معرض أبوظبي الدولي للكتاب يحظى بدعم استثنائي هذا العام

اختتمت مساء الأحد فعاليات الدورة الثانية والثلاثين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2023 الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك)، مقدما دورة اعتبرت الأكبر في تاريخ المعرض.
أبوظبي - واصل معرض أبوظبي الدولي للكتاب دعمه للأدب والثقافة والمعرفة والفنون وصناعة الكتاب عبر المئات من الفعاليات التي قدمها على امتداد أيام دورته الثانية والثلاثين التي امتدت من الثاني والعشرين إلى الثامن والعشرين من مايو.
وحظي المعرض بدعم كبير هذا العام، ففي إطار توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بدعم المكتبة المدرسية وتشجيع الطلبة على القراءة، تم تخصيص 10 ملايين درهم لشراء كتب ومراجع من معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ32 لتوزيعها على مدارس الدولة.
وتهدف هذه المبادرة إلى ترسيخ ثقافة القراءة وإثراء المخزون العلمي والمعرفي من المراجع والكتب العلمية في مختلف مدارس الدولة. وارتفعت قيمة الدعم من 6 ملايين درهم خلال الدورة الماضية من المعرض إلى 10 ملايين درهم هذا العام، في بادرة تجسد مكانة الثقافة في فكر القيادة الحكيمة، ورؤيتها الإستراتيجية لبناء مجتمع المعرفة.
تناولت الحلقات النقاشية ضمن النسخة الـ32 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب العديد من المواضيع كان أبرزها ما يعنى بصناعة الكتاب والترجمة. وفي هذا الصدد شارك عدد من الناشرين في حلقة نقاشية تحت عنوان “وصفة مهنية لكتب مترجمة ناجحة”.
وتحدث خلال الحلقة الأكاديميون آسيا موساي، ناشرة في دار منشورات الاختلاف، وفاطمة البودي ناشرة في دار العين للنشر، وتهاني أبوالقرايا رئيس قسم برامج الترجمة في مركز أبوظبي للغة العربية، وعفراء محمود ناشرة في دار غاف، وحاورهم مصطفى السليمان مترجم وعضو الهيئة العلمية لجائزة الشيخ زايد للكتاب.
الترجمة الأدبية
تضمن النقاش الطرق المثلى لاختيار عناوين جديدة للترجمة. وأشارت أبوالقرايا إلى أن مشروع “كلمة” يسعى لإحياء الترجمة في العالم العربي متبعا عدة إجراءات أولها اختيار ما يناسب القارئ العربي، وذلك عبر جمع البيانات الخاصة بالناشرين والتعرف إلى إصداراتهم الحديثة كإشارة للذوق الحالي للقارئ، حيث يتم تقييم العناوين المطروحة قبل أخذ آراء اللجنة الاستشارية، ومن ثم التشاور بشأن أهمية الكتاب والحصول على حقوق الترجمة.
وأكدت أبوالقرايا ضرورة إيجاد المترجم المناسب للكتاب، وأن يكون على صلة مع القراء ليعرف توجهاتهم في القراءة. أما آسيا موساي فقد أشارت إلى ضرورة اقتناع الناشر بما يختاره للترجمة، وألا تقتصر الترجمة على ما يتطلبه سوق النشر فقط، بل على شغف الناشر أيضاً الذي قد يفتح مجالاً جديداً للقراء العرب.
وأكدت موساي أن المجتمع الغربي غير مقبل على ترجمة الأعمال العربية بسبب الفجوة الكبيرة بين الحضارات، مما يتوجب علينا عرض الأعمال الجيدة من التراث العربي والأعمال الأدبية في تاريخنا المعاصر.
◙ "ركن الفن" في الدورة الجديدة من المعرض جمع بين تجارب فنية متباينة تحمل رسائل إنسانية واجتماعية وتربوية
وضمن حديثها عن تجربة “دار غاف للنشر” الناشئة، أشارت عفراء محمود إلى أن دار غاف قد تأسست على خلفية ما يواجهه بعض الكتاب الإماراتيين من قلة في دور النشر التي تتبنى أعمالهم للترجمة والنشر، فجاءت دار غاف لتساهم في تلبية احتياجاتهم كدار نشر إماراتية تهتم بالكاتب الإماراتي والكاتب العربي على حد سواء.
وأضافت أن لدار غاف توجهات وأفكاراً تعتمد على ترجمة التراث الأجنبي في شتى المجالات، وأنها تسعى لشراء حقوق العناوين لبث الثقة في الدار لدى سوق النشر. وركزت على أهمية التحدث بقوة عن أنفسنا لسد الفجوة بين الحضارات وأسواق النشر العربية والأجنبية.
كما تحدثت فاطمة البودي عن تحديات النشر التي واجهتها دار العين للنشر في بداياتها، وذكرت منها اختيار العناوين المناسبة للترجمة، وتنفيذ عملية الترجمة وإصدار الكتاب، مما يحتاج إلى خبرات متراكمة لخوض سوق الترجمة وتحقيق النجاحات المرجوّة، هذا بالإضافة إلى إشكالية توزيع الكتب داخل مصر وخارجها التي تواجهها دور النشر العربية بشكل عام، بسبب العوائق الاقتصادية والسياسية، وعمليات القرصنة والتزوير، في حين أن وسائل النشر الرقمية تواجه تحديات أقل لوجود الكتب في أكثر من منصة، مما يحقق انتشاراً كبيراً لها، على الرغم من توفر بعض الكتب الإلكترونية المزوّرة على بعض المواقع.
وأشارت البودي إلى إمكانية الاستغناء عن الوكيل الأدبي في وقتنا الحالي، وذلك لمواجهة بعض دور النشر بعض التحديات المتعلقة بالعامل غير المباشر مع المؤلف أو الناشر، وذلك جنباً إلى جنب مع ما تقدمه دولة الإمارات من تسهيلات لدعوة الناشرين الأجانب للتواصل المباشر مع الناشرين العرب.
اهتمام بالفنون
يولي معرض أبوظبي الدولي للكتاب في كل دوراته اهتماما بالغا بالفنون بمختلف مدارسها وتجلياتها، وذلك ليفسح لجمهوره مجالا واسعا لتذوق مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية المتميزة من جهة وليسلط الضوء على عدد من أصحاب المواهب الأصلية من مختلف الأعمار والجنسيات، متيحاً لهم فرصة تقديم إبداعاتهم الفنية لرواد المعرض والحديث عن تجاربهم وأفكارهم وطموحاتهم من جهة أخرى.
وجسد “ركن الفن” في الدورة الجديدة هذا الاهتمام إذ يجمع بين تجارب فنية متباينة تحمل رسائل إنسانية واجتماعية وتربوية عدة ومن هذه التجارب تجربة تجمع بين الفنان الإماراتي الشاب سالم عبدالله الكعبي والفنان الهولندي أندي كارتير لتقديم أعمال فنية مبتكرة تجسد الفكرة المحورية للمعرض هذا العام وهي الاستدامة، وذلك لتحفيز طلبة المدارس والجامعات للتفاعل مع الفن والأعمال المعروضة ونشر الوعي بالاستدامة وقضايا البيئة والمناخ وتعريفهم بجهود الدولة في هذا المجال.
ووظف سالم الكعبي في الأعمال التي قدمها مع الفنان أندي كارتير بالمعرض خبراته كمهندس في مجال الابتكار والمواد الكيميائية عبر لوحات ومجسمات فنية مصنوعة من منتجات معاد تدويرها وصديقة للبيئة.
كما شهد ركن الفن مشاركة متميزة للطالبة سلمى عصام وهي فنانة تشكيلية من أصحاب الهمم استعادت قدرتها على الحركة عن طريق الفن، وترسم سلمى لوحاتها بطريقة بسيطة مع استخدام أدوات مساعدة من خامات من البيئة وتقدم خلال المعرض ورشة عمل حول الألوان الأساسية والتأثيرات اللونية وأخرى عن تقنية الطباعة بالاستنسل.