معرض في المغرب يصور قصر الحمراء الإسباني جسرا بين الثقافات

الفنان الإسباني يسعى للتعريف بالتراث المتواجد في قصر الحمراء حتى لا يبقى خاصا وحكرا على زوار المعلم التاريخي.
الأربعاء 2022/12/07
صور تجعل للقصر زوارا عن بعد

مراكش (المغرب) - يقيم متحف روافد دار الباشا بمراكش معرضا للصور الفوتوغرافية بعنوان “التأمل والاستماع إلى قصر الحمراء، جسر بين الثقافات” للإسباني فرناندو مانسو.

ويشتمل المعرض -الذي يتواصل إلى غاية التاسع والعشرين من يناير المقبل، بمبادرة من سفارة إسبانيا في المغرب والمؤسسة المغربية للمتاحف، وبالتعاون مع معهد سرفانتيس بمراكش- على مجموعة من الصور ذات الحجم الكبير، تبرز جزءا من النقوش الكتابية على جدران قصر الحمراء التاريخي، والتي تعد مثالا واضحا ودليلا آخر على الأهمية التي تكتسيها الكثير من النقوش العربية على الجدران والمآثر المعمارية الأخرى.

ويهدف المعرض -الذي يندرج في إطار الدورة الثالثة لبرنامج “وجوه” المنظمة في العديد من المدن المغربية، والتي تروم تقوية وتعزيز العلاقات الثقافية بين إسبانيا والمغرب- إلى نقل رسالة عالمية لمشاركتها مع كل أولئك الذين يرغبون في الاقتراب من هذه النظرة الجديدة لقصر الحمراء في غرناطة، من أجل التأمل فيها والشعور بها والوقوع في حبها.

وتكتشف نظرة فرناندو مانسو لقطات غير مسبوقة لقصر الحمراء، حيث نجح في التقاط هذا الضوء الخاص وتلك الهالة من الغموض الذي لا يزال يأخذ بألباب الفنانين وعامة الناس.

وتعد الصور الفوتوغرافية لقصر الحمراء، التي يتكون منها هذا المعرض، مثالا لمنهجية العمل الصارمة لهذا الفنان الذي التقطها أحيانا في عزلة تامة وبعيدا عن التكنولوجيات الحديثة، وهي تكشف عن وجٍه آخر غير متوقع لقصر الحمراء، وغير معروف في العديد من المناسبات الأخرى، لأولئك الذين يحظون بالاقتراب يوميا من أحد المعالم الأثرية الأجمل في العالم.

فرناندو مانسو أكد أنه يسعى من خلال هذا العمل الفني للتعريف بالتراث المتواجد في قصر الحمراء حتى لا يبقى حكرا على زوار هذا المعلم التاريخي فقط
فرناندو مانسو أكد أنه يسعى من خلال هذا العمل الفني للتعريف بالتراث المتواجد في قصر الحمراء حتى لا يبقى حكرا على زوار هذا المعلم التاريخي فقط

وفي هذا السياق أعرب الفنان المصور فرناندو مانسو عن اعتزازه بوجوده في متحف روافد دار الباشا لعرض صوره التي التقطها من أماكن محددة بقصر الحمراء، بواسطة كاميرا تقليدية كبيرة الحجم تعود إلى فترة الخمسينات من القرن الماضي، والتي استغرق إنجازها مدة سنة كاملة.

وأضاف أنه “يسخّر جميع أحاسيسه من أجل التقاط صور لأماكن غير واضحة للزوار، وأماكن خاصة أثارت انتباهه في هذا القصر”، مشيرا إلى أنه يسعى، من خلال هذا العمل الفني، إلى التعريف بالتراث المتواجد في قصر الحمراء حتى لا يبقى خاصا وحكرا على زوار هذا المعلم التاريخي فقط.

وبعد أن أكد أن قصر الحمراء يعد من المآثر التاريخية الأكثر أهمية في العالم، أبرز الفنان الإسباني فرناندو مانسو أن هذا المعرض يعرف انطلاقته من مراكش لينظم لاحقا في عدد من البلدان العربية.

من جهتها أكدت محافظة متحف روافد دار الباشا سليمة أيت امبارك أن “هذا المعرض عبارة عن صور لهذا الفنان من قصر الحمراء بإسبانيا، والذي يعد معلمة تاريخية تشكل بناية كبيرة، تنم عن أهمية التراث المادي واللامادي الذي يتقاسمه المغرب والأندلس”، مضيفة أن المعرض ينظم داخل إطار مهم يتمثل في دار الباشا التي هي بدورها عبارة عن بناء أندلسي الطابع والهندسة، و”هذا حوار بين المبنى الذي يرجع إلى أهم فترة في الأندلس وهذه البناية التي ترجع إلى فترة مهمة بالنسبة إلى المغرب والتي هي بداية القرن العشرين، والتجليات الهندسية والفنية والتراثية التي يتقاسمهما البلدان”.

وقالت “إذن هو حوار بين ثقافتين قريبتين تتشاركان الكثير من الخصائص”، مشيرة إلى أن هذه الصور هي أيضا عبارة عن حوار بين الضوء والظل في قصر الحمراء وبين الداخل والخارج لهذه المعلمة، وبين البناية والهندسة وبين الثقافة والطبيعة.

وقصرُ الحمراء هو قصرٌ أَثري وحصن وأحد أهم صروح العمارة الإسلامية، ويحظى بقيمة كبرى لدى الشعوب الإسلامية. ويعد الآن من أهم المعالم السياحية في إسبانيا وتعود بداية تشييده إلى القرن الرابع الهجري، الموافق للقرن العاشر الميلادي، وترجع بعض أجزائه إلى القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي. وقد استغرق بناؤه أكثر من 150 سنة.

ومن سِمات العمارة المغربية الإسلامية الواضحة في أبنية القصر استخدام العناصر الزُخرفية الرقيقة في تنظيمات هندسية كزخارف السجاد، وكتابة الآيات القرآنية والأدعية، بل حتى بعض المدائح والأوصاف من نظم الشعراء كابن زمرك، وتحيط بها زخارف من الجص الملون الذي يكسو الجدران، وبلاطات القيشاني الملون ذات النقوش الهندسية، التي تغطي الأجزاء السفلى من الجدران.

 

14