مطربو المهرجانات.. أزمة متكررة تعصف بنقابة الموسيقيين المصرية

هاني شاكر يستقيل تكتيكيا ورجل أعمال يطالب باحتفال.
السبت 2022/07/02
أغاني المهرجانات أزمة لم تنته بعد

لا تزال مشكلات نقابة المهن الموسيقية في مصر دون حلول، بل تظهر من حين إلى آخر مشكلات جديدة تؤزم الوضع أكثر، وآخرها استقالة النقيب هاني شاكر التي جاءت إثر خلافات حول مغني المهرجانات حسن شاكوش. وينقسم الوسط الفني المصري في تقييمه للوضع، فثمة من يدافع عن النقيب وإجراءاته لتطوير القطاع وتنظيمه، وثمة من يرى أنه يتحرك وفق مصلحته بصفته أحد المطربين المصريين والعرب، ولم يقدم طوال سنوات أي شيء للموسيقى سوى الخلافات مع الفنانين.

القاهرة - دخلت نقابة المهن الموسيقية في مصر أزمة أخرى بسبب مطربي المهرجانات بعد أن تقدم النقيب هاني شاكر باستقالته على وقع مناوشات حدثت خلال مؤتمر صحافي نظمه الاثنين للإعلان عن منح مطرب المهرجانات حسن شاكوش تصريحا بالغناء والتصالح معه عقب خلافات حادة مع شعبة عازفي الإيقاع في النقابة.

واتخذت القضية أبعادا ساخنة عندما عبّر رجل الأعمال نجيب ساويرس عن سعادته باستقالة نقيب المهن الموسيقية، وقال في تدوينة له على تويتر “استقالة هاني شاكر من نقابة المهن الموسيقية، ممكن حد يبعتلي (هل يمكن لأحدهم أن يرسل إليّ) عنوان محل قلل رخيصة”، في تعبير عن تخلص النقابة من شاكر الذي وقف حائلاً أمام عمل مؤدي المهرجانات في مصر، واستخدم لهجة عامية ولمّح إلى تكسير أواني فخارية (قلل) كدليل على الفرحة.

عبرت الواقعة الأخيرة عن وجود تيار داخل المجتمع المصري أضحى رافضا لوجود هاني شاكر على رأس النقابة، إذ سيطرت مشكلات مطربي المهرجانات على غالبية الملفات المرتبطة بالغناء المصري دون أن تكون هناك قدرة على إنقاذ الغناء من مشكلات يواجهها وأدت إلى تراجعه وعدم القدرة على تطوير الموسيقى والأغنية بالشكل الذي يتواكب مع التحولات الفنية الجارية.

وبرهنت طريقة استقالة هاني شاكر خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “الحكاية” على فضائية “إم بي سي – مصر” مساء الاثنين عن مواجهته مشكلات عديدة داخل النقابة ولم يعد قادراً على التصدي لها في أجواء باتت مشحونة، وأن الانزواء عن الساحة قد يشكل مخرجًا مناسبًا ومريحا له في هذه المرحلة.

وأوضح شاكر أن قراره نهائي ولا رجعة فيه، فيما رفض اجتماع طارئ عقده مجلس نقابة المهن الموسيقية مساء الثلاثاء قرار الاستقالة وطالبه بالعدول عن قراره، وسط توقعات أن تسهم الضغوط التي تمارسها دوائر قريبة من الحكومة -وتخشى التأثيرات السلبية التي يمكن أن تترتب على انتشار مؤدي المهرجانات- في عودته إلى منصبه مرة أخرى.

غياب التطوير

ونشبت الخلافات داخل النقابة إثر إعلان هاني شاكر تنظيم مؤتمر صحافي يقدم خلاله مؤدي المهرجانات حسن شاكوش اعتذاراَ إلى شعبة عازفي الإيقاع بعد أن غمطهم حقهم أثناء مشاركته في إحدى الاحتفالات مقابل إنهاء فترة إيقافه عن الغناء والتي استمرت عشرة أشهر جراء تلك الواقعة.

وحسب كبير عازفي الإيقاع سعيد الأرتيست كان هناك اتفاق على منح شاكوش تصريح الغناء بعد اعتذاره خلال المؤتمر الصحافي، غير أنه فوجئ هو وعدد من أعضاء مجلس النقابة بمنحه التصريح قبل مؤتمر الاعتذار، إلى جانب أن عددا من الأعضاء لم يكن لديه معلومات مسبقة عن السماح له بالغناء مرة أخرى.

ووقع هاني شاكر في مجموعة من التناقضات، حيث تحدث من قبل عن أنه لن يسمح بحصول مطربي المهرجانات على تصريحات للغناء طيلة فترة تواجده في منصبه، بينما اتخذ قراراً دون أن يحظى بتوافق جميع أعضاء مجلس النقابة. وقال المطرب حلمي عبدالباقي عضو مجلس النقابة “شاكوش حصل على تصريح الغناء دون انعقاد اجتماع لمجلس النقابة وموافقة أعضائه”.

أكد الناقد الفني طارق الشناوي أن أزمة نقابة الموسيقيين ترجع إلى نقيبها الذي وجه قراراتها إلى ما يصب في مصلحته الشخصية، وأنه مصمم على موقفه الرافض منح مطربي المهرجانات تصاريح الغناء، وعندما وجد أن المصلحة الآن تقتضي فتح الباب أمام حسن شاكوش قام بإعادته دون أن يرجع إلى مجلس النقابة وقبل أن يقدم اعتذاره إلى النقيب وشعبة عازفي الإيقاع، ثم هرب من المعضلة التي ترك النقابة فيها دون إبداء أسباب منطقية حول الهدف من قراراته وتصرفاته تجاه مطربي المهرجانات.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “شاكر لا تحركه مصلحة الفن وليس هناك ضرر من مطربي المهرجانات أو من أي لون غنائي جديد، وكانت النقابات السابقة تفسح المجال أمام الجميع للتعبير عن أنفسهم وتوجد العشرات من الأسماء التي قدمت ألوانا غنائية غربية ولم تواجه بهذا القدر من الرفض أو يتأثر بها الغناء المصري سلبًا”.

وأوضح أن نقيب الموسيقيين “مارس سادية على مطربي المهرجانات وسخر منهم في مواقف عديدة، وهي جريمة إنسانية، واستغل ضعفهم إلى درجة أنه دفعهم إلى تغيير أسمائهم بلا مبرر”.

ورغم أن شاكوش رفض ذلك إلا أنه اتخذ قرار العودة إلى الغناء، كما أن مواقفه من بعض مؤدي المهرجانات تغيرت في مرات عديدة، ولا أحد يدري لماذا تراجع عن قرار وقف مؤدي المهرجانات عمر كمال بعد أزمة “تمور وحليب” وعقد اجتماعا طارئًا لمجلس النقابة في يوم إجازة رسمية (الجمعة) لتمرير قرار عودته.

وضعية مربكة

ويتفق العديد من النقاد على أن إدخال نقيب الموسيقيين نفسه طرفًا غنائيّا ضاعف المشكلات، وأن توقيعه على قرارات النقابة بمسمى “أمير الغناء العربي” يتنافى مع مهام المنصب باعتباره مسؤولاً، ما يجعل النقابة بحاجة إلى التخلص من الوضعية الراهنة والمربكة.

ومؤخرا أثار الفنان هاني شاكر جدلا واسعا بسبب تصريحات تلفزيونية أشار فيها إلى أنه نادم على توليه منصب نقيب الموسيقيين، وأن الزمن لو عاد به مجددا لن يتولى هذا المنصب، وتعرض بعدها لهجوم واسع جعله يصدر بيانا صُحفيّا أوضح فيه أنه يتشرف بجلوسه على كرسي النقيب خلفا لعمالقة الفن، ثم تصريحه بأن مسؤوليات النقابة كبيرة وأجهدته وأخذته من أسرته.

وكادت تنشب أزمة كبيرة بين النقيب والعديد من الفنانات والمطربات بعد حديثه عن الالتزام بالكود الأخلاقي للملابس أثناء الحفلات، ودخل في صدام مع الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي جراء انتشار صور لها من إحدى حفلاتها في الخارج مرتدية ملابس “غير محتشمة” حسب وصف المصنفات الفنية لها، وطالبها هاني شاكر بعدم تكرار الأمر مرة أخرى كي لا يتّخذ ضدها قرارات صارمة.

ونشب خلاف بين نقيب الموسيقيين هاني شاكر والفنان محمد رمضان بسبب ظهور الأخير على المسرح عاري الصدر لأكثر من مرة، وقيام النقيب بلفت نظره إلى ضرورة عدم تكراره ذلك، لكن رمضان لم يستجب لشاكر وفعل ما يحلو له، وقال إن موقفه يختلف عن مؤدي المهرجانات لأنه أحد أعضاء نقابة المهن التمثيلية.

ودخل هاني شاكر في أزمة مع الفنانة شيرين عبدالوهاب بعد إيقافها لفترة عن الغناء والتحقيق معها بسبب تصريحها عن مياه النيل، الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً آنذاك.

ولا تعد هذه المرة الأولى التي يقدم فيها هاني شاكر استقالته من نقابة الموسيقيين، إذ تقدم باستقالته عام 2016 بعد هجوم كبير تعرض له عقب منع عدة فرق غنائية من الغناء قبل أن يتراجع عن الاستقالة بعد أيام من تقديمها.

هاني شاكر دخل في صدام مع الفنانة هيفاء وهبي بعد انتشار صور لها من إحدى حفلاتها مرتدية ملابس "غير محتشمة" حسب وصف المصنفات الفنية لها

 

14