معرض الفن الحديث والمعاصر يتحدى الأوضاع الأمنية في باريس

معرض لأعمال نادرة وأخرى تهتم بأزمات الجندر والبيئة وتغير المناخ.
الخميس 2023/10/19
أكبر المعارض المفتوحة يتزامن مع تصاعد التهديدات بوجود قنابل

تعيش فرنسا، التي تستعد لأن تتحول شوارعها إلى معرض ضخم مفتوح، تحديات أمنية كبيرة زادت الصعوبات أمام منظمي الدورة الثانية من معرض الفن الحديث والمعاصر الذي يسعون من خلاله إلى جعل باريس سوقا للفن المعاصر تعوض الدول الرائدة التي تراجعت جراء تداعيات الحرب على أوكرانيا والأزمة الاقتصادية العالمية.

باريس - سينطلق معرض الفن الحديث والمعاصر، الذي بات يُنظم بإشراف “آرت بازل”، غدا الجمعة في باريس وسط حالة من التأهب “الأقصى” لمواجهة خطر حصول “اعتداءات”، وهو أعلى مستوى من الإنذار الأمني في فرنسا، الدولة التي تضم عددا كبيرا من الجاليات العربية والإسلامية، على وقع الاضطرابات المستمرة في الشرق الأوسط.

وقال المنظمون بعد ثلاثة أيام من مقتل مدرّس أمام مدرسة في مدينة أراس في شمال فرنسا إن “الإجراءات الأمنية عُزّزَت”، وإنهم “على اتصال بالسلطات لضمان أقصى قدر من الأمن للزوار والعارضين”، في ظل المخاوف من انعكاسات أمنية للحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

ورغم ذلك أخلت السلطات الأربعاء عددا من المطارات في مدن ليل وليون وتولوز بسبب تهديدات بوجود قنابل، وهي تهديدات متزايدة في البلاد وخاصة في المدارس ومناطق التجمعات الكبرى. وكان متحف اللوفر قد تأثر الأسبوع الماضي بإنذار خاطئ يحذر من وجود قنبلة.

ووُضعَت منحوتة ضخمة للفنان السويسري أورس فيشر بعنوان “موجة” في ساحة فاندوم، بينما انتشرت أعمال فنانين عالميين في حديقة التويلري.

وتستضيف الساحة الواقعة أمام “إنستيتو دو فرانس” (معهد فرنسا)، الذي تتخذه الأكاديميات الفرنسية مقراً، عملا تجهيزيا للأميركية شيلا هيكس المعروفة بأعمالها المتمردة من الصوف والكتان والقطن. أما في قصر إيينا فيمكن الاطّلاع على عمل لم يسبق أن عُرض للفرنسي دانييل بورين والإيطالي مايكل أنجلو بيستوليتو.

تعويض لندن

Thumbnail

ينقسم المعرض إلى قطاعين، ويقدم أعمالاً ذات جودة استثنائية، بما في ذلك اللوحات والمنحوتات والتركيبات والتصوير الفوتوغرافي والفيديو والفن الرقمي.

ومن بين المعارض الموجودة يمكننا أن نذكر: غاليري 1900 – 2000 (باريس)، أبليكات – برازان (باريس) الذي يجمع بين الأعمال النادرة للرسام الفرنسي جان هيليون، معرض سلمى فرياني (تونس ولندن)، جان موت (بروكسل)، أو مرة أخرى بورتولامي (نيويورك).

هناك أيضا قسم مخصص للإبداع الشبابي المعاصر من جميع أنحاء العالم، يقدم 14 مشروعًا فرديًا تستكشف موضوعات تطور إدراك النوع الاجتماعي والبيئة والوجود الشامل للصور المعادة صياغتها. وتستعرض الصور بشكل خاص ملامح المرفأ (بيروت)، والبرلمان (باريس)، وبنك (شنغهاي)، وجياني مانهاتن (فيينا)، وغاليريا ستيريو (وارسو)، وفانتا إم إل إن (ميلانو).

في هذه الطبعة الجديدة يقدم المعرض أيضا برنامجًا عامًا واسعًا، مجانيًا ومتاحًا للجميع، في أماكن أخرى من العاصمة. وسيتمكن الجمهور من اكتشاف “الموسم الخامس” في حديقة التويلري، وهو معرض جماعي يتم تنظيمه بالتعاون مع متحف اللوفر ويركز على الحفاظ على التراث وتغير المناخ.

المعرض ينقسم إلى قطاعين، ويقدم أعمالا ذات جودة استثنائية، بما في ذلك اللوحات والمنحوتات والتصوير الفوتوغرافي والفن الرقمي

ينتظم كذلك معرض جيسيكا واربويز، الذي من خلاله يستكشف التقاطع بين الثقافة والطبيعة، من خلال تركيب سمعي بصري ومجموعة كبيرة من اللوحات القماشية.

وينظم المعرض برنامج “محادثات” يقام في مركز بومبيدو ويقدم عدة مؤتمرات ومناقشات. في البرنامج: روابط فنية بين باريس ومنطقة البحر الكاريبي والمغرب العربي، وأستوديوهات والت ديزني، وثقافة دراغ كوين.

لكنّ الحدث الأبرز يتركّز في مركز “غران باليه” المِؤقت الذي أقيم في انتظار انتهاء أشغال ترميم “غران باليه” الأساسي سنة 2024، إذ يضمّ الموقع أكثر من 150 مجموعة أعمال فنية من نحو ثلاثين دولة، تتاح اعتباراً من الأربعاء للمحترفين ومن الجمعة إلى الأحد لعامّة الجمهور.

وحل معرض “باريس+ من آرت بازل” محل المعرض الدولي للفن المعاصر “فياك” عام 2022، وتنظمه آرت بازل السويسرية الرائدة في هذا القطاع إلى جانب ثلاثة معارض أخرى مماثلة تقيمها في بازل (سويسرا) وميامي (الولايات المتحدة) وهونغ كونغ.

ومنذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتراجع دور لندن كمعقل لسوق الفن في أوروبا، اتجه عدد من أصحاب المعارض الدولية ومنظميها إلى باريس، واجتذبتهم فيها مراكزها الجديدة للمعارض وهالة مؤسساتها الثقافية الكبرى.

ومن آخر المعارض المنتقلة إلى باريس “هاوزر آند ويرث” السويسري الموجود في أكثر من 15 مكاناً في مختلف أنحاء العالم، ويضم أعمالاً لفنانين كلويز بورجوا وصوفي تاويبر آرب، وللأميركيين رشيد جونسون ومارك برادفورد أو الفرنسي بيار ويغ.

وقال مدير معرض “باريس+ من آرت بازل” كليمان ديليبين إن “انهيار العملات المشفرة والحرب في أوكرانيا والتضخم هي عوامل تركت تداعيات على سوق الفن ولكن (…) باريس بوابة إلى السوق الأوروبية، إذ أن 50 في المئة من المعاملات في سوق الفن التي يشهدها الاتحاد الأوروبي تحصل في فرنسا التي تعزز ترتيبها كرابع دولة في العالم” في هذا المجال.

مزادات استثنائية

Thumbnail

أما في ما يتعلق بدور المزادات فقد أبلغت “كريستيز” أنها اتخذت “خيارا إستراتيجيا” يتمثل في تنظيم عدد من المزادات الاستثنائية في “باريس بدلا من لندن”، أحدها على عمل لجوان ميرو بعنوان “لوحات (نساء، قمر، نجوم)” قُدّرت قيمته بـ”ثمانية أرقام”.

وتقيم دار “سوذبيز” مزاداً مخصصاً للطليعيين الأوروبيين، ومن أبرز ما سيُطرَح فيه لوحة لسيّد السريالية رينيه ماغريت، تقدر قيمتها بما بين 10.5 و16 مليون يورو. وهذه اللوحة التي تحمل عنوان “فالس التردد (1955)” تصور تفاحتين مقنعتين في الليل، أمام سماء زرقاء صافية غائمة، ولم تُعرض للجمهور منذ نصف قرن.

وينتشر في العاصمة الفرنسية في الوقت نفسه عدد من المعارض التجارية، من بينها معرض أول لشركة “ديزاين ميامي”، الشركة الرائدة عالمياً في معارض التصميم. ويكرّس معرض “آسيا الآن” الفن الآسيوي المعاصر مع التركيز على آسيا الوسطى والمنسوجات، فيما يتمحور معرض “أي كي أي أي” المعروف أيضاً باسم “أفريقيا” حول الفنانين الأفارقة المعاصرين.

وقال كليمان ديليبين “رأينا عام 2022 أشخاصا لم نكن معتادين على رؤيتهم، مع أعمال ذات جودة عالية وشخصيات مثل (صاحب المعارض الدولي) ديفيد زويرنر الذي أعلن عن مبيعات بقيمة 11 مليون يورو في يوم الافتتاح، أو صالات عرض شابة بيعت كل محتوياتها خلال المعرض”، مشيراً إلى تعاون في السنة المقبلة مع مسارح ودور أوبرا وعالمي الأزياء والموسيقى.

14