"معرض العين للكتاب" يتحول إلى مهرجان ثقافي مبتكر

مع تعاقب دوراته تحول “معرض العين للكتاب”، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة، هذا العام إلى حدث ثقافي وفني متكامل يساهم في تسليط الضوء على إرث المدينة العريق ويقدم حركية ثقافية مختلفة لكل الشرائح، إذ يمثل الحدث في حلته الجديدة مشروعا ثقافيا متكاملا يركز على المحلية وينفتح على العالمية.
العين (الإمارات) - تتواصل فعاليات “مهرجان العين للكتاب 2022” في نسخته الثالثة عشرة، والتي تقام في خمسة مواقع ثقافية بارزة بمدينة العين، حتى العشرين من نوفمبر الحالي.
وكان مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي أطلق الهوية المتجددة للحدث الذي كان سابقاً “معرض العين للكتاب”، ليصبح مهرجانا ثقافيا مبتكرا يعزز الأجندة الثقافية لإمارة أبوظبي ويحتفي بأعمال الكتّاب والمبدعين الإماراتيين والعرب في الماضي والحاضر.
فنون وثقافات
وعلى امتداد هذا الأسبوع يقدم المهرجان فعاليات فنية وثقافية متنوعة لكافة الشرائح العمرية، وخاصة منهم الأطفال. ومن الفعاليات برنامج “الكلمة المغناة”، الذي يتضمن سلسلة من الأمسيات الشعرية اليومية التي تُقام في الساعة السادسة في موقع “قصر المويجعي” وتصحب زوار مهرجان العين للكتاب في رحلة تاريخية فنية للاستمتاع بجماليات الموروث الشعري العريق الذي تزخر به المدينة، وتحفل به دواوين شعرائها الراحلين والمعاصرين، الذين لا زالت قصائدهم تتردد في الإمارات والجزيرة العربية إلى جانب عروض الموسيقى الحية من جميع أنحاء العالم، والعروض المسرحية، والفعاليات المخصصة للأطفال بما فيها ورش عمل الفنون والحرف، ورواية القصص، والمسابقات، التي يستضيفها موقع المهرجان الرئيسي “العين سكوير – استاد هزاع بن زايد”، فضلاً عن الندوات الثقافية الملهمة حول موضوعات مختلفة والتي يستضيفها “بيت محمد بن خليفة”.
تحت شعار "العين أوسع لك من الدار" تسلط النسخة الثالثة عشرة من الحدث الضوء على التراث الثقافي لمدينة العين
وتحت شعار “العين أوسع لك من الدار” تسلط النسخة الثالثة عشرة من الحدث الضوء على التراث الثقافي الغني لمدينة العين، كجزء من إستراتيجية مركز أبوظبي للغة العربية لتعزيز اللغة العربية والحفاظ على الثقافة الإماراتية، وبوصفها مدينة مدرجة على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في دولة الإمارات، وقد احتضنت المدينة على امتداد تاريخها مشاهير الشعراء الإماراتيين ممن ساهموا في الحفاظ على الشعر النبطي، والذين يحتفل المهرجان بأعمالهم مع إحياء سيرة الشخصيات الأسطورية من الحكايات الشعبية العربية لدى الجيل الجديد من خلال أنشطة تفاعلية لزوار “استاد هزاع بن زايد”.
ويُقدم المهرجان فعالياته المتنوعة من خمسة مواقع ثقافية في مدينة العين والتي تضم كلا من “استاد هزاع بن زايد” و”مكتبة زايد المركزية” و “قصر المويجعي” و “بيت محمد بن خليفة” و”جامعة الإمارات”، كما تستضيف مراكز التسوق في مدينة العين فعالية “خزانة الكتب” طيلة أيام المهرجان، وذلك في كل من الجيمي مول، العين مول والبوادي مول، عبر برنامج مبتكر يشمل فعاليات القراءة والموسيقى والأفلام والرياضة لجميع الزوار من مختلف الأعمار والاهتمامات.
وكانت فعاليات المهرجان انطلقت بشكل استباقي من خلال حفل فني افتتاحي استضاف نخبة من نجوم الفن الخليجي والعربي، شارك فيه الفنان الإماراتي حمد العامري والفنانة اللبنانية عبير نعمه بالإضافة إلى الفنانة السعودية أروى.
وتستضيف المنصة الرئيسية للمهرجان يومياً في “العين سكوير - استاد هزاع بن زايد” عروضاً متنوعة على مدار الساعة ، بما في ذلك الموسيقى الحية والعروض الفولكلورية التقليدية ومسرح الدمى والعروض المسرحية والعروض العلمية ولقاءات مع الأطفال وتواقيع الكتب مع أشهر المؤلفين. بالإضافة إلى اكتشاف أهم إصدارات دور النشر المشاركة في المهرجان من جميع أنحاء العالم العربي.
كما تشمل الفعاليات “العروض الترفيهية المتنقلة” والتي سيتم من خلالها تقديم عروض تراثية لفرق الفنون الشعبية الإماراتية وفرقة الطبول الأفريقية، فضلًا عن عرض التنورة من الفلكلور المصري، كذلك تضم الأنشطة عروضا مرئية لراقصي التنين الصينيين بأزيائهم التقليدية النابضة بالحياة.
ويُخصص المهرجان ركناً خاصاً لفن النحت في “استاد هزاع بن زايد”، حيث يجمع أعمالا مميزة وفريدة من نوعها لعدد من النحاتين المحترفين من مختلف الدول العربية لمشاركتها مع جمهور المهرجان، وتسعى الفعالية لتعريف الجمهور بشكل أوسع على فن النحت، كما يتضمن الركن منصة تعليم الرسم الحر للأطفال من عمر 8 إلى 12 سنة، وتقام فعاليات الركن يومياً من الساعة الخامسة إلى العاشرة مساءً، أما مواعيد الرسم الحر للأطفال فتقام من الساعة الخامسة وحتى السابعة مساءً.
ويُقدم “ركن الأطفال” في “استاد هزاع بن زايد” يومياً باقة كبيرة من الأنشطة المتنوعة التي تجمع بين التعلم والمرح بذات الوقت، والتي تشمل قراءة القصص، وورش علمية وفنية، وأخرى حول القراءة والموسيقى، بالإضافة إلى المسابقات والعروض الرقمية. كذلك يستضيف “استاد هزاع بن زايد” برنامجا متكاملا للأطفال والناشئة والذي يضم مجموعة من الأنشطة الثقافية الرقمية لتجربة عوالم الميتافيرس وقراءة القصص واللعب مع الروبوتات إلى جانب ورش الذكاء الاصطناعي.
ويطرح “مهرجان العين للكتاب 2022” بشكله الجديد والمبتكر للجمهور والمختصين منصة فريدة من نوعها تحتضن سائر فئات المجتمع المحلي بمختلف اهتماماتها، عبر تقديم فعاليات وأنشطة أدبية وموسيقية، ورياضية وتراثية وتنظيم أكثر من 40 ندوة ثقافية ضمن البرنامج الثقافي للمهرجان تتناول مواضيع مختلفة عن التراث والأسرة والطفل والرياضة والتاريخ والفنون والأدب والأمسيات الشعرية، التي ستتوزّع على “بيت محمد بن خليفة” و”قصر المويجعي” و”جامعة الإمارات”.
كما يستضيف الموقع الرئيسي للمهرجان وهو “استاد هزاع بن زايد” برامج الأطفال والناشئة والتي تتضمن فعاليات وورش عمل فنية وتفاعلية للأطفال والجمهور إلى جانب البرنامج الفني الذي يتميّز بكونه برنامجاً حافلاً يضم ما يزيد عن 200 نشاط، ويحفز الفئات المستهدفة على التفكير والابتكار وينمّي المواهب الفنية والإبداعية من خلال سرد قصصي وعروض علمية ومسابقات وتحديات.
وتنتظر محبي الأدب والثقافة مجموعة من الندوات الأدبية والثقافية التي تجمع بين تنوع المضمون وعمق الطرح؛ والتي تُقام في كل من “بيت محمد بن خليفة” و”جامعة الإمارات”، لتسلط الضوء على موضوعات تهم كل فئات المجتمع. إذ يُنظم “بيت محمد بن خليفة” ما يناهز 14 ندوة طوال فترة المهرجان، ستتطرق إلى عناوين مهمة منها “الاستثمار في الشباب.. طريق العبور إلى المستقبل”، و”الإمارات مركزاً عالمياً رائداً للأمن الغذائي المبتكر.. مدينة العين نموذجاً”، إلى جانب “الحلول الإبداعية المستدامة لتعزيز نمو الأطفال.. المجلس الاستشاري للأطفال نموذجاً”، و”دعم الابتكار وتعزيز المواهب.. الطريق إلى التنمية المستدامة”، و”بطلات إماراتيات.. سفيرات الوطن في المحافل الرياضية”، وغيرها العديد من العناوين الهامة.
وامتداداً للبرنامج الثقافي، تشمل أجندة الحدث تنظيم مجموعة من الندوات الأدبية والثقافية المتخصصة في “جامعة الإمارات” تتطرق إلى مواضيع أدبية وثقافية متخصّصة، مثل “الرواية بين الصناعة والإبداع”، وجلسة حوارية حول مجلة “المركز” المحكَّمة الصادرة عن مركز أبوظبي للغة العربية”، فضلاً عن جلسات “السينما.. كيف نصل إلى الجمهور”، و”تحصينات أبوظبي .. تاريخها وسماتها ووظائفها”، و”أدب الطفل الإماراتي”، إضافة إلى عرض سينمائي لأفلام قصيرة بالتعاون مع المخرج نواف الجناحي.
بينما احتضنت “مكتبة زايد المركزية” حفل تكريم الفائزين بـ”جائزة كنز الجيل” في نسختها الأولى يوم 16 نوفمبر الجاري، وتم تنظيم ورش عمل متخصصة في الكتابة الإبداعية لقصص الأطفال، والأعمال السينمائية الموجّهة للأطفال.
وعلى صعيد متصل يُقدّم البرنامج الفني للمهرجان عروضاً فنية متنوعة، منها عروض شعبية وتراثية تسلّط الضوء على جمالية موسيقى الشعوب، إلى جانب عروض الشخصيات الكرتونية، والعروض المتنقّلة، التي ستُقام بين أروقة المهرجان وعلى مسرح العروض، لإضفاء أجواءٍ من البهجة والسرور على المكان، وتقديم تجربة فريدة من نوعها لزوّار المكان طيلة أيام المهرجان.
وأكد الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، أن “مهرجان العين للكتاب يُشكل منصة تحتفي بأعمال الكتّاب والمثقّفين والمبدعين الإماراتيين، والتي يسعى من خلالها المركز التحفيز لتأسيس مجتمع قارئ ومثقف ومتمسك بانتمائه لقيم الإمارات. كما يُعد المهرجان فرصة مثالية لتعريف الشباب والنشء بالقيم الأصيلة للمجتمع الإماراتي وحثه على تبني المفاهيم الإبداعية التي تعزز مساهمته في خدمة المجتمع، حيث نهدف من خلال الحدث إلى إشراك جميع شرائح المجتمع في أجندة فعاليات المهرجان التفاعلية، لتقديم محتوى معرفي وفني وثقافي يعمق القيم والموروث الإماراتي الأصيل. ليُكرس المهرجان بشكله الجديد مكانة أبوظبي الريادية في مجال تنظيم المعارض وفق أفضل المعايير العالمية وبما يواكب متطلبات أفراد المجتمع الإماراتي”.
أكثر تنوعا

وأضاف بن تميم “اخترنا شعار المهرجان هذا العام ليعكس الطابع الترحيبي لمدينة العين وخصوصيتها، التي تحتضن زوّارها دائماً في أجواءٍ استثنائية، تستمدّها من هويتها المتفرّدة وسماتها التراثية والعمرانية”.
من جانبه قال سعيد حمدان الطنيجي إن “مهرجان العين للكتاب يُطلّ هذا العام على مجتمع القُراء بشكل أكثر تنوعاً وزخماً، وذلك بناءً على نجاحاته السابقة وتاريخه الطويل والعريق في تعزيز الأدب والثقافة، والاحتفاء بالموروث الشعبي والكلمة والكاتب الإماراتي، وعلى حد سواء تقديم تجربة ثقافية تفاعلية حافلة بالأنشطة والندوات والفعاليات النوعية، مع التركيز على فئة الشباب، وإبراز الإرث الثقافي الغني، وتعزيز مكانة مدينة العين على الخارطة الثقافية”.
وأضاف “نحتفل من خلال المهرجان بالروح المتجددة لمدينة العين عبر استضافة 110 من العارضين، واستهداف حضور أكثر من 35 ألف زائر، للاستمتاع بباقة من الأنشطة المتنوّعة في مواقع مختلفة، مثل ‘استاد هزاع بن زايد’ الذي يعد تحفة معمارية مميزة وصرحاً رياضياً استثنائياً تم بناؤه وفق أحدث التقنيات العالمية المتطورة ليعكس أصالة مدينة العين والنهضة الرياضية في الإمارات إلى جانب ‘مكتبة زايد المركزية’ التي تُعتبر أكبر مكتبة في مدينة العين وتضم أكثر من 100 ألف عنوان متنوع؛ فضلاً عن ‘جامعة الإمارات’ أول جامعة وطنية شاملة وصرح أكاديمي وبحثي مهم على مستوى العالم إضافة إلى ‘بيت محمد بن خليفة’ الذي يعد وجهة ثقافية فريدة من نوعها ومقصداً مجتمعياً متمركزاً في بيت تراثي”.
تنظيم تشاركي
يقام “مهرجان العين للكتاب 2022” في نسخته الجديدة والمختلفة برعاية كل من “نادي العين” و”جامعة العين” كرعاة استراتيجيين، و”شركة أبوظبي للإعلام” كراع إعلامي، والراعي اللوجستي “شركة توزيع للتوزيع والخدمات اللوجستية”. ويشارك في فعاليات العديد من الجهات من بينها “نادي تراث الإمارات” ممثلاً بـ”مركز زايد للدراسات والبحوث”.
ويحتوي جناح النادي على باقة واسعة من العناوين التراثية، والكتب المحققة ودواوين الشعر النبطي، فضلاً عن الإصدارات الموسوعية، وأعداد مجلة تراث، ومن أحدث الإصدارات التي يشارك بها النادي وأطلقت مؤخرا كتب ”السنع.. قيم وعادات المجتمع الإماراتي”، و“تطور التخطيط العمراني لمدينة العين من واقع التجربة”، و“سرديات من التراث الشفاهي الإماراتي”، و“عوشة بنت خليفة السويدي: معجزة الشعر الشعبي الإماراتي”، ومن الدواوين الشعرية ديوان“ السحاب العذب: قصائد في رثاء فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان”، وديوان الشاعر حمد حارب العميمي، وديوان الشاعرة موزة بنت جمعة المهيري.
وقالت فاطمة مسعود المنصوري مديرة “مركز زايد للدراسات والبحوث” إن هذه المشاركة تمثل فرصة مهمة لإيصال نتاجات النادي من العناوين الثقافية والتراثية إلى فئات وشرائح مجتمع العين المختلفة، وهي كذلك فرصة أهم لإطلاعهم على ما يضطلع به النادي من دور بارز في الاهتمام بالتراث، وبالجهود المميزة التي يبذلها في سبيل تعزيز مفاهيم الحفاظ على التراث والمحافظة على الهوية الوطنية وتعزيز مقوماتها المختلفة.
كما يشارك “مركز جامع الشيخ زايد الكبير” في فعاليات هذه الدورة بجناح خاص يطلع زوار المعرض على مقتنيات مكتبة الجامع من أندر الكتب والمخطوطات، التي تحتفي بثراء الثقافة الإسلامية، إلى جانب إصدارات المركز ومن أبرزها: “بيوت الله”؛ الذي يتناول تاريخ الجوامع في التاريخ الإسلامي بما فيها جامع الشيخ زايد الكبير، وكتاب “فضاءات من نور”؛ الذي يضم عددا من اللقطات والصور الخاصة بجائزة “فضاءات من نور” للتصوير الضوئي، وغيرها.
ويقدم أخصائيو الجولات الثقافية في جناح المركز المشارك في المعرض شرحًا لمختلف شرائح المجتمع، حول رسالة الجامع الداعية إلى التسامح والتعايش وما يتميز به من جماليات العمارة الإسلامية، وما رسخه من مكانة على خارطة السياحة العالمية، كوجهة رائدة تستقبل سنويا حوالي 6 ملايين زائر من مختلف أنحاء العالم.
ومما تجدر الإشارة إليه أن مشاركة المركز ضمن فعاليات المعرض تأتي تجسيدًا لدوره كصرح ثقافي يعمل على إحياء مفردات الحضارة الإسلامية وما جادت به عبر عصورها من علوم وفنون، طالما شكلت أداة مشتركة للحوار الحضاري بين الثقافات.