معارضون كويتيون من المعفي عنهم يرون أن أزمة البلاد تخلق فرصة جديدة

التجاذبات داخل الأسرة الحاكمة حوّلت العفو الأميري من فرصة للتحكم بالمعارضة السياسية إلى تكريس المزيد من التوتر والتصعيد.
الخميس 2022/03/03
اختلاف وجهات النظر يعيق عمل الحكومة

الكويت – لم يحقق العفو الذي أعلن عنه أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في نوفمبر الماضي عن عدد من المعارضين المصالحة التي كانت تهدف إليها الكويت من أجل التفرغ لمعالجة الأزمة الاقتصادية الحادة. وعلى العكس، فقد وجد هؤلاء المعارضون في العفو الأميري فرصة من أجل أن يعودوا إلى الواجهة من جديد، وخلق خلافات جديدة مع الحكومة ومن ورائها الأسرة الحاكمة.

وهدف العفو الأميري عن نواب سابقين ونشطاء معارضين إلى تهدئة الأجواء المتوترة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار السياسي للتركيز على أولويات المرحلة وفي مقدمتها التعافي الاقتصادي، لكن ما حصل هو العكس.

لكنّ هؤلاء المعارضين لم يتركوا للأسرة الحاكمة والحكومة فرصة التقاط الأنفاس، حيث شن بعضهم حربا كلامية، وهو بالمطار عائدا من المنفى الاختياري، مثل النائب مسلم البراك، وسعوا إلى إظهار عودتهم وكأنها علامة على النصر، وليس عفوا أميريا يفترض أن يدفعهم إلى التزام التهدئة.

الجمود السياسي يعرقل مساعي تنفيذ خطة إصلاح اقتصادي لتحويل الكويت إلى مركز مالي جذاب بحلول 2035

ونشطت الاستجوابات لتطال رئيس الحكومة ومختلف الوزراء، خاصة وزراء السيادة، ما قاد إلى استقالة بعضهم مثل وزيري الدفاع والداخلية مشيرين إلى “استحالة الإصلاح”، وفتح الباب على أزمة جديدة قد تنتهي بتكوين حكومة جديدة لا تمتلك أيّ ضمانات لخلق الاستقرار الذي يبحث عنه الكويتيون.

يشار إلى أن هذه الأزمة تعكس في أحد جوانبها وجود تجاذبات حادة داخل الأسرة الحاكمة تغذي معارك مجلس الأمة (البرلمان) ضد الحكومة، واستهداف وزراء معينين ودفعهم إلى الاستقالة.

وتقول أوساط سياسية كويتية إن التجاذبات داخل الأسرة الحاكمة حوّلت العفو الأميري من فرصة للتحكم بالمعارضة السياسية ودفع بعض النواب إلى التراجع عن تعطيل المشاريع الحكومية، إلى فرصة للمزيد من التوتير والتصعيد، وأن الاعتبارات والمصالح الشخصية غلبت على مصلحة الكويت.

وهتف النائب شعيب الموازري من قاعة البرلمان خلال استجواب وزير الخارجية الشهر الماضي “انظروا كيف لا تحترم الحكومة الدستور!”. واشتكى من فواتير الضيافة لأكثر من ساعة، وفي مرحلة ما عرض شريط فيديو دراميا يظهر كويتيا تقطعت به السبل في النمسا دون مساعدة السفارة.

وتشير هذه الأوساط إلى أن الكويتيين يعرفون المشاكل بتفاصيلها المملة، وهم لا يطلبون من مجلس الأمة ولا من الوزراء إعادة عرض تلك المشاكل على الملأ وإنما البحث لها عن حلول وتجنب تحويلها إلى مادة لتصفية الحسابات وزيادة الرصيد الشعبي والانتخابي لهذا النائب أو ذلك.

وقال البراك “على الرغم من ثروة الكويت فإن المعاناة في كل مكان… إذ أن الكويتيين يعيشون حالة من القلق، وينتابهم الشعور بأن الحكومة والبرلمان ليسا قادرين على حل مشاكلهم. وهذا أخطر شيء يمكن أن يحصل للتجربة الديمقراطية”.

Thumbnail

وينتقد النوّاب الفساد الحكومي بينما يعرقلون الإصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها. لكن الاحتياطيات النقدية تجفّ. ولا تستطيع الدولة اقتراض المال أو فرض ضريبة مبيعات أو إصلاح رواتبها وإعاناتها المتضخمة بسبب المعارضة البرلمانية.

وقال أحمد الحمد، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، “وصلت أزمة السيولة إلى نقطة خطيرة عندما يتعلق الأمر بقدرتنا على دفع رواتب الموظفين. لكن لا يمكننا الموافقة على الديون دون خطة واضحة لكيفية مكافحة الفساد. فنحن لا نثق في كيفية إدارتها”.

وبلغ عجز الموازنة الكويتية 35.5 مليار دولار في العام الماضي، وهو أعلى عجز في تاريخها حيث خفّض الوباء أسعار النفط. وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد خفضت تصنيف 11 مصرفا كويتيا الشهر الماضي.

وتكمن رؤية الحكومة المستقبلية في خطة إصلاح اقتصادي لتحويل الكويت إلى مركز مالي جذاب بحلول 2035 مع منطقة حرة في جزيرة تسمّى مدينة الحرير. ويريد المسؤولون رؤية مطار دولي وملعب أولمبي وأبراج من بين الأطول في العالم. ويتكهن المواطنون بأن الكحول المحظور في البلد المحافظ سيتدفق لجذب السياح.

ولكن الجمود السياسي خلق تأخيرات متكررة. واليوم، يمتد طريق عبر الخليج على مدى 48 كيلومترا، من مدينة الكويت إلى مدينة الحرير ولكن قبل أن ينتهي إلى وجهته لا شيء يعترضه سوى الصحراء القاحلة.

1