معاداة السامية المدعاة للراحة

هل يستطيع أي شخص أن ينكر أن هذا الواقع المرعب في المعاملة الإسرائيلية للفلسطينيين يساهم في ظهور معاداة السامية.
الخميس 2022/12/22
معاداة ستستمر بعناد

وُجدت معاداة السامية منذ زمن بعيد ومن المرجح أن تستمر لآلاف السنين القادمة. لقد تمت الإساءة لليهود وبغضهم واضطهادهم وطردهم وعزلهم وذبحهم. وبعد ذلك صمدوا، متحدين الزمان والمكان. ومن المفارقات أنه على الرغم من أنه كان من المأمول أن يؤدي إنشاء إسرائيل إلى التخفيف من معاداة السامية، إلا أن الاحتلال والطريقة التي يُعامل بها الفلسطينيون قد شجعا فقط معاداة السامية.

اليهود هم من هم. ما كانوا عليه دائما، وهكذا كأنه أمر مقدّر، فهم باقون من هم. العنصري، المتعصب الأعمى، المتعصب المعادي للسامية، قد تقالبوا عليهم جميعا.

فإذا لم يكن اليهود موجودين، كان لا بد أن تخترع اللاسامية أناسا مثلهم.

يُحتقرون عندما يكونون فقراء، ويُستاء إليهم عندما يكونون أغنياء، ويُحرمون عند الحاجة، وُيحتقرون عندما يفشلون، ويضعفون عندما ينجحون وُيصدّون ويُرفضون. يظلون العلامة السهلة، الفريسة من معاداة السامية المدعاة للراحة.

استخدام معاداة السامية لتوليد التماسك اليهودي، تحقيق الوحدة وتعزيز الانسجام، إحداث صحوة جديدة ورفض التقسيم. لكن لن يتحقق أي من ذلك إلاّ إذا قرّر الإسرائيليون أولا إنهاء الاحتلال والكف عن إخضاع الآخرين لأهوائهم

المتعصبون البيض الصفقاء الذين يسعون إلى تصفيتهم، يستمتعون بالرضا والوفاء عندما حُكم على اليهود بالهلاك دون جلسات استماع لهم ودون مرافعة نهائية.

وعلى مر القرون تحدى اليهود الأعداء المتغطرسين وقاتلوا الأعداء اللدودين وواجهوا معاداة السامية الخبيثة التي لا تنقضي، لم ُيمنحوا يوما ما راحة أو وقفة أو مهلة.

كانوا يعرفون في قلوبهم أنهم سيصمدون ولكن بعد ذلك كان عليهم أن يظلوا يقظين وحذرين ضد معاداة السامية، يسميهم اللاساميون أصدقاء، لكن الكراهية في قلوبهم تغلي.

يتآمرون ويرسمون خططا للتآمر عليهم ويتهامسون بالافتراء عليهم، فقد أصبح اليهود مصدر الشرّ، والحيوانات الأليفة، والهدف من الخبث الثاقب لمعاداة السامية.

معاداة السامية ليس لها علاج، وليس لها سبب أو موسم. فسوف يستمر سرطان الكراهية راسخا في روح العنصري. لا يستطيع بلسم الحب أن يطهره، ولا يمكن لسكين الحقيقة الحاد استئصاله.

ستستمر معاداة السامية بعناد. لن يمحوها أي تكيّف، لا امتثال ولا قبول ولا خضوع ولا تبعية.

أمل عبثي. لن تموت معاداة السامية موتا طبيعيا. قد تختبئ في بعض الأحيان. قد تصبح غامضة، ولكن عندما تتفاقم المظالم وتسود الشدائد، وعندما تفشل القوة الأخلاقية، ويقف اللاساميون عراة أمام خوفهم، يصبح حقدهم الأعمى مستهلكا كلّ شيء، لا يحتاجون أن ينظروا إلى ما هو بعيد لإلقاء اللوم، للعثور على فريسة.

لن يتوانوا ولن يترددوا في الإشارة إلى اليهود الموجودين هناك للإجابة على رغبتهم الشريرة لإشباع عطشهم غير المروي للكراهية.

لقد مرت آلاف السنين، وحان وقت اليهود، بعد انتظار طويل ومؤلِم لتخليص أنفسهم في النهاية من تعويذة التعصب القاتلة.

عندما وُلدت إسرائيل، بدا في بعض الأحيان كأن اليهود المكروهين قد صاروا البشر والمقبولين مثل أي شخص آخر. ابتهجوا واحتفلوا مع بزوغ فجر يوم جديد ولحسن الحظ أمسكوا الأيدي الصديقة. ومع ذلك، وجود إسرائيل ذاته وما تبع ذلك من مصادرة الأراضي الفلسطينية أثار موجة جديدة من معاداة السامية، تفاقمت بسبب الاحتلال القاسي الذي ينتهك حقوق الإنسان بشكل روتيني وغالبا ما لا يكون هناك مبرر للسجن العشوائي.

المداهمات الليلية متفشية وترعب الكبار والصغار ويسبب هدم المنازل حالة اضطراب تقشعر لها الأبدان. اقتلاع أشجار الزيتون ومصادرة الأراضي يحرمان الكثير من سبل عيشهم والحفاظ على أنفسهم، ومضايقة المستوطنين وعنفهم ضد الفلسطينيين الأبرياء يمر دون عقاب ويشجعه المتعصبون في كثير من الأحيان وتحكمه طبقتان من النظام السياسي والقضائي أقرب إلى الفصل العنصري تاركة جموع الفلسطينيين بلا أمل متسائلين هل سيأتي اليوم ليتحقق فيه التحرير.

أضف إلى ذلك، فإن محنة الفلسطينيين ستصبح أسوأ بكثير من خلال تعيين الزوج العنصري، كارهي النساء والمصابين بجنون العظمة، بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن – غفير ليكونا مسؤولين عن حراسة الحدود وعن الإدارة المدنية وتنسيق الأنشطة في المناطق، وهذا مثل تعيين وحشين مفترسين ليكونا مسؤولين عن حراسة كومة من اللحوم الطازجة النيئة.

نيتهما هي مواصلة قمع الفلسطينيين وإجبار الكثيرين على الفرار الأمر الذي لا يعني سوى ضم المزيد من الأراضي لإنجاز مهمتهما الكابوسية المسيانية.

هل يستطيع أي شخص أن ينكر أن هذا الواقع المرعب في المعاملة الإسرائيلية للفلسطينيين يساهم في ظهور معاداة السامية وهو فقط يعزّز ويشجّع ويثير المعادين للسامية ليقوموا بأعمالهم الشريرة؟

أتعس شيء على الإطلاق فعلى عكس أي شخص آخر حول العالم. لا يزال معظم الإسرائيليين يعشقون دونالد ترامب هذا الأبيض المتعصّب والمخطّط دون انقطاع، من يشرب ويتعشى مع أمثاله المعادين للسامية ومنكري الهولوكوست سيئو السمعة أمثال كاني ويست ونيك فوينتيس، النوع الذي يرغب ترامب في استضافته.

الفاشيون، كارهو المثليين، حثالة الأرض الذين يسممون الملايين بالسم في صحوتهم.

ولكن ماذا بعد ذلك، بالنسبة إلى عدد كبير من المنافقين الإسرائيليين الذين يشتكون من صعود معاداة السامية لا يزال ترامب ابنهم المفضل.

يجب أن يكونوا صادقين مع أنفسهم ولو لمرة واحدة، وأن يعترفوا كم هم يساهمون في هذه الظاهرة القبيحة ويكونون أول من يصحح طريقهم.

ومع ذلك، ستظل معاداة السامية على قيد الحياة. إنها ذاتية التوليد وسامّة بالفطرة.

إنها مرض عضال وإذا تركت دون رادع، تصبح قاتلة. وإذا لم يكن هناك علاج، يجب أن يكون هناك دفاع.

استخدام معاداة السامية لتوليد التماسك اليهودي، تحقيق الوحدة وتعزيز الانسجام، إحداث صحوة جديدة ورفض التقسيم. لكن لن يتحقق أي من ذلك إلاّ إذا قرّر الإسرائيليون أولا إنهاء الاحتلال والكف عن إخضاع الآخرين لأهوائهم.

يجب أن يعرف كل يهودي هذه الحقيقة. لا ينبغي أن تعميهم الصداقة، ويجب ألا يتمسكوا بالوهم. إن العديد من تلك الوجوه المقنعة المعادية للسامية التي نما الكثير من اليهود على احترامها قد تكون مكشوفة لو كان الحل النهائي قد أنهى القضية اليهودية.

6