معاناة هائلة على صعيد الصحة النفسية في العالم

نسب الإصابة بالاكتئاب ازدادت بواقع الربع خلال السنة الأولى من الجائحة.
السبت 2022/06/18
الدعم النفسي يقلل من أثر كورونا على الأفراد

كان علماء النفس قد أشاروا إلى أن أزمة كورونا ستظهر تداعياتها النفسية على العديد من السكان بعد مرور ما يقارب الثلاثة إلى ستة أشهر من انتهاء فترة الحجر، وهو ما أكدته اليوم دراسة هي الأوسع لمنظمة الصحة العالمية بشأن الصحة الذهنية حول العالم. وكشفت الدراسة أن هذا الوضع أسوأ للأشخاص الذين يعيشون في مناطق الحروب والنزاعات.

جنيف – حذر الأطباء وعلماء النفس من آثار جائحة كورونا على الصحة النفسية للأفراد، حاضرا ومستقبلا، ودعوا إلى مراقبة آنية للحالات النفسية لفئات مجتمعية بعينها. كما قاموا بمقارنات للحالة النفسية لعدد من المجتمعات والأفراد ما قبل كورونا وما بعدها، فاكتشفوا أن الوباء غير من خارطة الصحة النفسية في العالم.

ودعت منظمة الصحة العالمية الجمعة بلدان العالم كافة إلى زيادة استثماراتها في مجال الصحة النفسية، مؤكدة أن المعاناة هائلة على هذا الصعيد وقد تفاقمت بفعل جائحة كوفيد-19.

وحتى قبل بدء الجائحة، كان حوالى مليار شخص في العالم يعانون نوعا من الاضطرابات النفسية، وفق ما أعلنت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في دراسة هي الأوسع لها بشأن الصحة الذهنية حول العالم استغرق إعدادها عقدين من الزمن. وخلال السنة الأولى من الجائحة، ازدادت نسب الإصابة بالاكتئاب والقلق بواقع الربع.

الشباب والنساء الذين يعانون أصلا مشكلات في الصحة العقلية، تضرروا بدرجة أكبر جراء تبعات الجائحة

لكن الاستثمارات اللازمة للتصدي لهذه الحالات لم تشهد أي ازدياد، إذ أن 2 في المئة فقط من الميزانيات الوطنية للصحة وأقل من 1 في المئة من إجمالي المساعدات الدولية لفائدة قطاع الصحة مخصصة للصحة النفسية، وفق تقرير منظمة الصحة العالمية.

وقال مارك فان أوميرين من قسم الصحة النفسية في منظمة الصحة العالمية، خلال مؤتمر صحافي إن “كل هذه الأرقام متدنية للغاية”، لافتا إلى أن هذا التقرير يعكس إلى أي مدى المعاناة هائلة حول العالم.

ولفت التقرير إلى أن شخصا من كل ثمانية أشخاص في العالم تقريبا يعاني اضطرابا ذهنيا. وهذا الوضع أسوأ للأشخاص الذين يعيشون في مناطق النزاع، حيث تشير التقديرات إلى أن شخصا من كل خمسة يعاني مشكلة في الصحة النفسية.

وقد تضرر الشباب والنساء والأشخاص الذين يعانون أصلا مشكلات في الصحة العقلية، بدرجة أكبر جراء تبعات الجائحة والقيود المترتبة عنها، وفق فان أوميرين.

وسلط التقرير العالمي بشأن الصحة العقلية الضوء أيضا على الفروق الشاسعة بين البلدان على صعيد النفاذ إلى الرعاية الطبية اللازمة على مستوى الصحة النفسية: ففي حين أكثر من 70 في المئة من الأشخاص الذين يعانون حالات ذهان يحصلون على علاج في البلدان المرتفعة الدخل، لا تتخطى نسبة هؤلاء 12 في المئة في البلدان ذات الدخل المنخفض، بحسب فان أوميرين.

ودعا المسؤول في منظمة الصحة العالمية إلى إنهاء الوصمة السلبية للمصابين بمشكلات نفسية، موضحا أن 20 بلدا في العالم لا تزال تجرّم محاولات الانتحار.

وإذ ذكّر بأن محاولة انتحار واحدة من كل عشرين تنتهي بالوفاة، أشار فان أوميرين إلى أن الانتحار لا يزال السبب في أكثر من 1 في المئة من الوفيات في العالم.

1

في المئة من الوفيات في العالم بسبب الانتحار الناجمة عن أمراض نفسية

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في تصريحات أوردها البيان إن “الاستثمار في الصحة النفسية هو استثمار لحياة ومستقبل أفضل للجميع”.

وكان تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان “الإغلاق هو أكبر تجربة نفسية للعالم ..وسندفع الثمن” قد كشف أن العالم قد عاش  أكبر اختبار نفسي على الإطلاق مع ظهور جائحة كورونا.

وأكد التقرير أن أزمة كورونا ستظهر تداعياتها النفسية على العديد من السكان بعد مرور ما يقارب الثلاثة إلى ستة أشهر من انتهاء فترة الحجر.

كما كان التقرير قد أشار إلى أن سكان العالم سيواجهون عديد المشاكل النفسية المتعلقة بالغضب والقلق بسبب عزلهم في المنازل وأنه لا يمكن الخروج من هذه الحالة النفسية إلا من خلال اهتمام الحكومات بالدعم النفسي للسكان خلال الأزمات وليس الاكتفاء بمعالجتها بعد الكوارث.

ولفت التقرير إلى أن دول العالم تسعى اليوم إلى بناء المستشفيات لكنها لا تسارع إلى بناء وحدات الدعم النفسي لمعالجة الآثار الوخيمة للجائحة الأمر الذي ينذر بكارثة نفسية بعد انتهاء فترة العزل.

واستدل الباحثون على ذلك بمثال الدولة الفرنسية التي عمدت خلال التسعينيات إلى تبني منهحية ثورية في مراقبة الآثار النفسية على المواطنين بعد الهجمات والكوارث الطبيعية التي تعرضت لها، لكنها لم  تول الاهتمام نفسه في التعامل مع جائحة كورونا.

كما أكد تقرير نشرته المجلة الطبية “ذا لنسيت” بعنوان “الأثر النفسي للحجر الصحي وكيفية الحد منه” ما ذهبت إليه الأبحاث السابقة حول الآثار النفسية المدمرة للعزل المنزلي بما في ذلك أعراض الإجهاد بعد الصدمة والارتباك والغضب.

17