معرض الكتاب بالرباط يواصل فعالياته مركزا على رؤى ونماذج التنمية

الرباط - تتواصل فعاليات الدورة الثلاثين لمعرض الكتاب الدولي بالرباط ببرنامج غني ومتنوع وحضور جماهيري أغلبه من الكتاب والمثقفين وطلبة المدارس والجامعات.
وانتقل المعرض السنوي من الدار البيضاء إلى الرباط في عام 2022، واختلف عن نسخه السابقة بتنظيمه الأفضل.
ويعرف برنامج هذه الدورة مساهمة مجموعة من الباحثين والكتاب والمبدعين في مختلف أصناف الفكر والإبداع، من داخل المغرب وخارجه، بمعدل 26 نشاطا في اليوم، يشارك فيها ما مجموعه 762 متدخلا عبر العديد من الندوات العامة، واللقاءات الفكرية، والليالي الشعرية، والحوارات المباشرة وتقديم الإصدارات الجديدة.
وفي إطار فعاليات المعرض، نظم المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية، ندوة فكرية خصصت لتقديم ومناقشة مضامين كتاب “بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان”.
وتميزت هذه الندوة، التي ترأسها مدير المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية محمد توفيق ملين، والتأمت في إطار مشاركة المعهد في الدورة الثلاثين للمعرض، بمشاركة ثلة من المفكرين والخبراء الذين شاركوا في إعداد هذا المؤلف الذي يشكل ثمرة عمل مشترك بين المعهد ومكتب نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث.
المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية قدم كتاب "بين المملكة المغربية والإمارات رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي"
واستعرض محمد توفيق ملين، في مداخلته، السياق العام الذي انبثق منه هذا المؤلف الجماعي الذي شارك فيه باحثون مغاربة وإماراتيون، مبرزا أن الفكرة تبلورت في أعقاب الزيارة الرسمية التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس لدولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 2023، بدعوة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، مبرزا أن هذه الزيارة كرست ديناميكية العلاقات بين البلدين، وأثمرت شراكات مبتكرة في مجالات متعددة ذات أبعاد إستراتيجية.
وأوضح أن الانطلاقة العملية لهذا المشروع الفكري تعود إلى الندوة التي نظمها المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية في يناير 2024 لتقديم كتاب “صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية”، قبل أن يتوج هذا المسار بصدور الكتاب.
وبخصوص مضامين المؤلف، أكد مدير المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية أن هذا العمل يستعرض تطور العلاقات المغربية – الإماراتية من زوايا متعددة، ويقترح قراءات تحليلية واستشرافية تستحضر السياقين الوطني والإقليمي، مضيفا أنه يسعى إلى إبراز ملامح نموذج عربي ناجح للشراكة المستدامة.
من جانبهم، أجمع المشاركون في هذا اللقاء على أن النموذجين المغربي والإماراتي يجسدان مسارين ناجحين في ترسيخ دولة المؤسسات وتعزيز التنمية القائمة على الثوابت الوطنية والخصوصيات الثقافية، مشيدين بالتقاطع الكبير بين التجربتين وبالدور المحوري لقيادة البلدين في إرساء شراكات إستراتيجية مستدامة، وكذلك في جعل الدين عنصرا داعما للاستقرار والانفتاح، وليس عامل انقسام أو انغلاق.
وأبرزوا أن هذا الكتاب الجماعي يمثل إضافة نوعية للحقل الأكاديمي العربي، من خلال مقاربة علمية تستشرف آفاق التعاون الثنائي انطلاقا من تجربة ملموسة، وتشكل قاعدة معرفية يمكن البناء عليها في بلورة رؤى مشتركة حول قضايا الإصلاح المؤسساتي، والتعايش، والدبلوماسية الهادئة التي توازن بين السيادة والانخراط الإيجابي في محيط إقليمي ودولي متحول.
وتستمر الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب إلى غاية السابع والعشرين من أبريل الجاري، بمشاركة 756 عارضا، موزعين بين 292 عارضا مباشرا و464 عارضا بالوكالة، يمثلون 51 بلدا.
المعرض يكرم هذه السنة إمارة الشارقة التي تشارك ببرنامج ثقافي وفني وحضاري متكامل، حيث ستسهم في الحوارات حول الثقافة والآداب والفنون والنشر، مقدمة رؤيتها لمستقبل الثقافة العربية وصناعة الكتاب ودور الناشرين من خلال وفد يضم نخبة من الأدباء والمفكرين والناشرين الإماراتيين.
والمعرض الذي يحتفي بمغاربة العالم الذين يساهمون في إشعاع الهوية المغربية التعددية خارج حدودها، يقترح باقة واسعة من المؤلفات تتجاوز 100 ألف عنوان تشمل كافة مجالات المعرفة ومختلف الأجناس الأدبية.
وكان بسام كردي، مدير نشر المركز الثقافي للكتاب ونائب رئيس اتحاد الناشرين المغاربة، قال في تصريحات لرويترز “أشارك في المعرض للمرة الثلاثين.. الاختلاف بين الدورات دائما موجود، لكن ما يلفت انتباهي في معرض الرباط، خاصة هذه الدورة، هو الجمالية ونوعية الزبائن التي هي أيضا جيدة، نجد أغلب الزوار من المثقفين والأسر.”
وأضاف أن “الناشر اليوم لا يبحث عن الكم، لأن كثرة الزوار يؤثر على بعض دور النشر مثل دارنا، أريد أن يدخل الزائر ويكون له متسع من الرؤية والوضوح ليتمعن ويتفحص الكتب والمنشورات بعيدا عن الازدحام والضجيج.”
وشدد على أنه “كناشر الازدحام يضرني أكثر مما ينفعني. معرض الرباط اعتبره إلى حد ما أرقى من معرض الدار البيضاء… ربما معرض الدار البيضاء لم يكن في مكان مناسب.. كان مكانا شعبيا وممتلئا عن آخره، هنا الأمور مضبوطة أكثر ومنتقاة بما في ذلك الموقع.”
ويقع مقر معرض الرباط بالقرب من غابة ابن سينا التي تعرف أيضا باسم هيلتون، في بقعة هادئة على مساحة 8068 مترا مربعا، غير أن المعرض لم يتم بناؤه بعد، ويقام للعام الرابع على التوالي في خيام ضخمة مجهزة.
وتتجاوز عدد العناوين المعروضة 100 ألف عنوان. وقال محمد فزيق، ممثل دار صوفيا الكويتية للنشر في المعرض، “أجد المشاركة خلال هذه الدورة ضعيفة من حيث الكم ومن حيث المبيعات إلى حد الساعة ربما لأن المعرض في بداياته، كما أن هنالك بضائع أخرى لم تصل بسبب مشاكل في الشحن.”
وأضاف أن الإقبال “هنا بالدرجة الأولى على الكتب الفكرية والفلسفية… معرض الدار البيضاء كان أفضل بكثير من ناحية الكم والزوار..لا ننكر هنا مسألة التنظيم الجيد.”
وقال “إن المبيعات ربما تأثرت بسبب الأزمة العالمية وارتفاع الأسعار، فالكتاب ظل سعره مرتفعا مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطنين بسبب الغلاء.”
وقال بسام كردي إن معظم كتب المركز الثقافي للكتاب “فكرية وإبداعية، جمهورنا من النخبة ومن المفكرين بالأساس.”
وأضاف “عندي أسماء وازنة من عالم الفكر والفلسفة.. هي كتب فكرية من مستوى جامعي أكاديمي ونسبة الإقبال عليها جيدة، نسبة الزوار من ناحية الكيف موجودة.”