معرض أبوظبي للكتاب: جسر لتلاقي الحضارات والتجارب لأكثر من أربعة عقود

طه حسين شخصية العام المحورية وألمانيا ضيف شرف دورة 2022.
السبت 2022/05/21
برنامج فكري ثري

يسير معرض أبوظبي الدولي للكتاب على النهج نفسه الذي يجعله مساحة تجمع كل عام نخبة من الناشرين والمؤلفين والأدباء، وتمنحهم المجال الكافي لتبادل التجارب والخبرات والتعرف على الشخصيات المحورية وضيوف الشرف وحتى سياسة الدولة في النهوض بقطاع الكتب والنشر.

أبوظبي - تنطلق الاثنين فعاليات الدورة الحادية والثلاثين لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب بحضور نخبة من كبار الأدباء والمفكرين وبمشاركة أكثر من ألف ناشر من 80 دولة، يقدّمون جدولاً متكاملاً من الفعاليات يضمّ أكثر من 400 فعالية متنوعة.

ويعكس المعرض حالة التوهج الثقافي والمعرفي في دولة الإمارات التي تحولت خلال السنوات الماضية إلى حاضنة لكوكبة من أبرز المبدعين والمفكرين والأدباء المحليين والعالميين.

ونجح المعرض خلال الدورات الماضية في جذب أفضل دور النّشر تحت سقف واحد، واستقطاب أهم الأسماء البارزة في سماء الفكر والثقافة والمعرفة والإبداع، ضمن برنامج فكري ثري ومتعدد، حتى بات يصنف ضمن الأضخم في المنطقة العربية والشرق الأوسط من ناحية عدد دور النشر والدول المشاركة، معززا مكانته كمركز ثقل على السّاحة الثقافية العالمية، وواحة للتسامح وحوار الثقافات والتّنوع الفكري وتعزيز مفهوم أمثل للثقافة الجماهيرية.

وجاءت النسخة الأولى من المعرض في عام 1981 بمشاركة 50 ناشراً من مصر ولبنان، إضافة إلى المكتبات ودور النّشر المحلّية، وقد أمر الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بشراء ما تبقّى من كتب، وتوزيعها على الجهات والمكتبات العامة والمؤسسات ذات الصّلة، وكانت هذه المبادرة نواة لتأسيس دار الكتب الوطنية في الدّولة.

المعرض نجح خلال الدورات الماضية في جذب أفضل دور النّشر تحت سقف واحد واستقطاب أهم الأسماء البارزة

وفي عام 1986 شهد المعرض مرحلة جديدة من تاريخه، فقد حملت تلك النّسخة عنوان “معرض الكتاب الأول في أبوظبي” بمشاركة 70 دار نشر، وتلتها النّسخة الثانية بعد سنتين بزيادة في عدد دور النشر، في حين أقيمت النّسخة الثالثة من الحدث عام 1993، بعد توقّف دام 3 سنوات وفي ذلك العام تمّ إقرار انتظام الحدث بشكل سنوي.

وحقق المعرض شهرة واسعة بعد انتقاله إلى أرض المعارض، التي تحمل الآن اسم مركز أبوظبي الوطني للمعارض، حيث احتضن النسخة الرابعة من الحدث عام 1994، متوشحا بشكل التظاهرة الثقافية لجهة عدد الجمهور وحضور كبريات دور النّشر ورموز الحركة الثقافية والفكرية إقليميا وعربيا.

وحقق المعرض في النسخة العشرين تطورا نوعيا لافتا، فقد وصل عدد دور النّشر المشاركة إلى 823، كما تضاعف عدد الدول ليصل إلى 68 دولة عربية وأجنبية، واستضافة أكثر من 1200 شخصية من المعنيين بشؤون الثقافة والأدب والفن وخبراء في نشر الكتاب من جميع أنحاء العالم، ونحو 150 فعالية ثقافية ضمن البرنامج المصاحب، مع عرض لأكثر من نصف مليون عنوان.

وبرز “ركن النشر الإلكتروني” لتسليط الضوء على آخر المستجدات في عالم النشر الرقمي.

واحتفى المعرض بيوبيله الفضّي في النسخة الـ25 ببرنامج يخلّد ذكرى القائد المؤسس الراحل الشيخ زايد كشخصية محورية، بجانب توسّع مساحته إلى نحو 32 ألف متر مربع، فيما وصل عدد دور النشر إلى 1181 من 63 دولة، وقد ركز المعرض في تلك النسخة على تمكين المحترفين في عالم النّشر من خلال إطلاق مبادرة “أكاديمية معرض أبوظبي الدولي للكتاب”، ليصبح محطة مهنية نوعية لدور النشر.

وفي دورته الثلاثين التي عقدت العام الماضي شكل المعرض بارقة أمل لإنعاش قطاع نشر الكتب على المستوى العربي والعالمي بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها خلال فترة تفشي جائحة كورونا، حيث شهدت تلك الدورة مشاركة أكثر من 800 عارض من 46 دولة حول العالم، بين “الحضوري” و”الافتراضي” مع تطبيق إجراءات احترازية دقيقة بسبب الجائحة.

ويمثل معرض أبوظبي الدولي للكتاب جسرا لتلاقي الحضارات الإنسانية والتجارب المعرفية على أرض دولة الإمارات وذلك تجسيدا للتنوع والثراء الثقافي الذي يتميز به مجتمعها المحلي.

معرض أبوظبي الدولي للكتاب جسرا لتلاقي الحضارات الإنسانية والتجارب المعرفية
معرض أبوظبي الدولي للكتاب جسرا لتلاقي الحضارات الإنسانية والتجارب المعرفية 

ويسلط المعرض الضوء على المشاهد الثقافية في بلدان عدة حيث بدأ باستضافة دولة معينة كـ”ضيف شرف” في كل دورة من دوراته اللاحقة لتعرض وتقدم مجموعة متنوعة من الفعاليات التي تعكس إرثها الثقافي وتراثها الفني والأدبي، الأمر الذي عزز من الدور الكبير الذي يلعبه المعرض في الانفتاح على الثقافات الأخرى وقدرته على الابتكار والتفاعل مع الجمهور.

ومنذ عام 2011 ضمت قائمة ضيوف الشرف كلا من فرنسا والمملكة المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والسويد وأيسلندا وإيطاليا والصين وبولندا والهند وروسيا وألمانيا.

وأسهم معرض أبوظبي الدولي للكتاب خلال مسيرته الطويلة في الارتقاء بقطاع النشر والكتاب في الإمارات والمنطقة لتقدم نموذجاً عربياً متقدماً وفعالاً في ما يتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية، ومن المقرر هذا العام انعقاد الدورة الأولى من المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية الذي يُعقد يوم الثاني والعشرين مايو، قبيل انطلاق الدورة الـ31 من المعرض.

وتحل جمهورية ألمانيا الاتحادية ضيف شرف الدورة المنتظرة، والتي خصصت بدورها برنامجاً حافلاً من الفعاليات والأحداث الثقافية التي يشارك فيها نحو 10 ناشرين ومثقفين ومبدعين ألمان سيلتقون جمهور الثقافة الإماراتية والعربية من خلال أكثر من 15 جلسة ثقافية ومهنية متنوّعة.

واختار مركز أبوظبي للغة العربية عميد الأدب العربي طه حسين شخصية العام المحورية لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2022، وذلك تقديراً لإسهاماته الكبيرة والمضيئة التي رسّخها في تاريخ الثقافة العربية، إذ يحتفي الحدث بهذه القامة الأدبية المرموقة من خلال جناح خاص يسلّط الضوء على مكانة وأهمية الأديب، بسرد بصري لملامح من حياته، بالتنسيق مع متحف طه حسين في مصر، وسلسلة من الندوات التي تناقش محاور عدة في مسيرة طه حسين وفكره.

14