مطلوب قيادات لتغيير مفاهيم التعليم على مستوى العالم

قادة المدارس الجيدون يلهمون التغيير ويلعبون دورا حيويا في تحسين نتائج الطلاب.
الخميس 2024/11/07
تحسين نتائج الطلاب مسؤولية القادة الجيدين

سلط التقرير العالمي لرصد التعليم في منظمة اليونسكو، والذي جاء تحت عنوان "القيادة في التعلم"، الضوء على الصعوبات التي يواجهها التعليم والتي تصل إلى حد النكسات، مشيرا إلى الدور الرئيسي الذي تلعبه القيادة في الدفع نحو التغيير التعليمي الايجابي؛ ذلك أن قادة المدارس الجيدين يلهمون التغيير ويلعبون دورا حيويا في تحسين نتائج الطلاب. ولا يزال الملايين من الأطفال خارج المدارس، كما تتراجع مستويات التعليم.

نيروبي - يواجه التعليم العالمي لحظة حرجة في خضم نكسات شديدة. ويبقى الملايين من الأطفال خارج المدارس، وتتراجع مستويات التعليم، وينقطع الملايين عنه دون تمكنهم من المهارات التي يحتاجونها. وتكشف الأرقام الجديدة التي تحدد نسب غير الملتحقين بالمدارس أن التقدم العالمي في تقليص هذه الفئة لم يتجاوز 1 في المئة منذ 2015، تاركا 251 مليون طفل غير ملتحقين بالركب.

وعلى الرغم من تسجيل 110 ملايين طفل إضافي بالتعليم الابتدائي، إلا أن معدل التحسن في معدلات عدم الالتحاق بالمدارس لم يتجاوز نسبة 1 في المئة. ولو أمكن الحفاظ على نفس معدل التقدم من 2010 – 2015 إلى اليوم، لسجلنا 27 مليون طفل إضافي في المدارس. وجاءت هذه النتائج في تقرير اليونسكو الجديد الصادر في 31 أكتوبر 2024.

وينظر التقرير الذي يحمل عنوان “القيادة في التعلم” في الدور الرئيسي الذي تلعبه القيادة في دفع التغيير التعليمي مع تسليط الضوء على التقدم في تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة. وبينما شهدت أعداد الشباب الذين يكملون دراستهم الثانوية تحسنا بمقدار 40 مليونا منذ 2015، إلا أن 650 مليونا منهم لا يزالون ينقطعون عن التعليم قبل نيل شهادة التعليم الثانوي.

وقال مانوس أنتونينيس، مدير التقرير العالمي لرصد التعليم في منظمة اليونسكو، في حديثه لخدمة إنتر برس “إن مفتاح تغيير مسار التعليم يكمن في القيادة”.

الأرقام التي تحدد نسب غير الملتحقين بالمدارس تكشف أن التقدم العالمي في تقليص هذه الفئة لم يتجاوز 1 في المئة

وأكد أهمية القيادة التعليمية لمعالجة أزمة التعليم، وخاصة في أفريقيا، حيث يصل واحد من كل خمسة الحد الأدنى من الكفاءة في القراءة. وقال إن قادة المدارس الجيدين يلهمون التغيير، ويلعبون دورا حيويا في تحسين نتائج الطلاب. ويرى مع ذلك أن الكثيرين يفتقرون إلى التدريب والموارد اللازمة لإحداث تأثير ملموس. وأكد بذلك وجوب تمكين هؤلاء القادة من التغلب على هذه التعقيدات وخلق بيئة تمكّن كل طفل من تحقيق ذاته في التعليم.

ويخلص التقرير إلى أن القيادة تمثل حوالي 27 في المئة من التباين في نتائج الطلاب وأن توظيف مديري المدارس يكون تنافسيا في أقل من ثلثي البلدان. كما لا تزال الفجوات قائمة في الإدارة والتنوع. ولا يركز نصف برامج التدريب الرئيسية على الأبعاد القيادية الرئيسية.

ولا يتمتع نصف مديري المدارس في البلدان مرتفعة الدخل بتدريب تحضيري قبل تولي مناصبهم. وبينما ترتبط الاستقلالية إيجابيا بنتائج الطلاب الأفضل، يتحكّم 37 في المئة من مديري المدارس في محتوى المادة التعليمية، ويتدخل 28 في المئة في تحديد رواتب المدرسين. ولا تعترف 40 في المئة من جميع البلدان باستقلالية مؤسسات التعليم العالي بموجب القانون.

ويقضي مديرو المدارس في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل 68 في المئة من وقتهم في المهام الإدارية. وذكر ثلث مديري المدارس العامة في أغنى البلدان أنهم يفتقرون إلى الوقت الكافي للتركيز على التعلم والتعليم. وتستند 29 في المئة من البلدان إلى مواقف سياسية في قرارات تعيين المعلمين وفصلهم، ما يزيد من عدم الاستقرار الذي تعانيه النظم التعليمية.

وتعني قلة الاستثمار في قادة أقوياء ومدربين لعكس هذا الاتجاه أن المجتمع العالمي يخاطر بتعميق عدم المساواة وفقدان جيل آخر. لكن التقرير يفيد بأن التمويل لا يزال منخفضا في العديد من البلدان منخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى. وفي 2022، أنفقت البلدان منخفضة الدخل في المتوسط 55 دولارا لكل طفل سنويا. كما أنفقت البلدان متوسطة الدخل 309 دولارات لكل طفل سنويا. وكان هذا أقل بكثير مما هو مطلوب لضمان جودة التعليم ومعالجة أزمة التعلم.

ومقابل كل 100 دولار تُنفق على كل طفل في البلدان مرتفعة الدخل، لا يتجاوز نصيب الطفل في البلدان منخفضة الدخل دولارا واحدا. ويفاقم هذا عدم المساواة. وتواجه البلدان منخفضة الدخل ضغوطا هائلة ناجمة عن الديون. وتتعرض ست دول من أصل عشر دول لخطر العجز عن تسديد الديون. وأنفقت البلدان الأفريقية على خدمة الديون في 2022 حوالي ما أنفقته على التعليم.

التعليم يمكن التلاميذ من المهارات التي يحتاجونها
التعليم يمكن التلاميذ من المهارات التي يحتاجونها

ومن بين 251 مليون طفل وشاب لم يلتحقوا بالمدارس في جميع أنحاء العالم، سُجّل غياب 71 مليون طفل أفريقي عن المدارس الابتدائية، و57 مليونا في المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي، و120 مليونا في المرحلة العليا من التعليم الثانوي. وعددت اليونسكو من بين هؤلاء 122 مليون فتاة و129 مليون شاب، مع كون عدم المساواة أبرز في البلدان الفقيرة. وتسجل البلدان الأكثر ثراء 3 في المئة فقط من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس. لكن هذه النسبة تقفز إلى 33 في المئة في أفقر الدول. ويشير التقرير إلى أن التعليم يتطلب تحديد أولويات عاجلة، وخاصة في أفريقيا.

وقالت ياسمين شريف، المديرة التنفيذية لصندوق “التعليم لا يمكن أن ينتظر”، في بيان صدر يوم الشباب الأفريقي “يعدّ دعمنا الجماعي اليوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وهو الخيار الذكي الذي يجب اتباعه لتحقيق التقدم الاقتصادي والمساواة والإنصاف. ويبقى هذا أقل ما يمكننا توفيره للأشخاص الذين يتمتعون بمثل هذه الإمكانات الهائلة ويتوقون إلى الدراسة وعيش حياة كاملة. ويجتهد صندوق ‘التعليم لا يمكن أن ينتظر’ العالمي المصمم لدعم التعليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة مع شركائه الإستراتيجيين لإنشاء تعليم مستدام ومسارات التعلم مدى الحياة لجميع الأطفال والشبان في أفريقيا”.

51

في المئة نسبة حصة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في العالم سنة 2023

ووفقا للتقرير، منذ عام 2015 ارتفع صافي الالتحاق ببرامج تطوير التعليم المبكر، دون سن الثالثة، بأكثر من 10 نقاط مئوية في أفريقيا جنوب الصحراء. وبقي معدل الالتحاق الصافي بالتعليم قبل الابتدائي عند 19 في المئة منذ 2015. وتسجل أفريقيا جنوب الصحراء أكثر من نصف جميع الأطفال غير الملتحقين بالمدارس على مستوى العالم. وانخفض معدل الانقطاع عن الدراسة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من 22 إلى 19 في المئة في المرحلة الابتدائية، وارتفع من 32 إلى 33 في المئة في المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي، وانخفض قليلا من 47 إلى 46 في المئة في المرحلة العليا من التعليم الثانوي.

لكن حصة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في العالم ارتفعت من 32 في المئة خلال 2000 إلى 51 في المئة سنة 2023، وبشكل أسرع في عدد المراهقين غير الملتحقين بالمدارس في العالم خلال هذه الفترة، من 25 في المئة عام 2000 إلى 51 في المئة سنة 2023. ويجدر الذكر أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في أفريقيا جنوب الصحراء لم يتغير منذ 2000. ولم يتغيرعدد المراهقين والشباب غير الملتحقين بالمدارس في المنطقة بين 2000 و2015، ثم ارتفع بنسبة 26 في المئة من 2015 إلى 2023.

وانخفضت نسبة الأطفال المتمكنين من القراءة في نهاية المرحلة الابتدائية من 31 في المئة إلى 30 في المئة والمتمكنين من الرياضيات من 12 في المئة إلى 11 في المئة في أفريقيا. وأصبح “تقييم الحد الأدنى من الكفاءة” مصدرا جديدا لتحديد درجة التعلم في أفريقيا. وتقرر إجراؤه باللغتين الإنجليزية والفرنسية في نهاية التعليم الابتدائي في ستة بلدان أفريقية، وهي بوروندي وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وكينيا والسنغال وزامبيا. واعتمدت في كل بلد عينات تشمل ما بين 220 و300 مدرسة.

وتظهر النتائج المختارة من البلدان الستة في 2021 و2023 أن حوالي طالب واحد فقط من كل عشرة طلاب بلغ الحد الأدنى من مستوى الكفاءة في القراءة، باستثناء كينيا حيث بلغها واحد من كل أربعة طلاب. في المقابل، وباستثناء كوت ديفوار، حققت نسبة أكبر من الطلاب الحد الأدنى من الكفاءة في الرياضيات. وكانت 16 في المئة في زامبيا، و20 في المئة في ليسوتو، و24 في المئة في بوركينا فاسو، و34 في المئة في السنغال، و37 في المئة في كينيا.

البلدان الأفريقية تعمل على تعزيز أنظمة اختيار مديري المدارس، لكن التحديات لا تزال قائمة

وسُجّل تقدم ملحوظ في الحصول على مياه الشرب الأساسية في أفريقيا جنوب الصحراء، من 44 في المئة عام 2016 إلى 53 في المئة سنة 2022 في المدارس الابتدائية ومن 54 في المئة عام 2015 إلى 63 في المئة سنة 2023 في المدارس الثانوية العليا. وفي نفس الوقت بقيت نسبة الإنفاق على التعليم هي نفسها تقريبا في جميع أنحاء المنطقة، أي من 3.6 إلى 3.7 في المئة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ومن 16 إلى 15 في المئة كنسبة مئوية من إجمالي الإنفاق الحكومي.

ويدعو التقرير إلى قيادة حاسمة لتحسين التعليم على مستوى العالم. ويبرز أن قادة المدارس يبقون مهمين على وجه الخصوص لتحسين نتائج التعلم على مستوى المدرسة ووجوب الاستثمار فيهم. ويكشف أن أساليب القيادة المدرسية في أفريقيا تختلف عن أي مكان آخر.

وأشارت مراجعة لست دراسات في أفريقيا إلى تواضع احتمالات أن يكون مديرو المدارس قادة تعليميين. ولكن ظهور آليات موحدة للاختبار والمساءلة في البلدان ذات الدخل المرتفع، والبلدان الناطقة باللغة الإنجليزية في المقام الأول، سلّط توقعات كبيرة على مديري المدارس ليكونوا مسؤولين عن مستوى الطلاب.

وتعمل البلدان الأفريقية على تعزيز أنظمة اختيار مديري المدارس، لكن التحديات لا تزال قائمة.  فعلى سبيل المثال منحت رواندا الأولوية منذ 2008 لاختيار مديري المدارس على أساس الجدارة. ووضعت لجنة خدمة المعلمين في كينيا مبادئ توجيهية للتقدم الوظيفي للمعلمين وسياسة اختيار مديري المدارس على أساس الجدارة، بما يمنح الأولوية للمؤهلات والخبرة والتدريب.

 

اقرأ ايضا:

15