معرض الكوميكس الفلسطيني يقدم روايات أخرى عن الأرض المحتلة

رام الله (الضفة الغربية) - يقدم 18 فنانا فلسطينيا وأجنبيا قصصا مصورة عن النكبة الفلسطينية بالتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين لها في معرض الكوميكس الفلسطيني الأول الذي افتتح الاثنين في رام الله.
ويقول القائمون على المعرض في نشرتهم الترويجية “ما زالت النار التي اشتعلت منذ خمسة وسبعين عاما تستعر، لهذا كان علينا أن نبدأ سرديتنا عبر هذا الشكل من أشكال الفنون البصرية، حتى لو كانت البداية متأخرة قليلا”.
وتختلف تجارب الفنانين المشاركين، فبعضهم يشارك للمرة الأولى في معرض فني والبعض الآخر من أصحاب التجارب الفنية الغزيرة.
ويرى القائمون على المعرض أنه يقدم تعريفا واضحا لفن الكوميكس من خلال أعمال فنية يغلب عليها الطابع الكاريكاتيري.
وجاء في نشرة المعرض “نقدم للجمهور الفلسطيني فنا قادرا على حمل الحكايات الصغيرة والكبيرة، يستثمر عناصر الخيال في بناء مشاهد حية للحظات تكلست في الوعي الخطابي أو ضاعت منه ربما، ليكون هذا الفن قادرا على تشكيل خطاب شعبي وخطاب للنخبة أيضا”.
وتضيف النشرة “استخدمنا ما نملك من الأدوات، من الحفر على ما هو صلب، إلى استخدام التكنولوجيا أو الريشة واللون لخطوط حكاياتنا”.
وقال فنان الكاريكاتير الفلسطيني محمد سباعنة القائم على تنظيم المعرض “يهدف المعرض إلى إحياء ذكرى النكبة بطريقة مختلفة اليوم. نستخدم لغة بصرية استخدمت عالميا لأكثر من مئة عام لنقل قضايا أخرى حول العالم”.
وأضاف في الكلمة الافتتاحية للمعرض “للأسف فلسطينيا كنا خجولين في هذا الإنتاج، هناك فنانون فلسطينيون لهم إنتاجات في فن الكوميكس ولكن تجربة بهذا النوع ضمت أجيالا فلسطينية مختلفة من الفنانين”.
وتابع “كان البعض منا يعمل تحت القصف في غزة، وأصر أن ينجز مشاركته ويعلن عن جمال وجوده، والبعض أصر على أن تكون لوحته أحد أشكال عودته من الاغتراب”.
وأعربت الفنانة الشابة شهد الرزي عن سعادتها الكبيرة لمشاركتها لأول مرة في معرض فني. وقالت فيما كانت تقف أمام عملها الفني، “قدمت حكاية النكبة من خلال أب وابنه عبر لوحات فنية لسؤال بقي بدون إجابة على مدار 75 عاما”.
وتنقل شهد متابعي عملها الفني عبر عدة لوحات، حمل بعضها تواريخ بالسنين منذ قال الأب لابنه رح نرجع، ويسأله الابن متى؟ ليموت الأب ويصبح الابن أبا، ويبقى السؤال دون جواب.
لكن الفنانة الشابة دانيا العمري فضلت الاعتماد على الخيال في روايتها لحكاية النكبة. وقالت فيما كانت تقف أمام عملها الفني “الرسم العشوائي يدل على القرى المهجرة، وتلك الرسوم على هيئة مربعات تعكس المستوطنات، وهناك رسومات لفتاة وجد يروي الحكاية”.
وأضافت “كبرت البنت واكتشفت أن لديها قوة خارقة تمكنها من جمع الحيوانات حولها وعمل إرباك ليلي للمستوطنين من خلال صراخ هذه الحيوانات”.
ويرى الكاتب والشاعر الفلسطيني فارس سباعنة، الذي شارك في كتابة أغلب النصوص المستخدمة بالأعمال الفنية في المعرض، أن هذا النوع من الفن رائج في دول كثيرة من العالم.
وقال خلال تواجده في المعرض “كل عمل فني عبارة عن قصة تروى بالصور المتتابعة”.وأضاف “المطلوب من الفنان أن يوصل القصة بالرسم، لقد كانت بداية هذا المعرض عبارة عن تدريب لعدد من الفنانين الشباب في مؤسسة عبدالمحسن القطان عن فن الكوميكس، وتطور الأمر إلى معرض فني بمشاركة فنانين فلسطينيين وأجانب”.
وقال عيسى قسيس رئيس بلدية رام في كلمته بافتتاح المعرض “هذا المبنى الذي يقام فيه المعرض بني عام 1910، وهو جزء من منظومة متحف رام الله”. وتابع “أحيي جميع من اشتغل لإحياء فن الكوميكس ليخرج اليوم من هذه المدينة الصغيرة لمخاطبة العالم بلغة يفهمها الكل، وهي لغة الثقافة”. وأضاف “يمكننا مخاطبة الملايين من خلال تعزيز هذا الفن”.
وفن الكوميكس، أو “فن القصص المصور” ويسمى كذلك “الفن التاسع” شهدت بداياته عربيا منذ منتصف القرن الماضي، تجارب متفرقة تمثلت برسوم فناني الكاريكاتير والرسوم التوضيحية التي ضمها المطبوع العربي، الذي احتوى، كذلك، على فن القصة المصورة الموجهة للأطفال بمختلف أعمارهم وفئاتهم العمرية.
ويعتمد فن الكوميكس السرد القصصي بواسطة الكوادر المصورة، ويجمع بين الأدب والرسم، هذا الفن الذي أصبح الآن قادرا على مخاطبة جميع الأعمار، لما ينطوي عليه من مواكبة للتحولات التي تجري في مجتمعاتنا المعاصرة، وهو ما انتبه له العرب ولو بشكل متأخر. لذا يمثل هذا المعرض الفلسطيني فرصة لتدارك ما فات في العناية بهذا الفن المؤثر.
ويستمر المعرض في متحف رام الله حتى الأول من يونيو، ويتطلع القائمون عليه إلى نقله إلى مدن فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.