاء الصحف، قام بها ناشر جريدة “طرابلس”، محمّد كامل البحيري، الذي نشر، في العدد الأوّل من جريدته سنة 1893، بحثا قال فيه إنّ عدد الصحف التي صدرت حتّى ذلك التّاريخ بلغ ما يقارب 40 صحيفة. وتوالت الأبحاث والإحصاءات إلى أن أصدر الفيكونت فيليب دو طرازي في بيروت سنة 1913، كتابًا موسوعيًّا من أربعة أجزاء بعنوان “تاريخ الصحافة العربية”. صدرت من هذا الكتاب عدّة طبعات، وأكمل دو طرازي إحصاءه حتّى عام 1929.

14