معرض المدينة المنورة للكتاب يناقش قضايا الأدب والفلسفة والعمارة

المدينة المنورة (السعودية) - تواصل النسخة الثالثة من معرض المدينة المنورة للكتاب فعاليات برنامجها الثقافي المتنوع، حيث شهد ثالث أيام المعرض، الخميس، برنامجا ثقافيا حافلا يعد جمهور الثقافة والحوار الفكري والمعرفة بفعاليات ثرية ومتنوعة، شملت ندوتين حواريتين وورشة عمل بمشاركة كوكبة من المتحدثين.
وعقدت الندوة الأولى تحت عنوان “جسور الفكر والجمال: تلاقيات بين الفلسفة والفنون”، وناقش فيها الأكاديمي شتيوي الغيثي المتحدث الأكاديمي عبدالله الهميلي حول مفهوم الفلسفة والفنون وكيفية تداخلها مع تسليط الضوء على العلاقة الوثيقة بين الفكر الجمالي في الأدب والفلسفة عبر رحلة في أعماق التاريخ العريق الذي شهد مجموعة من التفاعلات والتأثير المتبادل بين الأدب والفلسفة.
وفي الندوة الحوارية الثانية التي جاءت بعنوان “همة الشباب السعودي: نموذج الترجمة”، ناقش ريان العمري المتحدثة إسراء عادل حيث تطرقت الجلسة إلى دور رؤية السعودية 2030 في تمكين الشباب السعودي وتعزيز دورهم في التنمية المستدامة مع التركيز على دور الشباب في المجتمع السعودي ومساهمتهم الفعالة في بناء مستقبل المملكة.
كما نظم المعرض في أولى أيامه جلسة نقاش حول كيفية استخدام الخيال أداة للتفاهم والتأثير الاجتماعي عبر مزجه بالأحداث الواقعية والوقائع الحقيقية، وإسهاماته في تعزيز التفاهم والتواصل بين الثقافات والمجتمعات المختلفة، وذلك في الجلسة التي أتت بعنوان “خيال وواقع: التقاء الخيال بالواقع”، وتحدث فيها كل من الروائي السعودي أسامة المسلم، والأكاديمية هناء نمنكاني.
وأكد المسلم، أن الواقع أصبح غريبا أكثر من الخيال، وهو أحق بتصويره في القصص والروايات، لافتا إلى أن الرواية يمكن أن تعيدنا إلى الواقع، وتكشف طبيعتنا الإنسانية الحقيقية، مشيرا إلى أن القصص عبر التاريخ كانت الوسيلة لنقل المعلومة أو القيمة، لأنها تعتبر إناء سهلا للتداول.
وتناول المسلم، في الجلسة جوانب كتابة القصة والرواية في ضوء الخيال، وقال “يمكن أن تُكتب قصة تتضمن شخصية جيدة وأخرى سيئة، وكل شخص يختار من يُمثله منها، وليس بالضرورة توجيه القارئ، وإنما ترك حرية الاختيار له، فلا يوجد شر مطلق وخير مطلق، ولن تجد إنسانا خيرا كليا أو شريرا على الإطلاق، ولكن القصة تمنحك المجال أن ترى عاقبتهما، لأن الرواية توجيه غير مباشر، سواء مكتوبة أو شفهية، فالأمهات كن يروين قصصا بعواقب وخيمة للتحذير، بدلا من وضع التعليمات المباشرة، والتي قد لا تكون مستساغة للأبناء”.
من جهتها، أكدت الأكاديمية هناء نمنكاني، أن سرد القصص بالاستعانة بالخيال كان دوما له دور مهم عبر التاريخ وفي الأساليب القصصية الحديثة.
وقالت “من الأمور التي غيرت مجرى حياتي هي القصص التي تتضمن الخيال والأمثلة، وحينما تواجهنا المشكلات فإننا نحلها بالخيال، وليس بالمنطق وحده، إذ يمكننا تخيل الحلول الممكنة، فخيال القصة والرواية يحفز تفكير القارئ”.
وأوضحت نمنكاني، أن الحكمة في سطور الرواية تصل للإنسان بشكل أسهل من إملائها إملاء مباشرا، وأن الأشخاص يمكنهم إطلاق العنان لخيالهم، بشرط أن يعودوا إلى الواقع.
ولم تتوقف ندوات معرض المدينة المنورة للكتاب عند المواضيع الفكرية والأدبية إذ عُقدت ندوة “مسجد قباء والمساجد السبعة تاريخيا”، شارك فيها المرشد السياحي والمهتم بتاريخ ومعالم المدينة المنورة الأكاديمي أحمد صديق التركي، وأدارها الأكاديمي الطيب أحمد الشنقيطي، وشهدت حضور باحثين ومهتمين بمعالم وتاريخ المدينة المنورة.
وفي سياق شرحه لتاريخ المساجد السبعة، قال التركي “إن المساجد السبعة بدأت في الأساس أربعة مساجد إلى حلول منتصف القرن الرابع عشر الهجري، ليذكر حينها الرحالة الشامي عبدالغني النابلسي أنها خمسة مساجد بإضافة مسجد بني حرام، أو كما يُطلق عليه مسجد النبي، أما المسجدان المتبقيان وهما مسجد عمر بن الخطاب، ومسجد سعد بن معاذ فأُدرجا لاحقا”.
وأشار إلى أن المدينة المنورة مليئة بالمساجد الأثرية، فقدوم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أحدث فيها نقلة كبيرة سواء على مستوى سكانها، أو على مستوى الأماكن التي أدى فيها عليه الصلاة والسلام صلاته”، مبينا أن المساجد السبعة جاءت فكرتها بإيعاز من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، للخليفة عمر بن عبدالعزيز، واتخاذ الأماكن التي صلى فيها النبي عليه السلام مساجد.
وتطرق التركي، إلى مسجد قباء، موضحا أن اختيار الرسول عليه السلام لموقعه بمنزلة الاختيار الإستراتيجي؛ “فمنطقة قباء شهدت قبل هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحداثا وتوترا، وكانت مكمن صراعات بين قبائل المدينة.
واستعرض مجموعة من الشرائح تُظهر المساجد السبعة ومسجد قباء في حقب ماضية، وما أصبحت عليه لاحقا، داعيا إلى زيارة مواقع المساجد التاريخية “لما في زيارتها من تعرف على السيرة النبوية، وأخذ العبرة والدروس، وتعلم السنن النبوية”.
ويتضمن البرنامج الثقافي لمعرض المدينة المنورة 2024 العديد من الفعاليات الثقافية من ندوات حوارية وأمسيات شعرية وحلقات نقاش وورش عمل وأنشطة تفاعلية للأطفال وأفراد العائلة كافة، حيث يفتح المعرض أبوابه للجمهور يوميا حتى الخامس من أغسطس في موقعه خلف مركز الملك سلمان الدولي للمؤتمرات والمعارض، وذلك من الساعة 2 مساء إلى 12 منتصف الليل.
وإضافة إلى ذلك يقدم المعرض أيضا برنامج فعاليات يومية متنوعة وممتعة للطفل عبر 6 أركان مختلفة تشمل، ركن مملكة الحكايات، وركن مكتبة المغامرات، وركن ساحة المرح، وركن الطهي، وركن الأزياء، وركن الفنون والتراث، حيث تقام الفعاليات على رأس كل ساعة بداية من الثانية مساء حتى الثانية عشرة صباحا، وتشمل أنشطة تفاعلية مبتكرة مصممة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات إلى 12 سنة. كما تقام ضمن البرنامج، فعاليات “مسرح الطفل”، الذي يقدم ثلاث تجارب إثرائية يومية تشمل فعالية “الحكواتي”، و”التمثيل المسرحي”، والأنشطة المتنوعة.
ويذكر أن معرض المدينة المنورة للكتاب 2024 يقام على مساحة 20 ألف متر مربع خلف مركز الملك سلمان الدولي للمؤتمرات والمعارض، ويفتح أبوابه للجمهور يوميا حتى الخامس من أغسطس، من الساعة الثانية مساء حتى الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، بمشاركة 300 دار نشر ما بين سعودية وعربية ودولية موزعة على 200 جناح.