معرض جدة للكتاب.. إستراتيجيا متكاملة لنشر المعرفة

السعودية تستغل معارض الكتب كقوة ناعمة وتستعد لافتتاح معرض جديد.
الاثنين 2022/12/19
المعرض مساحة تأسيس للمستقبل

تسعى السعودية في إطار توجهاتها الجديدة التي تبدأ برؤية 2030 إلى التأسيس لمجتمع المعرفة والإبداع، وهذا ما خصصت له الكثير من الفعاليات لعل أبرزها تعميم معارض الكتب الدولية في مختلف أرجاء البلاد، وجعلها منصات لنقاش واقع الثقافة والمعرفة الراهن وفتح آفاق للمستقبل.

جدة (السعودية) - أسدلت هيئة الأدب والنشر والترجمة السبت الستار على معرض جدة للكتاب لعام 2022، والذي جاء في دورة استثنائية هي الأهم في تاريخه سواء في فعالياته أو تصوراته التي تجعله أكبر من مجرد سوق للكتب.

وشهد المعرض، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت مظلة وزارة الثقافة وتحتضنه قبة سوبر دوم بجدة، مشاركة أكثر من 900 دار نشر محلية وعربية ودولية، ونحو 400 جناح معرفي، وقدم برنامجه الثقافي ما يزيد عن 100 فعالية ثقافية أدبية، فضلا عن إقامة مؤتمرين متخصصين تزامنا مع المعرض، وهما الأولان من نوعهما في المملكة؛ مؤتمر الخيال العلمي، ومؤتمر النشر الرقمي.

مشاركات واسعة

السعودية توسع إقامة معارض كتاب تواكب التطورات العصرية بوصفها نوافذ ثقافية تجمع صناع الأدب والنشر والترجمة

عرف المعرض مشاركات كبيرة من قبل أبرز المؤسسات في البلاد، من بينها مكتبة الملك فهد الوطنية، التي حرصت أن يقدم جناحها خدمات المكتبة للجهات الحكومية، وللمؤلفين السعوديين، ودور النشر السعودية، وكذلك التعريف بنظام الإيداع للإنتاج الفكري السعودي بمختلف أنواعه، والرقم الدولي المعياري للكتب والدوريات.

وضمّ الجناح التعريف ببرنامج “الفهرس السعودي الموحد” الذي يهدف إلى حصر الإنتاج الفكري السعودي؛ ليتسنى الوصول إليه من جانب المستفيدين بأسرع طريقة ممكنة، وركنا خاصا يعرف بمراحل ترميم المخطوطات والوثائق، ويعرض الأدوات والمحاليل والورق المستخدمة لذلك، كما احتوى الجناح على

مجموعة من مطبوعات المكتبة، إضافة إلى الأعداد الأخيرة من الببليوغرافية الوطنية للإنتاج الفكري السعودي، والكشاف الوطني السعودي للدوريات، والأسماء الاستنادية للمؤلفين السعوديين، والنشرات التعريفية بالخدمات التي تقدمها المكتبة، ومصادر المعلومات المختلفة.

وقد اطَّلعَ زوَّار الجناح على “باركود” يزودهم بجميع المطبوعات من خلال المكتبة الرقمية الخاصة، مع استعراض للأرشيف الوطني للصور التاريخية للمملكة.

السعودية توسع إقامة معارض كتاب تواكب التطورات العصرية بوصفها نوافذ ثقافية تجمع صناع الأدب والنشر والترجمة

واستقطب معرض جدة علاوة على المثقفين والكتاب والمتابعين والفنانين الكثير من الأطفال بصحبة عوائلهم؛ وذلك من خلال كتب القصص والبرامج الإثرائية التعليمية التي قدمها وسط تنافس بين المئات من دور النشر المحلية والعربية والدولية، مستهدفا جذب الناشئين للقراءة والإطلاع بما يوسع مداركهم ويطلعهم على مختلف الثقافات.

كما قدم للأطفال ضمن برنامجه الثقافي مسرحيات وعروضا تفاعلية تعليمية، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة والفعاليات المصاحبة في تجربة ثقافية متكاملة، إلى جانب تهيئة 400 جناح معرفي استهدفت جميع الثقافات لدى الزائرين.

كما حظي المعرض بإقبال مرتاديه من الأفراد والعوائل والمهتمين بالثقافة والأدب وأوعية العلوم المعرفية الأخرى؛ وذلك لتميزه بالشمولية في الفعاليات وتنوعها بين الجلسات الحوارية والأمسيات الشعرية وورش العمل والندوات الحوارية.

وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان على ما يحظى به القطاع الثقافي من دعم واهتمام غير محدود من الدولة، مشددا على أن الثقافة قوة المملكة الناعمة، وأن المعرض منجز حضاري يواكب النقلات النوعية التي تمر بها البلاد في شتى المناحي، واصفا معرض جدة للكتاب 2022 بـ«النافذة المعرفية التي يطل من خلالها العالم على السعوديين وثقافتهم».

وأبرز أن المعرض ركز على صورة السعودية على المستويين الإقليمي والعالمي، وعلى تعزيز حضور الثقافة السعودية كأحد روافد القوة الناعمة للمملكة، مضيفا بأن مدينة جدة تسهم بقوة في المشهد الثقافي العربي والدولي، إذ تستمد قوتها من تاريخ وإرث ثقافي عريق، وبيئة خصبة حاضنة للإبداع والمبدعين.

نوافذ معرفية

kk

كانت الهيئة قد أطلقت الخميس الثامن من ديسمبر تحت قبة “سوبر دوم” أول دورة من المعرض تنظم في جدة منذ نقل اختصاصات معارض الكتاب إلى وزارة الثقافة، وحظي المعرض بإقبال واسع من الزوار والقراء من داخل المملكة وخارجها، مقدما على مدى عشرة أيام متواصلة رحلة معرفية شاملة ومتكاملة، من خلال البرنامج الثقافي الثري الحافل بالفعاليات النوعية ونخبة من المشاركين والمتحدثين، متضمنا بذلك ندوات حوارية، وجلسات “حديث الكتاب” مع مؤلفي الكتب والمؤثرين، إلى جانب أمسيات شعرية، وورش عمل، وحفلتين غنائيتين، ومجموعة واسعة من الفعاليات الموجهة للطفل.

وصاحب المعرض تنظيم مؤتمر الخيال العلمي، الذي قدم لحضوره على مدى يومين 12 جلسة حوارية، وثلاث ورش عمل، وجلستي “حديث الكتاب”، بحضور 59 متحدثا محليا ودوليا، وجملة من الفعاليات النوعية التي استمرت بعد انتهاء المؤتمر طيلة فترة أيام المعرض؛ ومنها ركن هواة جمع المقتنيات؛ حيث عرض هواة “الخيال العلمي” مقتنياتهم؛ لفتح المجال للنقاش، ومشاركة الخبرات، أو لتبادل المقتنيات مع الحضور، واحتضانه لجداريتين تفاعليتين؛ الأولى جدارية تفاعلية لإبراز الاختراعات البشرية المستوحاة من أدب الخيال العلمي، والثانية مخصصة لتاريخ الخيال العلمي؛ لتبرز أهم أعماله منذ نشأته وأبرز الإسهامات العربية فيه على مدار الزمن.

المعرض عرف مشاركات كبيرة من قبل أبرز المؤسسات في البلاد وتمكن من استقطاب الأطفال عبر برامجه المتنوعة

كما خصص المؤتمر جلسات لأندية القراءة؛ لمناقشة كتب الخيال العلمي، إضافة إلى فعالية (اصنع قصتك) الموجهة للأطفال لمساعدتهم على كتابة قصة إبداعية وطباعتها، حيث سلط الضوء على الإمكانات غير المستغلة للخيال العلمي، بوصفه منطقة غنية لنمو الكتاب والناشرين في المملكة والمنطقة، وتمحور حول إلهام العلماء، وصناعة الكتب ثلاثية الأبعاد، وعالم الكتب الصوتية، والمواءمة بين حقوق الملكية الفكرية الدولية والثقافة المحلية، وآلية تعامل المترجمين مع النصوص، وأسباب انتشار المانجا من اليابان إلى أنحاء العالم بهذه السرعة والنطاق الواسع، وتحفيز القدرة على استلهام قصص الفانتازيا من الثقافة المحلية.

وشهد معرض جدة للكتاب 2022 كذلك تنظيم مؤتمر النشر الرقمي، وتضمن في يوم واحد سبع ندوات حوارية، وورشتي عمل، وجلستي حديث الكتاب، بمشاركة متحدثين وخبراء سعوديين ودوليين، متناولا بذلك القضايا الجوهرية في حركة النشر الرقمي، والمبادرات النوعية والمبتكرة، وأفضل الممارسات في التسويق والتوزيع وحقوق الملكية الفكرية للكتب في سوق النشر الرقمي، ورقمنة كتب الأطفال، وأحدث تقنيات النشر، وتبادل الخبرات والأفكار، حيث جاء المؤتمر لمواكبة التطورات العالمية التي يشهدها هذا القطاع الحيويّ والإبداعي، وذلك في ظل ما يشهده سوق النشر الرقمي من نمو مطرد ومتسارع في الوطن العربي والعالم.

ويأتي معرض جدة للكتاب ضمن المبادرة الإستراتيجية لهيئة الأدب والنشر والترجمة “معارض الكتاب” التي انطلقت لهذا العام بمعرض المدينة المنورة للكتاب في يونيو، ثم معرض الرياض الدولي للكتاب أواخر شهر سبتمبر، وختمتها في عامها الحالي بهذا المعرض، على أن تطل من جديد في الربع الأول من 2023، من خلال تنظيم معرض المنطقة الشرقية للكتاب في مارس المقبل، وذلك في إطار التوسع بإقامة معارض الكتاب بالمملكة، بوصفها نوافذ ثقافية تجمع صنّاع الأدب والنشر والترجمة، من المؤسسات والشركات المحلية والدولية مع القراء والمهتمين.

12