معرض تونس الدولي للكتاب إقبال تتحكم فيه الأسعار وثقافة الإنترنت

الإقبال على الكتب في تونس تأثر بارتفاع أسعارها بينما هناك توجهات جديدة للقُراء الشباب تتبلور على الإنترنت.
الجمعة 2024/04/26
الشباب يقرأون لكن ميولهم مختلفة

عادل الثابتي

تونس - يرى مختص في علم الاجتماع وروائي وممثل دار نشر أن الشباب في تونس لا يقبلون على الكتاب بسبب غلاء أسعاره وسهولة الوصول إلى الإنترنت وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي. بينما يقول آخرون إنه يوجد بالفعل إقبال من الشباب على القراءة واقتناء الكتب، وإن وسائل التواصل تساعد على نشر الكتاب في تكامل بينهما، مع إقبال الشباب على كتب الأفكار.

وتحدث هؤلاء على هامش الدورة الـ38 من معرض تونس الدولي للكتاب، الذي انطلق في التاسع عشر من أبريل ليتواصل إلى الثامن والعشرين من نفس الشهر. ووفق وزارة الثقافة التونسية، المنظمة للمعرض، تشارك فيه 25 دولة بـ314 جناحا و109 آلاف عنوان، وهو مُقام في قصر المعارض بمنطقة الكرم، الضاحية الشمالية لتونس العاصمة.

والثلاثاء دعا اتحاد الناشرين التونسيين، في بيان، إلى تمديد فترة المعرض، واعتبر أن إقامته عقب عيد الفطر أثرت سلبا على القوة الشرائية والإقبال، فضلا عن غياب خطة تنظيمية وتسويقية للمعرض، على حد تقديره.

ويقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية نورالدين العلوي “وضع الكتاب في تونس غير حميد وتجارته ليست رائجة”. وعزا العلوي، وهو روائي أيضا، وضع الكتاب الراهن إلى “أسباب كثيرة، منها غلاء أسعار الكتاب بسبب هبوط قيمة العملة المحلية؛ لأن تونس بلد يستورد الورق”.

نورالدين العلوي: وضع الكتاب في تونس غير حميد وتجارته ليست رائجة
نورالدين العلوي: وضع الكتاب في تونس غير حميد وتجارته ليست رائجة

وحسب البنك المركزي التونسي يساوي الدولار الواحد 3.1 دينار تونسي، فيما يساوي اليورو 3.35 دينار. ويتابع العلوي “الكتاب التونسي أو المطبوع في تونس لم ينج من ارتفاع أسعار الورق. وعملية الطباعة نفسها مكلفة”، مستطردا “الناس عمليا في ضنك مادي، وثمن الكتاب يعطل شراءه من قبل الطلبة”.

ويقول “الشباب كفئة قارئة تاريخيا صارت أقل إقبالا على القراءة؛ لأن جملة برامج التعليم (المناهج) لم تعد تحضّ على القراءة، والنجاح صار ممكنا بأقل القليل من الجهد”. ويردف “لم تعد القراءة هدفا ولا وسيلة، والثقافي صار أقل أهمية من النجاح عند الغالبية، عموما نحن نعيش مرحلة انتقال من الكتاب إلى وسائل التعلم السهلة القريبة والسريعة وغير المكلفة”.

ويرجح أن “هذا سيستمر طويلا، ولن يبقى من القراء من يقتني الكتاب إلا فئات مغرمة بالقراءة تقل باستمرار، وهذه المرحلة بدأت مع سهولة الإنترنت، وستتسع بقدر توسعها”.

بينما يستعد لترتيب الكتب في المعرض، يقول يوسف العياري، الممثل القانوني لدار “مكتبة تونس” للنشر، إن “غلاء الأسعار أثر على الإقبال على الكتاب، لكن الإقبال يبقى موجودا”، مضيفا “لا توجد كتب تخص الشباب، لاسيما اليافعين في المعرض وغير المعرض، فيشترون بعض الكتب العامة، ولكن إقبال الشاب قليل على القراءة”.

ويقلّل من وجود تأثير إيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي على إقبال الشباب على الكتب بالقول إن “بعض الكتب فقط يُقبل عليها الشباب، خاصة كتب التنمية البشرية”، متابعا “كنا نقرأ كثيرا للحصول على القليل من المعلومات، الآن الشباب يريدون أن يجدوا معلومات في أقل ما يمكن من القراءة”.

وبخصوص حال المعرض في هذه الدورة يقول العياري “مقارنة بالسنة الماضية الإقبال ضعيف وضعيف جدا؛ نظرا إلى الغلاء الكبير للكتاب. ثمن الكتاب خلال هذه الدورة تضاعف بنسبة تفوق 100 في المئة”. ويرجع ذلك إلى “ارتفاع أسعار الورق والطباعة والنقل، رغم دعم الدولة للكتاب من خلال شراء نسخ من الإصدارات الجديدة، ودعم الورق عند الطباعة”.

ويستدرك “لكن السوق ضيقة في تونس، وكتابنا التونسي لم يخرج إلى حد الآن إلى السوق العربية كما يجب، رغم وجود اتحاد للناشرين التونسيين”. وعلى عكس العلوي والعياري ترى نوال العويني، مديرة نشر بدار أركاديا، أن “الكتاب وضعيته ممتازة، ولنا العديد من الطلبات على إصداراتنا؛ لأننا أصدرنا هذا العام 17 عنوانا جديدا”.

◙ الشباب بصدد الإقبال على نوعية أخرى من الكتب، وهي كتب الأفكار ووسائل التواصل الحديثة عوض أن تقتل الكتاب رغّبت فيه والنص الورقي هو الأبقى

وتتابع العويني “لنا كتب متنوعة، روايات تونسية وأبحاث في الفلسفة وترجمات عالمية ومحلية، ولنا الكثير من الطلبات من قبل المكتبات على كتبنا”. وتضيف أن “هناك إقبالا من الشباب والنساء والمهتمين بالشأن العام والسياسيين على ما نصدره، وجميع مصنفاتنا بصدد الاقتناء من الشرائح المختلفة”.

وبشأن نسبة القراء تقول إنها “بقيت مستقرة، ووسائل التواصل الاجتماعي لم تؤثر في هذا. هذه الوسائل ساعدت على انتشار ما ننشره ونعتمد عليها”. وتضيف “نعلن عن الرواية قبل نشرها، وعندما تنزل يُقبل عليها الناس.. هناك علاقة تكامل بين شبكات التواصل الاجتماعي والكتاب”.

أما الروائي والباحث الجامعي عمّار الجماعي فيقول إن “التونسي مازال يقرأ، والصورة أن التونسي كسول في القراءة لا أوافق عليها، فأنا لاحظت أن التونسي ترسخت لديه ثقافة الكتاب”. ويردف الجماعي أن “موقع فيسبوك فتح بابا ليربي المدوّن لنفسه قراء، فكلما أصدر كتابا أقبل عليه قراؤه بقوة”.

ويتابع “ما كنت لأبيع كتبي لولا أنني ربيت لنفسي قراء على فيسبوك من خلال ما أنشره من تدوينات، فكلما نشرت كتابا أقبل القراء عليه مهما كان الموضوع”، مواصلا “مازال الناس ينتبهون لكل كتاب، فالثقافة الورقية لا يزال لها قراء”.

ويعرب عن اعتقاده بأن “الشباب بصدد الإقبال على نوعية أخرى من الكتب، وهي كتب الأفكار”، معتبرا أن “وسائل التواصل الحديثة عوض أن تقتل الكتاب رغّبت فيه، والنص الورقي هو الأبقى". و"اعتقاد الجميع أن الوسائط الإلكترونية أكثر حفظا للذاكرة هو اعتقاد خاطئ، فالإلكتروني يُمحى والكتاب يبقى في المكتبة"، كما يختم الجماعي.

◙ ميولات مختلفة للقراءة
◙ ميولات مختلفة للقراءة 

13