معارك السودان تتسع من الخرطوم إلى دارفور وكردفان

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان يتلقى دعما من 7 زعماء قبائل في دارفور.
الثلاثاء 2023/07/18
لا أفق لتوقف القتال

الخرطوم - لم يسبق في تاريخ حروب السودان الطويلة أن خاضت العاصمة الخرطوم معارك مستمرة؛ سبق أن دامت بضعة أيام على أقصى تقدير، لكن أن تستمر الحرب فيها أشهرا دون مؤشرات على قرب نهايتها فهذا ما لم يكن في حسبان أي طرف.

فالاقتتال الحاصل في مدن الخرطوم الثلاث بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي لم يفرز أي منتصر، في ظل تداخل مناطق السيطرة والنفوذ مكانيا وحتى زمانيا، بل جوا وأرضا، في بقعة صغيرة يكتظ فيها عشرات الآلاف من المقاتلين المدججين بالسلاح.

لكن القتال ليس مقتصرا على الخرطوم فحسب، بل تطايرت شظايا الحرب لتصل إلى ولايات بعيدة في إقليمي دارفور (غرب) وكردفان (جنوب).

وتنتشر قوات الدعم السريع في مساحات شاسعة خاصة في الخرطوم ودارفور وكردفان، إلا أنها لا تعاني من نقص في المؤن والوقود والذخائر.

قوات الدعم السريع تنتشر في مساحات شاسعة، خاصة في الخرطوم ودارفور وكردفان، ولا تعاني من نقص في المؤن والذخائر

ويعود ذلك إلى سيطرتها على مصفاة الجيلي للنفط في الخرطوم، وكذلك على مصنع اليرموك للتصنيع العسكري وعدة معسكرات للجيش، ما يمنحها قدرة على مواصلة القتال لأمد أطول دون أن تُستنزف.

ويتلقى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) دعما هاما من 7 زعماء قبائل في دارفور. إذ دعا زعماء أكبر 7 قبائل عربية في إقليم دارفور، أفراد قبائلهم إلى الانضمام لقوات الدعم السريع والانسحاب من الجيش.

ومن شأن هذا الوضع تعزيز الإمدادات البشرية لقوات الدعم السريع وتعويض ما خسرته من مقاتلين خلال المعارك.

ويحتدم الاقتتال في دارفور، خاصة في ولاية غرب دارفور، بين قوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة الموالية لها من جهة، والقبائل الأفريقية وخاصة قبيلة المساليت من جهة أخرى، ومن شأن ذلك أن يدفع الحركات المسلحة في الإقليم للعودة إلى الاقتتال.

إلا أن الوضع بولاية غرب دارفور يبدو خارج سيطرة الجيش، فالولاية كانت آخر معاقل حركات التمرد في الإقليم، لكنها اليوم تتعرض لهجمات عنيفة، ما أجبر مئات الآلاف من أفرادها على النزوح غربا أو اللجوء إلى دولة تشاد، بحسب وسائل إعلام ومنظمات أممية.

وتعكس زيارة قيادات من الحركات المسلحة في دارفور الموقعة على “اتفاق جوبا” إلى العاصمة التشادية نجامينا، للقاء الرئيس محمد إدريس دبي، أن الأوضاع في دارفور تقترب من التدويل بعد أعوام قليلة من الهدوء النسبي.

أما في ولايتي جنوب دارفور وشرق دارفور، ذات الغالبية العربية والتي تقطنها قبائل المسيرية والرزيقات مع أقلية من القبائل الأفريقية، فالأوضاع تتجه إلى تصعيد أكبر من جانب قوات الدعم السريع.

ويتجه التركيز نحو السيطرة على ولايات دارفور الخمس، التي تتصاعد فيها الاشتباكات باستثناء ولاية وسط دارفور وعاصمتها الضعين، بينما يسعى الجيش لحشد معظم قواته في الخرطوم، باعتبارها ساحة معركته الرئيسية دون أن يسحب قواته من دارفور وكردفان.

وفي إقليم كردفان، الذي يضم ثلاث ولايات (شمال كردفان، وجنوب كردفان، وغرب كردفان)، تدهورت الأوضاع مجددا، خاصة وأن مدينة الأُبَيِّض، عاصمة شمال كردفان، تضم قاعدة جوية إستراتيجية يمكن للجيش السوداني من خلالها مراقبة كامل المنطقة ما بين الخرطوم ودارفور، وقطع خطوط إمداد قوات الدعم السريع.

لم يوسع جناح الحلو عملياته العسكرية ضد كادوغلي، لكن مقاتليه يمثلون تهديدا مستمرا خاصة مع انشغال الجيش بالقتال في أكثر من جبهة

وهذا ما دفع قوات الدعم السريع إلى محاصرة الأُبيض بهدف السيطرة على قاعدتها الجوية وفتح طريق الإمداد بين دارفور والخرطوم، بينما يحاول الجيش فك الحصار عنها عبر الغارات الجوية.

وجنوب كردفان ولاية أخرى شديدة الاحتقان بسبب محاولة الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال، جناح عبدالعزيز الحلو، استغلال انشغال الجيش بقتال وجودي، للهجوم على وحداته المحلية في مدينة كادوغلي، عاصمة الولاية، بهدف تحقيق تقدم ميداني فيها.

لكن هذا التحرك لا يحظى بدعم دولة جنوب السودان الداعم الرئيسي لحركة الحلو، ولا الجناح الآخر في الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال، بقيادة مالك عقار، الحليف الجديد لقائد الجيش عبدالفتاح البرهان.

ولم يوسع جناح الحلو عملياته العسكرية ضد كادوغلي، لكن مقاتليه الذين يسيطرون على أجزاء من ولاية جنوب كردفان يمثلون تهديدا مستمرا خاصة مع انشغال الجيش بالقتال في أكثر من جبهة.

أما ولاية غرب دارفور التي تعيش هدوءا حذرا فتوجد في جنوبها منطقة آبيي الغنية بالنفط، والمتنازع عليها مع دولة جنوب السودان.

وإذا طالت الحرب أشهرا أخرى، وربما سنوات، فإن ذلك سيفسح المجال لتمدد الصراع خارج حدود البلاد، ما يهدد بانقسامها مجددا.

2