معتقلو داعش عبء يثقل كاهل الإدارة الذاتية الكردية

دمشق - أنهت قوات سوريا الديمقراطية عصيانا شهده سجن يضم الآلاف من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا، بيد أن القلق لا يزال يسود المنطقة التي تخضع لسيطرة الأكراد من إمكانية عودة التمرد وتمدده لمعتقلات وسجون أخرى وما لذلك من تبعات أمنية خطيرة.
واندلعت، الأحد، أعمال شغب داخل السجن الواقع في مدينة الحسكة ويؤوي نحو خمسة آلاف معتقل، بينهم أجانب من جنسيات مختلفة.
وأعلن المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية كينو كبرئيل في بيان أنه خلال العصيان “تمكن إرهابيو داعش المعتقلون من تخريب وخلع الأبواب الداخلية للزنزانات، وإنشاء فتحات في جدران المهاجع، والسيطرة على الطابق الأرضي للسجن”.
وتدخلت قوات “مكافحة الإرهاب” التابعة لقوات سوريا الديمقراطية بدعم من طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن التي حلقت في الأجواء للمراقبة. وتمكنت تلك القوات وفق المتحدث من “إنهاء حالة العصيان الحاصلة، وتأمين المركز وجميع المعتقلين الموجودين داخله”.
وقال كبرئيل إن “الوضع في المعتقل تحت السيطرة بشكل كامل” لافتا إلى أنه لم يُسجّل هروب أي من المساجين. وأكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أربعة معتقلين حاولوا الفرار، الأحد، تمّ العثور عليهم لاحقا مختبئين في السجن، وأفاد المرصد بعودة الهدوء صباح الاثنين.
وكان التلفزيون السوري ذكر في وقت سابق أن 12 متشددا فروا من السجن باتجاه الضواحي الجنوبية للمدينة التي تعد مركز الإدارة الذاتية الكردية.
ويقبع في سجون قوات سوريا الديمقراطية، التي أعلنت هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في مارس 2019، 12 ألف عنصر من التنظيم الجهادي، بينهم 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي من 54 دولة. والآلاف من هؤلاء اعتقلوا خلال المعركة الأخيرة في بلدة الباغوز شرقي سوريا.
وأكد متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن السجن الذي شهد تمردا لا يضم أي أعضاء بارزين في تنظيم الدولة الإسلامية. ويطالب الأكراد الدول المعنية باستعادة مواطنيهم المحتجزين لديهم أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة الجهاديين، كما يطالبون المجتمع الدولي بضرورة دعمهم في حماية وتأمين السجون.
12 ألف عنصر من تنظيم داعش يقبعون في سجون تديرها قوات سوريا الديمقراطية
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية “إن حادثة سجن ‘الصناعة في حي غويران’ تؤكد مرة أخرى قدرة قوات سوريا الديمقراطية على تأمين إرهابيي داعش، ولكن تبين أيضا أننا بحاجة إلى المزيد من الدعم من المجتمع الدولي والتحالف الدولي، من أجل تأمين الحماية القصوى لمراكز الاحتجاز والمخيمات التي تضم إرهابيي داعش وأفراد عائلاتهم”.
ويشكل وجود كمّ كبير من عناصر داعش في سجون بمناطق الإدارة الذاتية عبئا ثقيلا على قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي في الوقت الذي تواجه فيه الأخيرة خطر تفشي فايروس كورونا المستجد في المنطقة.
وينتقد كثيرون مماطلة المجتمع الدولي في حل قضية المعتقلين من عناصر داعش، معتبرين أن الوضع يزداد خطورة في تلك المنطقة مع تفشي كورونا الذي يخشى من أن يمتد للسجون والمعتقلات التي تضم هؤلاء، وما لذلك من تداعيات كارثية.
ويرى محللون أن انشغال الدول حاليا بمواجهة تفشي وباء كورونا من شأنه أن يضعف جهود قوات سوريا الديمقراطية في دفع المجتمع الدولي لحل هذه المعضلة.
وتقوم الإدارة الذاتية بجهود مضنية لاحتواء أي انتشار للفايروس في مناطق سيطرتها بيد أن التداعيات الأمنية سواء لجهة تأمين المعتقلات أو في علاقة بالتجاوزات التركية المستمرة من شأنها أن تشتت تلك الجهود.
وذكر نشطاء أكراد أن جماعات سورية موالية لتركيا عمدت بالتزامن مع محاولة التمرد الفاشلة لعناصر داعش إلى التحرك وشن هجمات في مناطق بمحافظة الرقة وتحديدا عين عيسى وعلى الطريق الدولي “أم 4”.
وكانت تركيا عمدت في الأيام الماضية لقطع المياه عن محافظة الحسكة.
وتنظر تركيا لأكراد سوريا على أنهم تهديد لأمنها القومي، وتخشى من نجاحهم في فرض إقليم حكم ذاتي في المناطق الحدودية معهم، وهذا الأمر قد يعزز طموحات أكراد الداخل للنسج على ذات المنوال.
وشنت تركيا منذ العام 2016 عمليتين عسكريتين استهدفتا أكراد سوريا الأولى حملت تسمية “درع الفرات” وركزت على قطع الطريق على تمدد الوحدات الكردية في محافظة حلب، والثانية جرت في العام 2019 تحت شعار “غصن الزيتون” نجحت خلالها أنقرة بالتعاون مع ميليشيات سورية موالية في السيطرة على مدينة عفرين، وتهجير سكانها الأكراد وتوطين الآلاف من النازحين العرب داخلها.