معرض عمان للكتاب يناقش واقع الدراما الكويتية

تشهد السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في مجال الإنتاج الدرامي الخليجي، الذي بات يقدم أعمالا متميزة من المسلسلات الاجتماعية والكوميدية والتراثية، وبات لافتا عدم الحرص على عرض الأعمال خلال الموسم الرمضاني، حتى أصبح الأمر أشبه بالظاهرة، ولعل من أبرز هذه الأعمال الدرامية الأعمال الكويتية، التي تمثل واحدة من أبرز واجهات الدراما الخليجية اليوم.
عمان - في إطار انفتاحه على الفنون الأخرى وعلى ما تقدمه دول الجوار ناقش معرض عمان الدولي للكتاب أخيرا قضايا الفنون الدرامية في الكويت، البلد الخليجي الرائد في إنتاج المسلسلات.
وخلصت ندوة “الدراما الكويتية” التي أقيمت مساء السبت ضمن فعاليات “معرض عمان للكتاب” في دورته الـ21، إلى أن الدراما التلفزيونية هي ذراع القوة الناعمة لأي بلد، وأن الكويت عاشت عصوراً مزدهرة كدولة متفوقة في الإنتاج الدرامي على صعيد الخليج خصوصاً والعالم العربي عموماً.
التطور والرقابة
تحل الكويت ضيف شرف على فعاليات “معرض عمان للكتاب”، مقدمة برنامجاً ثقافياً ثرياً يغطي مختلف مفردات الثقافة الكويتية، على امتداد فعاليات المعرض الذي يستمر حتى العاشر من الشهر الحالي في المركز العالمي للمعارض – مكة مول.

الدراما الكويتية حظيت بكل الاهتمام والدعم والرعاية الرسمية محققة قفزات نوعية كبرى، نظرا إلى الرهان الذي شكلته
وفي الندوة التي أدارها الكاتب أحمد الطراونة مقدماً إطلالة على أهمية التنوع الفني الذي تميزت به الدراما الكويتية لعقود، أكد الفنان محمد المنصور أن دولة الكويت منذ استقلاها، كانت تتحرك بنهج إبداعي احترافي عالي المستوى على صعيد الإذاعة والتلفزيون، عبر استقطاب العشرات من المبدعين من أنحاء العالم العربي للمساهمة مع أبناء الكويت في بناء نهضتهم، عبر نتاجات تستمد معطياتها من خلال منهجية القوة الناعمة، وسط عالم متشاحن تحكمه القوى الكبرى.
وقال المنصور “حظيت الدراما الكويتية بكل الاهتمام والدعم والرعاية الحكومية، محققة قفزات نوعية كبرى، نظرا إلى الرهان الذي شكلته الدراما لديها على وجه الخصوص، والتي رأت في الدراما التلفزيونية ونجومها ونصوصها المعين الحقيقي في تشكيل شخصية الإنسان الكويتي الجديد ذي البعد العربي القومي الواضح والصريح، وهو أمر راحت تشتغل عليه كافة القطاعات في مرحلة التأسيس والتنوير وما بعد الاستقلال”.
ورغم ما تحظى به الدراما الكويتية من دعم وتحفيز فإنها تواجه إشكالية كبيرة تتمثل في الرقابة، وتشمل الرقابة على الأعمال الدرامية في الكويت أشكالا مُتعددة، من التدخل في سياق الأعمال إلى حذف مشاهد ومقاطع كاملة. أما أكثرها شيوعا فهو التأخّر في إجازة النصوص، فقد تستغرق إجازة بعض النصوص شهورا طويلة، ما يؤثر على عملية الإنتاج الدرامي برمتها. ولا يقتصر الأمر على هذا فقط، بل قد يتعرّض الفنانون الكويتيون لملاحقات قضائية يُدان فيها بعضهم أحيانا.
وتشير الكاتبة المصرية ناهد خزام إلى أن هناك عددا من المحاذير الإضافية التي يرى البعض أنها تتّسم بالمبالغة، كالتعرّض للدول المجاورة أو السخرية من إحدى شرائح المجتمع، بل قد يذهب مقصّ الرقيب إلى تفاصيل أكثر شططا كوضع حدود للصورة التي يجب أن تظهر عليها المرأة والفتاة الكويتيتان. وهي صورة ليس لها علاقة بالعري أو العلاقات الاجتماعية المشينة، فلا يمكنك على سبيل المثال أن ترى في أحد الأعمال الدرامية امرأة أو فتاة كويتية تُدخن.
وتبين أن الرقباء الكويتيون يرون أن دور الدراما هو الحفاظ على المكانة الرفيعة للمرأة الكويتية، بحيث لا تظهر في وضع اجتماعي أو اقتصادي مُشين، فلا يمكن أن ترى امرأة كويتية تعمل كخادمة أو نادلة في مطعم مثلا.
وتابعت أنه لا يخلو موسم درامي من إثارة إشكالية دور الرقابة وحدودها على الأعمال الدرامية، وهو دور يرى البعض أنه يمثل عقبة في سبيل تطور الصناعة الدرامية في الكويت والخليج العربي كافة.
وأشار المنصور إلى علاقة الدراما الكويتية مع الرقابة الحكومية على الإنتاجات، وبين “ظلت الدراما التلفزيونية في علاقتها مع الرقابة، محكومة بالمناخ العام في دولة الكويت حيث المناخ الديمقراطي الذي يحكمه الدستور ومجلس الأمة، ورغم بعض المناوشات التي تحدث بين الحين والآخر بين الرقابة والقائمين على الدراما، إلا أن المناخ الديمقراطي والسقف العام المرتفع للحرية، انعكسا إيجابيا على الإنتاج الدرامي التلفزيوني، حيث ساهم سقف الحريات المرتفع، في دفع مسيرة هذا الإنتاج الذي بات اليوم أحد العناوين الأساسية لتميز دولة الكويت”.
المنافسة القوية

بدوره، عرج الناقد الفني الدكتور فيصل محسن القحطاني، والذي يعمل أستاذاً في قسم التلفزيون بالمعهد العالي للفنون المسرحية، على نشأة وتطور الدراما التلفزيونية في دولة الكويت باعتبارها ركيزة أساسية في التطور الدرامي الخليجي.
وقال القحطاني إن المتابع والمطلع على الدراما التلفزيونية الكويتية، يمكن لهما أن يتبينا مراحل التطور والنكوص في المنتج الدرامي الكويتي.
وأضاف “يمكن تقسيم المراحل الإنتاجية للدراما التلفزيونية الكويتية إلى ثلاث مراحل هي: مرحلة البواكير، ومرحلة العصر الذهبي، ومرحلة البث الفضائي”.
وأوضح “مرحلة البواكير، وهي تلك التي كان فيها المنتج الدرامي التلفزيوني ينتقل من المسرح إلى الخصوصية التلفزيونية، أما مرحلة العصر الذهبي، وتطلق على الفترة من منتصف السبعينات إلى آخر الثمانينات، لما فيها من تطور كبير في حرفية الكتابة الدرامية التلفزيونية، وذلك يعود إلى وجود كتاب محترفين عرب من مصر والأردن والعراق”.
أما مرحلة البث الفضائي فكانت وفق القحطاني “المرحلة التي لم يستطع فيها المنتج الدرامي الكويتي المحافظة على الصدارة التي طالما تمتع بها لثلاثة عقود من الزمان، لسببين رئيسيين، الأول يتمثل في غياب أغلب الكتاب المحترفين في كتابة السيناريو التلفزيوني، والثاني ينحصر في دخول المنتج الدرامي العربي في المنافسة، وهذا ما أثر بشكل كبير على تنامي الدراما التلفزيونية الكويتية”.