معارك عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع بعدة جبهات

استخدام البرهان للطيران الحربي بشكل مكثف في ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض ومدينة الفاشر يسفر عن مقتل العديد من المدنيين.
الاثنين 2024/06/03
قوات البرهان تبحث عن تقدم ميداني دون مراعاة حياة المدنيين

الخرطوم - اندلعت، الأحد، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولايات الخرطوم والجزيرة (وسط) والنيل الأبيض (جنوب) وفي مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور (غرب)، وسط مساعي الجنرال عبدالفتاح البرهان إلى إحراز تقدم ميداني يحفظ به ماء الوجه في تجاهل لسقوط ضحايا من المدنيين.

وأفاد شهود عيان، بأن الجيش السوداني نفذ غارات جوية على مراكز تجمع قوات الدعم السريع حول مصفاة الجيلي للنفط شمالي الخرطوم.

وذكر الشهود أن أعمدة الدخان تصاعدت في سماء المنطقة بكثافة جراء القصف الجوي.

ومصفاة الجيلي، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع أكبر مصفاة للوقود في السودان، ومنذ بدء القتال في أبريل من العام الماضي تعرضت لضربات جوية ومدفعية عدة، يتبادل طرفا الصراع الاتهام بشأنها، وكانت الأخيرة الأسبوع الماضي، حيث أدت إلى حدوث حريق كبير.

ويُخشى على نطاق واسع من أن يؤدي القصف والعمليات الحربية حول المصفاة إلى تدمير واحدة من أهم المنشآت النفطية في السودان، التي تغطي منتجاتها أكثر من 40 بالمائة من حاجة البلاد للوقود.

وتبعد المصفاة نحو 55 كيلومتراً شمال مدينة الخرطوم بحري، ويصلها النفط الخام عبر الأنابيب من حقول النفط في ولايتي غرب وجنوب كردفان، وأدى القتال الدائر حول المصفاة وداخلها إلى توقفها عن تكرير المواد النفطية، ما اضطر السودان لاستيراد كل احتياجاته من المحروقات.

وما زالت قوات الدعم السريع تسيطر على مناطق واسعة في مدينة بحري (شمال شرقي الخرطوم) بما فيها مصفاة الجيلي، بينما يتمركز الجيش بعدة أحياء شمال بحري، وفي مقر سلاح الأسلحة ومعسكري حطاب والكدرو بذات المدينة.

كما شن طيران الجيش غارات في مناطق جنوبي الخرطوم، ومنطقة القطينة بولاية النيل الأبيض المتاخمة للخرطوم من الناحية الجنوبية، حسب الشهود.

وتحاول قوات الدعم السريع منذ أيام التقدم نحو ولاية النيل الأبيض بعد سيطرتها على عدد من القرى شمال الولاية، ودارت معارك خلال الأيام الماضية ضد الجيش السوداني بالقرب من مدينة الدويم (190 كيلومتراً شمال الخرطوم).

وقالت لجان مقاومة مدني (ناشطون) في بيان، إن الطيران الحربي نفذ غارات على قرية "بيكا" غرب مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع أدت إلى مقتل ثلاثة من المواطنين وعدد من الإصابات حسب الرصد الأولى.

وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في ديسمبر الماضي قبل أن تتمدد جنوبا حتى تخوم ولاية سنار، بينما لا يزال الجيش يسيطر على محليتي المناقل والقرشي الواقعتين غرب ولاية الجزيرة.

وذكر شهود عيان، أن الاشتباكات تجددت بالأسلحة الثقيلة بين الجيش وقوات الدعم السريع شمالي وشرقي الفاشر.

وأضاف الشهود، أن الجيش شن غارات على تجمعات الدعم السريع شرقي الفاشر.

وأكدت قوات الدعم السريع في بيان نشرته عبر صفحتها على منصة إكس مساء الأحد أن قواتها بولاية شمال دارفور تصدت "لميليشيا البرهان ومرتزقة الحركات المسلحة بمنطقة (أم بعر)، في محاولة يائسة للتسلل إلى الفاشر، حيث لقنتهم قواتنا درسا في البسالة والإقدام".

وأشارت إلى أن قواتها تمكنوا "من سحق كامل المتحرك، والاستيلاء على عدد 113 عربة لاندكروز بكامل عتادها العسكري وحرق 14 عربة أخرى، ومدافع، ومقتل المئات، والاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر".

وأعلنت قوات الدعم السريع في وقت سابق السبت أن قواتها قد تمكنت من إسقاط طائرة حربية أبابيل تابعة للبرهان في معارك جسر الحلفايا بحري خلال المعارك التي جرت الجمعة.

ويعد جسر الحلفايا أحد الجسور العشرة بالعاصمة السودانية التي قسمتها الأنهار إلى مدن ثلاث - الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان. ويقع جسر الحلفايا بالاتجاه الشمالي للعاصمة المترامية الأطراف على نهر النيل، ويعتبر أكبر جسر عرضي بالسودان إذ يبلغ طوله 910 أمتار تقريبا وعرضه 27 مترا تقريبا، ويتسع لستة مسارات بالأوقات العادية، وفقا لصحيفة "اللحظة" السودانية.

ويمثل الجسر أهمية استراتيجية قصوى، وفقا للمصدر ذاته، فعبره يمكن التوغل إلى أطراف مدينة أم درمان، والوصول إلى قاعدة وادي سيدنا الجوية، والكلية الحربية السودانية شمال العاصمة من جهة أم درمان.

كما يتاخم أقدم المقرات والمعسكرات ومعاهد تدريب قتالية تابعة للجيش السوداني بينها قيادة الفرقة التاسعة المحمولة جوا التي تشمل فرق المظلات والصاعقة، والاقتحام الجوي. كما تضم منطقة كرري العسكرية معسكر جبل سركاب أكبر معاقل الدعم السريع بمدينة أم درمان، بحسب الصحيفة ذاتها.

من جانبها، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، الأحد، أن "الاشتباكات تجددت بين الجيش والدعم السريع، السبت، في عدد من الأحياء الغربية والجنوبية الشرقية بالفاشر، أدت إلى نزوح 250 أسرة، كما وردت أنباء عن سقوط قتلى وجرحى (دون ذكر عدد)".

ومنذ 10 مايو الماضي، تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش تسانده قوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام، ضد قوات الدعم السريع، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لكل ولايات دارفور.

وتزايدت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب البلاد كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية بالبلاد من أصل 18، وآخرها مطالبة منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، بوقف إطلاق نار فوري بالسودان "لمنع المجاعة التي تلوح في الأفق، وأي خسائر فادحة في أرواح الأطفال".

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو "حميدتي" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.