معرض الرباط للكتاب يحتفي بسيدة المسرح المغربي الراحلة ثريا جبران

الرباط- جرى، مؤخرا في الرباط، تقديم الكتاب الجماعي “ثريا جبران.. الأيقونة”، الذي أشرف عليه عدد من الفنانين والأدباء المغاربة، احتفاء بسيدة المسرح المغربي ثريا جبران، وذلك في إطار فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من المعرض الدولي للنشر والكتاب، المقام إلى غاية الحادي عشر من يونيو الجاري.
وتميز حفل تقديم الكتاب بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، ومدير المسرح الوطني محمد الخامس محمد بنحساين، إلى جانب شخصيات فنية وثقافية معروفة في الساحة الوطنية، وعدد من أصدقاء الراحلة وبعض أفراد عائلتها.
ويسلط هذا المؤلف، الصادر سنة 2023 عن منشورات وزارة الشباب والثقافة والتواصل (مطبعة دار المناهل)، الضوء على ذاكرة الفنانة الراحلة ثريا جبران، من خلال مجموعة من المقالات والدراسات والشهادات، التي تبرز المسار الفني الحافل للراحلة في خدمة الفن والإبداع في المغرب.
واشتغلت على هذا الإصدار الجماعي الجديد مجموعة من المساهمين، على غرار الكاتب محمد بهجاجي والصحافي حسن نجمي، والشاعر نجيب خداري، والفنان التشكيلي عبدالله الحريري، والفنان المسرحي حسن النفالي، والمخرج عبدالجبار خمران.
ويتضمن الكتاب، الذي تم الاشتغال عليه منذ سنة 2021، حوالي 115 مساهمة من مقالات ودراسات وشهادات من عدد من محبي ثريا جبران ورفقاء دربها، إضافة إلى 300 صورة من الأرشيف الشخصي والعائلي للفنانة الراحلة، الذي يؤرخ لفترات مميزة من حياتها المهنية والشخصية.
وقد عرف الحفل تقديم مجموعة من الشهادات في حق الراحلة، ممن تعاملوا معها واشتغلوا إلى جانبها، والتي أبرزت الخصال التي كانت تتصف بها الفنانة ثريا جبران على المستوى الإنساني، في تعاملها مع باقي الفنانين، “الذين كانت تعتبرهم إخوة بالنسبة إليها”.
كما سلطت الشهادات الضوء على الفترة التي قضتها جبران على رأس وزارة الثقافة، حيث كان لها الفضل في إنجاز العديد من الورشات والمشاريع الثقافية، التي تسعى إلى تحسين وضعية هواة المسرح والفنان المغربي بشكل عام.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال وزير الشباب والثقافة والتواصل إن هذا الإصدار الجماعي “يعد شهادة في حق الراحلة ثريا جبران كفنانة مناضلة، وكوزيرة سابقة للثقافة”، نظرا إلى الاهتمام الإنساني والاجتماعي الذي كانت توليه للفنان المغربي، مبرزا أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل تعمل على نفس النهج تجاه الفنانات والفنانين المغاربة.
وأضاف أن فكرة تأسيس مؤسسة بالنسبة إلى الفنان المغربي مبنية في الأصل على الإرث الذي تركته الفنانة الراحلة ثريا جبران خلال فترة تقلدها مسؤولية وزارة الثقافة.
وتعتبر الراحلة ثريا جبران (1952 – 2020)، إحدى أبرز قامات المسرح المغربي، حيث عاشت مرحلة النجاح الفني أواخر الثمانينات والتسعينات، وساهمت في تأسيس فرق مثل “مسرح الشعب” و”مسرح الفرجة” و”مسرح الفنانين المتحدين”.
وشكل العمل مع المسرحي الراحل الطيب الصديقي مرحلة مهمة في مسارها الفني، حيث شاركت معه في تشخيص مسرحية “سيدي عبدالرحمن المجدوب” و”أبوحيان التوحيدي” ضمن “فرقة الناس”.
كما بادرت الراحلة إلى جانب المؤلف والمخرج المسرحي عبدالواحد عوزري، إلى تأسيس فرقة جديدة، شكلت تجربة مهمة وورشة هدفها إعادة الاعتبار للمسرح المغربي ورفع مستواه. ومن بين أعمالها “حكايات بلاحدود” و”نركبو الهبال” و”بوغابة” و”النمرود في هوليوود” و”امرأة غاضبة” و”جنان الكرمة” و”خط الرجعة” و”العين والمطفية” و”عود الورد”.
على مدى خمسين عاما، أو يزيد، ظلت ثريا جبران تمشي على خشبة المسرح المغربي في انحناء وكبرياء، يوم لم يكن المسرح مفروشا أو مكللا بالأزهار، ولكنه كان مشتعلا بالجمر. وإذا كان المسرح قد بدأ شعرا، فإن ثريا جبران، في حد ذاتها، قصيدة مسرحية بلا منازع. ذلك أن “الشعر بالنسبة إلى ثريا هو المسرح الأصفى”، كما يقول الشاعر المغربي محمد بنيس.
حصلت الفنانة ثريا جبران على العديد من الجوائز والأوسمة في عدد من المهرجانات الوطنية والدولية، من قبيل وسام الاستحقاق الوطني، ووسام الجمهورية الفرنسية للفنون والآداب. وقد ألقى المسرح بها إلى ضفاف السياسة، لتجد نفسها يوما ما وزيرة للثقافة، لكن بقيت ثريا الوزيرة هي نفسها ثريا الممثلة المسرحية، وهذا ما تؤكده أكثر من شهادة في الكتاب.