معرض جديد يحتفي بالذكرى الـ700 لوفاة دانتي أب اللغة الإيطالية

روما- تحيي مدينة فورلي الإيطالية ذكرى مرور 700 عام على وفاة دانتي أليجيري بتنظيم عرض ضخم يضم 300 عمل فني يستكشف الأساطير التي تحيط بالشاعر.
وبعد تأجيلات جراء جائحة كورونا، يمكن الآن لمتحف سان دومينيكو عرض القطع الرئيسية التي ترجع إلى عدة قرون.
ويضم معرض “دانتي: رؤية الفن”، الذي يقام بالتعاون مع معرض أوفيتسي بفلورنسا، أعمالا لأشهر الرسامين العالميين من مايكل أنجلو وفران أنجيليكو إلى بابلو بيكاسو وتينتوريتو ويستمر حتى 11 يوليو.
وجرى السماح لمتاحف في أقاليم إيطالية ذات معدلات إصابة معتدلة بفايروس كورونا بإعادة الفتح وهي أنباء جيدة فيما تحتفل البلاد بالشاعر الشهير بـ“الكوميديا الإلهية”.
معرض "دانتي: رؤية الفن" يقام بالتعاون مع معرض أوفيتسي بفلورنسا، ويضم أعمالا لأشهر الرسامين العالميين
وافتتحت إيطاليا منذ سبتمبر 2020 احتفالات ذكرى مرور سبعمئة عام على وفاة شاعرها الوطني دانتي أليجيري والتي تكتمل عام 2021.
وقد انطلقت الفعاليات من مدينة رافينا الواقعة بمنطقة إميليا رومانيا في إيطاليا، وهي مركز الاحتفالات، حيث تم تجديد قبر شاعر العصور الوسطى هناك وإعادة افتتاحه، لتعم على كامل المدن الإيطالية.
وذكرت وسائل الإعلام أن رئيس المدينة تكلم عن دانتي بوصفه يجمع بين “عالم لاهوت، ومؤرخ، وفيلسوف، وسياسي” وعن دوره كرمز ما يزال له أهميته العظيمة حتى اليوم بالنسبة للإيطاليين.
ولد دانتي الملقب بـ“الشاعر الأعلى” وكذلك بـ“أب اللغة الإيطالية” في فلورنسا عام 1265، وتوفي ودفن في رافينا عام 1321، واشتهر الشاعر بقصيدته الملحمية “الكوميديا الإلهية”، التي تنقسم إلى ثلاثة أجزاء. وتصف ملحمته الشعرية رحلة خيالية بين عوالم ثلاثة في الآخرة: الجحيم والمطهر والجنة.
الواقع أن دانتي، اكتفى في تسمية ملحمته بـ“الكوميديا” مقسما إياها إلى ثلاثة فصول: الجحيم، المطهر والجنة الأرضية والسماوية، أما عن صفة “الإلهية” فجاء ذلك بعد مرور ربع قرن من نشرها إذ أضاف الأديب الروائي بوكاتشيو جيوفاني، هذا التوصيف بقصد إضفاء التقديس والكمالية، حيث إنّ الملحمة اتّصفت بالطابع الديني ممزوجا بالطابع الإنساني، وذلك على عكس ما عرف عن ملحمتيْ هوميروس، من مآس خطتها الأقدار وانساقت إليها مسيرة الإنسان بكل إرادته.
أما عن الكوميديا، فهي في مفهوم دانتي، عبور من الألم الذي يمثله الجحيم، نحو الفرح الذي يمثله الفردوس. هذا المفهوم لا يمكن إلا أن يستوعبه حامل أسلوبي، تمثل في اعتماد لغة فلورنسا العامية والميسرة، بعيدا عن الجزالة والتفاصح والاستعراض البلاغي.
وبما أن لكل حكاية مدهشة، قصة موازية، تسير في ظلها وتكشف أو تشي بأسباب وجودها، فإن لصاحب الكوميديا الإلهية، سيرة غريبة كانت السبب في رائعته تلك. إذ إن الشاعر، وعندما بلغ الثامنة عشرة من عمره، وقع في حب بيتريس بورتيناري، الأمر الذي شكل له دافعا لإنجاز هذه الملحمة.
منذ أن توفيت حبيبته حاول دانتي البحث عن موقع له في قسم الأدب اللاتيني. وتوجّه إلى دراسة الفلسفة، لكنه خرج بملحمة مكتوبة بالعامية، وتدير ظهرها إلى كل ما هو فصيح يدّعي الهيبة في واقع يعجّ بالمفارقات الكوميدية.
تبدأ رحلة دانتي بكل ما هو موحش ومثير للفزع متمثلا في عبارة منقوشة على باب الجحيم تقول “يا أيها الداخل هنا اترك وراءك كل أمل”، لكن هذه العبارة المرعبة، تخفي خلفها أعظم قصة حب على الإطلاق، إذ يعبر دانتي مع الشاعر فرجيل، رمز الحكمة الشعرية، ويتجول الاثنان معا في طبقات الجحيم السبع، وصولا إلى مربض الشيطان الذي يقع في أقصى وأبعد مكان عن الإله، ويعرف بـ“الزمهرير”.
انطلقت الفعاليات من مدينة رافينا الواقعة بمنطقة إميليا رومانيا في إيطاليا، وهي مركز الاحتفالات، حيث تم تجديد قبر شاعر العصور الوسطى هناك وإعادة افتتاحه
وتعتبر “الكوميديا الإلهية” من أهم أعمال الأدب العالمي، حيث جعل من خلالها دانتي اللغة الإيطالية لغة أدبية عالمية وساعد على تشكيل الفكر وعالم الخيال في أوروبا.
وقد لا يبدو هذا العمل الشعري مضحكًا نظرا لخوضه في فلسفة وجودية أخلاقية لكن دانتي سمّى شعره الملحمي بـ”الكوميديا” لأنه على خلاف التراجيديا التي تبدأ بآمال مرتفعة وتنتهي نهاية تراجيدية، تبدأ الكوميديا بشكل سيء وتنتهي نهاية حسنة.
وقد ساعد غنى الصور الشعرية لهذه الملحمة في إلهام كبار الرسامين الذين حاولوا القيام برسوم توضيحية لشخصه وقصيدته الشهيرة، فالكوميديا التي خطّها دانتي أثارت ومازالت تثير المخيلة، بما ترسمه من رحلة وجودية في العدم، رحلة يقودها خيال الشاعر الذي فتح ضوءا كاشفا للرسامين والنحاتين ليشتغلوا على تلك المناطق الخارجة من مخيلته والنابعة من فلسفته وأفكاره التي يرى الكثيرون أنه تأثر فيها بما كتبه الشاعر العربي أبوالعلاء المعري في “رسالة الغفران” قبل أكثر من ثلاثة قرون من حياة دانتي.