معرض الكتاب السوري يعود داعما حركتي الكتابة والنشر

إقامة معرض كتاب سوري مشروع سعى إليه اتحاد الناشرين في سوريا منذ سنوات، لكنه بعد أن أطلق دورتين ناجحتين، غاب المعرض لعام واحد ثم عاد مسلطا الضوء على أحدث الإنتاجات الأدبية والفكرية، واعدا بالاستمرارية ومركزا اهتمامه الأكبر على الطفل باعتباره حجر الأساس لمستقبل ينهض بالبلاد.
دمشق - افتتح مساء الثلاثاء معرض الكتاب السوري الثالث لعام 2024 تحت شعار “نقرأ لنرتقي” في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق وذلك بعد غياب لعام واحد. والمعرض الذي يستمر لغاية الـ19 من الشهر الحالي ينعقد بمشاركة 40 دار نشر عامة وخاصة قدمت ما يقارب 10 آلاف عنوان جديد في مختلف المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية والفكرية والأدبية ولمختلف الشرائح العمرية.
وإلى جانب الأجنحة الخاصة بدور النشر، يرافق المعرض برنامج ثقافي متنوع من عروض سينمائية وحفلات موسيقية تحتفي بالتراث السوري العريق وندوات أدبية وفكرية بمشاركة باقة من المثقفين والمبدعين السوريين وبمرافقة عدد من حفلات توقيع الكتب لعدد من دور النشر العامة والخاصة.
وفي تصريح صحفي قالت وزيرة الثقافة الدكتورة ديالا بركات إن افتتاح معرض الكتاب يعتبر ظاهرة فكرية وثقافية مهمة جدا، ويأتي ضمن خطة عمل وزارة الثقافة التي تهدف إلى تعزيز الفكر والانتماء الوطني من خلال دعم دور النشر رغم كل الظروف، موضحة أن الأجنحة التي يتضمنها المعرض شملت عناوين مهمة لكتّاب سوريين وعرب. ولفتت الوزيرة إلى أن الوزارة قامت بتعزيز العناوين الجديدة ليبقى القارئ على اطلاع بكل مستجدات العلم والثقافة والأدب.
ويشغل عالم الأطفال حضورا خاصا في الدورة الثالثة من المعرض إذ تشارك ضمن فعالياته 12 دار نشر مخصصة لهم، كما يعرض أحدث الاصدارات في مجال صناعة كتاب الطفل والتي تكشف عن تجارب حديثة على مستوى الطباعة والألوان، بالإضافة إلى الأدوات والوسائل التعريفية التي تغني معرفتهم وتساهم في جذبهم إلى عالم القراءة واقتناء الكتب.
وأوضحت وزيرة الثقافة السورية أن الأطفال كان لهم الدور الأكبر، معتبرة أن ثقافة الطفل تحمل أهمية كبيرة لتأسيسه بطريقة صحيحة وجعله على ارتباط بوطنه إضافة إلى أهمية توحيد المصطلحات بمضمون الكتب الموجهة بالنسبة للأطفال والراشدين، مؤكدة أيضا ضرورة ربط القراء والمثقفين بدور النشر من خلال المعرض ليستمر التواصل والتلاقي بينهم وليس فقط لتسويق وتقديم الكتب.
وأشارت إلى أن معرض الكتاب السوري هو أحد الخطوات حتى نسير باتجاه تعزيز دور القراءة وتثقيف الإنسان السوري رغم كل ما يحيط به من مشاهد صعبة وظروف قاسية. وتابعت ”رأيت من خلال الجولة التي شملت جميع الأجنحة عناوين مهمة لكتّاب سوريين وعرب، ومن مميزات المعرض وجود مؤلفات منذ عام 2000 وحتى العام الحالي، وهذا يعزز العناوين والأسماء الجديدة ليبقى القارئ على اطلاع بكل مستجدات الثقافة والفكر والأدب والعلوم”.
وأشارت الوزيرة بركات إلى أن أهمية المعرض تكمن في ربط المثقفين والقارئين بدور النشر ليكون هناك تواصل وتلاقي بينهم، لافتة إلى ورود موضوع توحيد المصطلحات الذي يعد مهما جدا للأطفال والكبار بسبب التحديات التي تواجهها سوريا.
وفي تصريح صحفي مماثل، قال مدير عام مكتبة الأسد الوطنية فادي غانم إن المعرض يشمل 40 جناحا 12 منها للأطفال و12 جناحا مخصصة للدور الحكومية أما البقية فكانت لدور النشر الخاصة، والكتب تتنوع مواضيعها بين الأدب والدين والسياسة والتعليم والتاريخ، ولمحبي الروايات هناك الكثير من العناوين المهمة والجميلة.
وانطلق معرض الكتاب السوري للمرة الأولى عام 2021، وانعقدت دورته الثانية في العام 2022، إلا أنه ألغي في العام الماضي لترحل دورته الثالثة للعام الجاري، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية في سوريا والمنطقة، وهو يعود متشبثا بفرصه في البقاء والاستمرار بنكهة سورية خاصة ومميزة تجعل منه فرصة سنوية لتقديم الكتاب السوري في مختلف المجالات ولكل الشرائح.
وفي هذا السياق، شدد مدير عام مكتبة الأسد الوطنية على أن المعرض اليوم يمثل حركة تحدٍ من قبل وزارة الثقافة بعد أن تم إيقافه العام الماضي نظرا للظروف التي تمر بها سوريا والمنطقة، مؤكدا أن هدف المعرض تشجيع الكتاب السوري وحركة النشر وإبقاء محبي القراءة والمواطن السوري على اطلاع بكل ما هو جديد بشكل مستمر.
من جانبه لفت رئيس اتحاد الناشرين العرب هيثم حافظ إلى أهمية القراءة والتعاون مع الأسرة والمجتمع بشكل عام في إبراز دور القراءة لكونها منارة للمستقبل ونحن اليوم نتجه لإقامة مجتمع معرفي رغم الظروف الراهنة، مشيرا إلى أن هذا الوقت هو المناسب لدعم وتعزيز القراءة والثقافة، مؤكدا حضور أدب الطفل من خلال مشاركة 12 جناحا مخصصة للأطفال.
ولفت مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب دكتور نايف الياسين إلى أهمية المحافظة على هذا التقليد السنوي في التعرف على أحدث ما أنتجته دور النشر السورية وخاصة كتب الأطفال التي تشارك فيها الهيئة دائما بعدد كبير ومتنوع من الأعمال التي تحظى باهتمام خاص حيث الجودة الفنية والمحتوى التربوي والقيمي، مبينا أن الهيئة تشارك هذا العام بـ1500 عنوان بمختلف المجالات الثقافية والفكرية.
يذكر أن الهيئة العامة السورية للكتاب تشارك في معرض بجناح يضم مجموعة واسعة من إصداراتها المتنوعة، الفكرية والسياسية والأدبية والعلمية والفلسفية إضافة إلى الدوريات والسلاسل المختلفة وكتب الأطفال وبنسبة حسم تصل إلى 50 في المئة من سعر الغلاف على جميع دارات عام 2020 وما بعد، باستثناء المجلات لسلاسل.
وسيكون للهيئة ضمن النشاطات الثقافية والفكرية المرافقة للمعرض مجموعة من الفعاليات منها توقيع كتب من إصداراتها لعام 2024 وهي “الاقتصاد السياسي والركود التضخمي” للدكتور رسلان خضور و”الأسطورة وفلسفة الحكم في حياة ملوك الشرق القديم” للدكتور عيد مرعي و”صلوات للحرية” لعبد الكريم ناصيف و”وثائق شراكة الخيل وبيعها عند العرب” لكمال الشوفاني و”نصف شمس صفراء” للدكتور باسل مسالمة و”في الحرب والسلم” للدكتورة الأديبة ناديا خوست.
وستقيم الهيئة ندوة أدبية تتحدث عن أعمال الشاعر القدير صقر عليشي والندوة الوطنية للترجمة بعنوان “الترجمة والمثاقفة” بمشاركة 15 باحثا وباحثة في علوم الترجمة. أما المؤسسة العامة للسينما فتشارك بالمعرض من خلال تقديم سبعة أفلام روائية طويلة وهي فيلمي “الطريق” و”العاشق” للمخرج الراحل عبداللطيف عبدالحميد و”ماورد” للمخرج أحمد إبراهيم أحمد و”الظهر إلى الجدار” للمخرج أوس محمد و”رحلة يوسف” للمخرج جود سعيد و”عتمة مؤقتة” للمخرج فراس محمد و”الحكيم” للمخرج باسل الخطيب. ويشارك اتحاد الكتاب العرب في سوريا بجناح يضم مجموعة واسعة من إصداراتها المتنوعة ومحاضرة لرئيس الاتحاد الدكتور محمد الحوراني.