معاداة ترامب تسقط الإعلام الأميركي في فخ الانحياز

واشنطن – أطلقت رئاسة دونالد ترامب المضطربة جدلا حقيقياً عن كيفية الحفاظ على التقليد الذي يعتز به الأميركيون بالتغطية الصحافية العادلة، في حين لا يمكن بالنسبة للكثيرين تفهّم مساواة دعاة تفوّق العرق الأبيض في الكفة نفسها مع المعارضين لهم، والتي روّج لها ترامب، وصبّت الزيت على نار الجدل المحتدم.
وكتبت الصحافية مارغريت سوليفان في صحيفة واشنطن بوست “يجب أن يدق هذا الأسبوع المسمار في نعش صحافة المساواة في تغطية الطرفين” بعد أن زعم ترامب أنّ المتظاهرين اليساريين يتحملون جزءا من المسؤولية عن العنف أثناء تجمع لدعاة تفوّق العرق الأبيض في شارلوتسفيل في فيرجينيا. وأضافت “يجب على الصحافيين أن يقفوا إلى جانب الحقيقة الواقعة”.
وبعد الهجوم الذي تعرّض له ترامب بسبب ردّه على أحداث شارلوتسفيل التي انتهت بمقتل متظاهرة شابة، انتقد الرئيس الأميركي الإعلام الذي أعلن معسكره “الحرب” عليه، واتهمه بأنه “فسّر ما قلته عن الكراهية والتعصب بشكل خاطئ تماما”.
ومن المرجّح أن يكون معنى ذلك بالنسبة لقاعدة الموالين لترامب أن شبكات التلفزيون الكبرى، مثل “سي أن أن” و”إم إس إن بي سي”، معادية لترامب بشكل متزايد، بينما تقف وسائل إعلام موالية لترامب مثل “بريتابارت نيوز” المغالية في التطرف على الجانب الآخر من المشهد الإعلامي.
وكتبت الصحافية المحافظة بيغي نونان في صحيفة وول ستريت جورنال، في يونيو “الاستياء الذي يكنّه الإعلام لترامب مؤكد.. فهو منتشر في كل وسيلة إعلامية من أصغر موظف حتى الرئيس التنفيذي”.
وقالت نونان إن “انحياز الإعلام أصبح الآن قرارا سياسيا”، حيث تحرص وسائل الإعلام على استغلال ترامب لزيادة نسبة انتشارها. وأضافت “نحتاج من الإعلاميين إلى نوع من النزاهة البطولية”.
بدوره صرّح ستيفن وورد المدير السابق لمركز أخلاقيات الصحافة في جامعة ويسكنسون أن العديد من وسائل الإعلام تصبح مجبرة بشكل أكبر على إعادة التفكير في “رأيها القديم بشأن الموضوعية”.
وقال وورد إن الصحافيين لا يمكنهم أن يكونوا مجرد “كتبة” يرددون التصريحات المليئة بالمعلومات الخاطئة كما هي الحال مع الرئيس الحالي. واعتبر “أن الموضوعية على الطريقة القديمة تجعلك عرضة لاستغلالك من قبل مصادر تتحدث إليك”.
وأضاف “ما نحتاجه الآن هو صحافة تفسيرية تدعم وجهة نظرها بالحقائق” وكذلك العزم على “وصف الكاذب بالكاذب والعنصري بالعنصري”.
بدوره، رأى دان كينيدي أستاذ الصحافة في جامعة نورث إيسترن أن وسائل الإعلام يجب أن تتجنّب أيّ جهد لتحقيق التوازن “دون تفكير”، وقال “فكرة أن كل شيء يجب أن يكون متوازنا ليست صحيحة مطلقا”.
وحتى قبل الجدل الأخير، كتب أستاذ الصحافة في جامعة نيويورك ميتشيل ستيفينز في مقال في صحيفة بوليتيكو، أن الوقت قد حان للتفكير في الموضوعية الصحافية بشكل مختلف.
وكتب في يونيو “لقد حان الوقت للتخلي عن التظاهر بالموضوعية والعودة إلى جذور الصحافة الأميركية”.
وقال إنه بالنسبة للعديد من المنظمات الإخبارية فإن “هوسها بعدم الانحياز لحزب دون آخر خيّم لفترة طويلة ما تركها عرضة للتلاعب بها من قبل مرشحين رئاسيين مزعجين تائهين مثل ترامب”.