معرض سوريا الدولي للكاريكاتير يخصص دورته لذكرى ناجي العلي

دمشق - تحضر ذكرى الفنان الفلسطيني ناجي العلي ضمن معرض سوريا الدولي للكاريكاتير الذي تحمل دورته العشرين لهذا العام اسم العلي رسام الكاريكاتير الفلسطيني، وتتواصل في العاصمة دمشق بمشاركة أكثر من 300 فنان من 63 دولة حتى الخميس.
ومن 1200 عمل مشارك في المسابقة الدولية الخاصة بالمعرض؛ تم اختيار 100 عمل من خلال عملية فرز أنجزتها على ثلاث مراحل لجنة تحكيم محلية ودولية تضم: فان لينتاو من الصين، باول كونتستانتين من رومانيا، شيماء الشريف من مصر، أيدي دارما من أندونيسيا. ومن سوريا موفق مخول، نضال قوشحة، وسام أسعد، ورائد خليل.
وإضافة إلى إعلان المراكز الثلاثة الأولى التي احتلتها إيران وروسيا وكوبا، تم توزيع 20 جائزة خاصة وشرفية في مسرح الدراما بعد افتتاح المعرض عبر فيديو تحدثت فيه لجنة التحكيم إلى الجمهور مثنيةً على هذا المعرض.
وعُرض فيلم "الشاهد والشهيد" سيناريو وإخراج رائد خليل، وفيه قراءة انطباعية عن تجربة الفنان ناجي العلي ومحطات من حياته ثم حادثة اغتياله في لندن عام 1987 لينتهي ببقاء شخصية حنظلة أيقونة شاهدة على إبداعه ورمزا للقضية الفلسطينية.
ولفتت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح إلى أن شخصية حنظلة التي ابتكرها الفنان العالمي ناجي العلي والتي ترمز إلى الإنسان المقاوم تعبّر عنّا جميعا، فهو إذ يبدو منكسرا لكنه يستمر في المقاومة.
واعتبرت أن الأهم من عنوان المعرض "الفنان الشهيد ناجي العلي" هو محتواه، حيث تنوعت اللوحات في مقاربتها وموضوعها، فمنها المضحك والمبكي وهو جوهر العمل الكاريكاتيري الساخر، إذ اختزلت الأعمال سخرية من الأقدار أحيانا ومن الألم والديمقراطية الكاذبة والشعارات الرنانة والفقر المدقع والإعلام الذي تحول إلى سلاح قاتل.
وإضافة إلى 4 لوحات بورتريه تتناول شخصية ناجي العلي، ضم المعرض لوحتين للرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الغارقيْن في طوفان الأقصى كما أوضح الفنان التشكيلي السوري رائد خليل، الذي بيّن أن باقي اللوحات تندرج تحت بند الموضوع الحر الذي يُترك لرغبة الفنان وخياله.
واعتبر مدير المسابقة الدولية أن إقامة هذا المهرجان لابدّ منها أسوة بباقي دول العالم التي تستضيف مدنها عشرات المهرجانات حيث يلقى فن الكاريكاتير رواجا واسعا، مشيرا إلى أنه “في سوريا نسعى إلى تقديم هذا الفن بأحسن صورة ضمن الإمكانات المتاحة، ونسلط عبره الضوء على القضايا المصيرية التي نعيشها، دون إغفال أهمية الاندماج والانصهار الثقافي والتعرف إلى الآخر لتوسيع آفاق المتلقي السوري وإبعاده عن أحادية النظرة أو عن الفنان الشمولي".
وأعرب رائد خليل عن أمله بأن "يقرأ المتلقي الأعمال عبر التفكيك والتركيب وأن يمعن النظر في الإيقاعات اللونية لكل لوحة وما تحمله من ثقافات متعددة، ليفهم الرسالة بعيدا عن النظرة السطحية التي نتجت عن تحويل الكاريكاتير إلى نكتة دارجة وتجريده من مفهومه التعبيري والرمزي، ومن هنا نصل إلى الهدف القريب من هذا المهرجان وهو تقديم نماذج من النتاج الفني العالمي لجمهورنا، أما الهدف البعيد فهو تصدير قضايانا وتوجيه رسالة إلى العالم أننا موجودون على هذه الخريطة، وهو تماما ما نجح فيه الفنان الشهيد ناجي العلي الذي حوّل من خلال رسوماته فلسطين إلى أيقونة عالمية وقضية أممية".
وناجي العلي (1937-1987)، تميز بالنقد اللاذع الذي يعمّق عبر اجتذابه للانتباه الوعي الرائد من خلال رسومه الكاريكاتيرية، ويعتبر من أهم الفنانين الفلسطينيين الذين عملوا على ريادة التغيّر السياسي باستخدام الفن كأحد أساليب التكثيف. له أربعون ألف رسم كاريكاتيري، اغتاله شخص مجهول في لندن عام 1987.
رسم العلي شخصية حنظلة في الكويت عام 1969 في جريدة السياسة الكويتية، على هيئة صبي في العاشرة، ثم أدار ظهره في سنوات ما بعد 1973 وعقد يديه خلف ظهره، وأصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته. لقي هذا الرسم شهرة واسعة وأحبته الجماهير العربية وبخاصة الفلسطينية، وصار حنظلة رمزا للفلسطيني المعذب والقوي رغم كل الصعاب التي تواجهه فهو شاهد صادق على الأحداث ولا يخشى أحدا.
ويقول العلي إن "حنظلة ولد في 5 يونيو 1967، وهو بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية". ويذكر أن معرض سوريا الدولي للكاريكاتير انطلقت دورته الأولى في عام 2005 بعنوان "الكاريكاتير ريشة حرة في عالم مستلب" بمشاركة رسامين من 30 دولة وتناولت لوحاته وقتها الحروب وما تجره من ويلات على الشعوب وبخاصة في المنطقة.
وأثبت المعرض على امتداد دوراته السابقة حضورا فاعلا ومتميزا، وفتح باب الحوار الثقافي والفني مع الفنانين من مختلف دول العالم الذين يشاركون في فعالياته، فضلا عن كونه رسخ نفسه جسر تواصل بين الفنان والمتلقي.
ويلعب المعرض دورا هاما في تسليط الضوء على قامات سورية مبدعة من أدباء وفنانين وغيرهم، من الذين أغنوا الحراك الثقافي والأدبي السوري بإبداعاتهم، حيث بات واحدا من أهم المهرجانات الدولية العالمية لما يتمتع به من انفتاح ومصداقية من قبل لجان التحكيم المتخصصة في كل المجالات الثقافية.