معارضة سنّة البحرين للمشاركة في قوة البحر الأحمر: بقايا القوميين أم اختراق إيراني

المنامة - تثير المعارضة السنية القوية لقرار البحرين المشاركة في القوة الدولية في البحر الأحمر، بهدف التصدي لهجمات الحوثيين على السفن، التساؤل عما إذا كان مرد تلك المعارضة التأثر ببقايا التيار القومي أم هي مؤشر على اختراق إيران للمكوّن السنّي؟
وتقدم إيران نفسها على أنها قوة "غير طائفية" بدعمها لحركة حماس بالدرجة الأولى وتنسيقها واسع النطاق مع حركة الإخوان المسلمين عموما.
وانتشرت التغريدات المعارضة للقوة البحرية في حين اعتقلت السلطات البحرينية الناشط السياسي إبراهيم شريف.
واعتُقل إبراهيم شريف الأربعاء لإدانته انضمام البحرين إلى التحالف البحري ضد الحوثيين المدعومين إيرانيًّا.
ويعكس موقف شريف وجهة نظر الكثيرين في البحرين من السنة والشيعة. وقال في منشوراته بتاريخ 19 ديسمبر الجاري إن "حكومة البحرين تقدم نفسها للتحالف الأميركي من دون أي اعتبار لموقف الشعب البحريني المناصر بقوة لشعبنا الفلسطيني المحاصر الذي يُذبح في غزة".
وذكر أن "جميع الدول العربية والإسلامية، بما فيها تلك التي لها موانئ مطلّة على البحر الأحمر، امتنعت عن المشاركة في هذا الحلف العدواني". كما تساءل عن سبب “تقديم حكومة البحرين غير المنتخبة نفسها كـ'محلل' شرعي للتحالف الأميركي لفك الحصار الذي فرضه اليمن على موانئ الكيان الصهيوني المغتصب؟".
واستغرب مراقبون صدور مثل هذا الموقف "المتطرف" من شخصية سنية يفترض أنها تدرك خطر إيران وأذرعها في المنطقة، بالإضافة إلى الخلط الواضح بين دعم الفلسطينيين في غزة والتصعيد الحوثي في البحر الأحمر.
لكنّ مسارا عاما يجمع قوى يسارية وقومية عربية شهد تحولا نحو دعم إيران، في لبنان وفي عدد من دول شمال أفريقيا.
وغالبا ما تشير تقارير سبر الآراء إلى أن الغالبية الشيعية في البحرين تريد علاقات جيدة مع إيران أكثر بكثير من السنة.
وسلط تقرير لموقع "عرب دايجست" الضوء على المعارضة الشعبية الشديدة لقرار المنامة الانضمام إلى القوة البحرية الدولية في البحر الأحمر.
◙ إيران تقدم نفسها على أنها قوة "غير طائفية" بدعمها لحماس بالدرجة الأولى وتنسيقها الواسع مع الإخوان المسلمين عموما
وأكد معارض بحريني تحدث إلى “عرب دايجست” أن هناك دعما واسع النطاق لفلسطين في المجتمعات السنية والشيعية.
وقال المصدر إن الدعم الشعبي القوي للقضية الفلسطينية قد يعني أن شريف سيُحتجز "لبضعة أيام أو بضعة أسابيع بدلا من سجنه لفترة طويلة".
وأمرت النيابة العامة الخميس بسجنه سبعة أيام على ذمة التحقيق بتهمة "نشر أخبار كاذبة في زمن الحرب".
وبحسب التقرير "أصبح لأسرة آل خليفة الحاكمة في البحرين ما يدعو إلى القلق أكثر مقارنة بدول الخليج الأخرى".
وتعرضت البحرين في 2011 لمحاولة زعزعة استقرارها بسبب "الربيع العربي"، وهو ما اعتبر جزءا من مخطط طويل الأمد من التآمر والتدخل بهدف إزاحة النظام الملكي المعتدل فيها واستبداله بنظام ديني تابع لطهران.
وعملت إيران منذ وصول الإسلاميين إلى الحكم على محاولة تقويض حكم آل خليفة السنة وترويج أفكار لإيصال الشيعة إلى السلطة في البحرين.
وانضمت البحرين إلى اتفاقيات أبراهام المبرمة خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، واعترفت بإسرائيل رسميا في 2020.
ولم يعجب قرارها الأغلبية الشيعية في البحرين ولا الأقلية السنية. وإبراهيم شريف هو سني معارض للعائلة الحاكمة منذ فترة طويلة.
◙ مراقبون استغربوا صدور مثل هذا الموقف "المتطرف" من شخصية سنية يفترض أنها تدرك خطر إيران وأذرعها في المنطقة
وهو الأمين العام السابق لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، وهي حزب سياسي علماني. وقُبض عليه واتُهم وأدين بموجب قوانين الأمن الصارمة في 2011.
وحكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن لمدة خمس سنوات. وإثر ذلك تم حظر الجمعية السياسية التي كان يقودها في 2017، واندرجت ضمن قائمة شملت حزب الوفاق الشيعي الذي أمرت المحكمة في العام السابق لذلك بحله.
ويُمنع أعضاء الجمعيتين المحظورتين من الترشح لانتخابات البرلمان البحريني.
ولجأ شريف بعد إطلاق سراحه من السجن في 2015 إلى وسائل التواصل الاجتماعي لـ"دعم الحركات الديمقراطية في المنطقة".
ولا تعاني البحرين وحدها من هذا الوضع، إذ أن نظرة الأغلبية الإيجابية إلى حماس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تثير القدر نفسه من قلق الحكومات.
وتوقع تقرير "عرب دايجست" أن "يتسع الانقسام بين حكام منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشعوبهم بينما يواصل الجيش الإسرائيلي حربه الوحشية على غزة، حيث يتجاوز عدد الضحايا الآن 20 ألف شخص، وأغلبهم من المدنيين، ومن بينهم العديد من النساء والأطفال".