معرض القاهرة الدولي للكتاب يستضيف الأردن ويحتفي بصلاح جاهين

القاهرة - قررت اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب اختيار الشاعر ورسام الكاريكاتير والسيناريست صلاح جاهين “الشخصية الثقافية” للدورة الرابعة والخمسين من المعرض والتي تقام مطلع العام المقبل.
وقالت اللجنة بعد اجتماع يوم الأربعاء الماضي برئاسة وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني إن أعضاءها طرحوا مجموعة من الأسماء البارزة في المشهد الثقافي المصري لكن وقع الاختيار على جاهين “نظرا إلى كونه وجها ثقافيا معبرا عن الهوية المصرية وتنوعها وشمولها، ولما قدمه من منجز إبداعي فريد أدبيا وفنيا وإعلاميا”.
وترك جاهين، الذي توفي عام 1986 عن 56 عاما، إرثا إبداعيا ضخما خلدته الأغاني الوطنية التي تغنى بها عبدالحليم حافظ وأم كلثوم في حقبة الستينات، وكذلك الأفلام التي كتب لها السيناريو والحوار ولعبت بطولتها الممثلة الراحلة سعاد حسني.
ورغم أن جاهين كان متعدد المواهب يرسم ويلحن ويمثل ويكتب القصص والأفلام، فإنه اعتبر أن الباقي منه هو الشعر وكرر كثيرا عبارته الأثيرة “الناس لن تذكر لي سوى الرباعيات” وهي مجموعة شعرية تعتبر من أروع وأهم كتاباته، والتي كان معروفا بها ورسخت اسمه واحدا من أهم شعراء العامية في مصر.
آمن الشاعر وجدانيا بثورة يوليو 1952 وبأحلام زعيمها جمال عبدالناصر فكتب أغاني الثورة، مُبشرا بعصر الإنجازات والانتصارات، قبل أن تصدمه هزيمة يونيو سنة 1967، ويصاب باكتئاب صاحبه حتى انعزاله ووفاته سنة 1986 بعد تناول كميات من حبوب التربيتزول المهدئة، إذ كان الشاعر منذ بداياته منتصرا للمهمشين ومؤمنا بقضايا وطنه ومنفتحا على البعد القومي العربي، ولعل نصوصه التي تخرج من أدق التفاصيل الهامشية لتصنع منها عالما مبهرا، خير دليل على رقة شعرية نادرة.
وإضافة إلى الاحتفاء بجاهين اتفقت اللجنة على أن يكون محور الدورة الجديدة للمعرض التي تقام في الفترة من الرابع والعشرين من يناير إلى السادس من فبراير 2023 “الثقافة وبناء الوعي”.
وقالت اللجنة إنها اختارت أيضا كامل الكيلاني “الشخصية الثقافية” لمعرض الطفل الذي يقام مصاحبا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب “بوصفه رائدا من رواد أدب الطفل ليس في مصر فقط وإنما في العالم العربي كله”.
وكامل الكيلاني من أبرز رواد أدب الطفل عربيا، إذ مثلت نصوصه التي ألفها أو النصوص التي ترجمها انطلاقة جديدة للأدب الموجه للطفل أواسط القرن العشرين، إذ تمكّن من إحياء هذا الأدب بروح جديدة.
فقد أخذ رفقة محمد سعيد العريان وغيره بالاهتمام بآداب الطفل، فيترجمون الكتب والقصص والمعلومات ويصدرونها في سلاسل أو مجموعات سميت بأسمائهما، واهتمت هذه المجموعة بنشر سلاسل عربية ومحلية عن “ألف ليلة وليلة” و”كليلة ودمنة”، وكانت تكتب بلغة سهلة وحروف واضحة، وكان هدفها تزويد الأطفال بالمعارف والمعلومات الدينية والاجتماعية والقومية، فقد كان أدب الطفل حينذاك جزءاً من رسالة التربية والتعليم.

ومن أهم ما ألف كامل الكيلاني قصص: أصدقاء الربيع، زهرة البرسيم، في الاصطبل، جبارة الغابة، أسرة السناجيب، أم سند وأم هند، الصديقتان، مخاطرات أم مازن، العنكب الحزين، النحلة العاملة، وغيرها من نصوص ظلت علامات فارقة في تاريخ أدب الطفل.
كما اعتمدت اللجنة خلال اجتماعها اختيار الأردن “ضيف شرف” معرض الكتاب وهو الاختيار الذي جرى إعلانه مع نهاية فعاليات الدورة السابقة.
وكانت الهيئة المصرية العامة للكتاب التي تنظم المعرض سنويا قدرت عدد زوار الدورة الثالثة والخمسين بأكثر من مليوني زائر.
وقد رافق معرض القاهرة الدولي للكتاب جدل كبير في السنوات الأخيرة بسبب تغيرات كثيرة طرأت عليه، خاصة في ما يتعلق بمكان المعرض وتاريخه، علاوة على برنامجه الثقافي الذي تسيل في نقده الأقلام كل عام.
فقد كاد معرض القاهرة، الذي اقترن قديما بأسماء قامات الفكر والأدب والفلسفة والسياسة والفن، يتحول إلى ملتقى لاتفاقات الناشرين وصفقاتهم، ومتنزّها للمرفّهين، وفاترينة للإصدارات الدينية وروايات الناشئة وقوائم الأكثر مبيعًا والمطبوعات الاستهلاكية الضحلة، كما صار في آخر دوراته حديقة للمنافسات والمسابقات وألعاب الأطفال والنشاطات الرياضية والترفيهية والعروض المسلية الخفيفة المرحة، ومنفذا لبيع التحف والكريستال والإلكترونيات والأدوات المكتبية، وما إلى ذلك من لوازم تعويض البرنامج الثقافي الثقيل، بندواته ومناقشاته وقضاياه الجادة.
وقد حاول منظمو المعرض تلافي هذه النقائص بالتركيز على دور المعرض بوصفه قوة ناعمة في مواجهة التطرف وتحقيق التنوير ونشر المعرفة، وهو ما تسعى الدورة الجديدة للسير على نهجه.