مطالب عراقية بتأسيس هيئة لحماية المستهلك من التلاعب التجاري

بغداد - تزايدت المطالبات في العراق من أجل تأسيس هيئة تُعنى بالدفاع عن المستهلكين من التلاعب التجاري والمضاربة والاحتكار في السوق المحلية، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق نتيجة ارتفاع تكاليف الواردات ومدخلات الإنتاج وغيرها.
ودخلت وزارة الصناعة والمعادن على خط تباطؤ معالجة كل تلك المشاكل، حين أكدت في بيان الجمعة أن “مكافحة هذه الظاهرة بحاجة قصوى إلى تشكيل مجلس لحماية المستهلك”.
ويفترض أن يعمل الكيان، إن تم إنشاؤه، على التنسيق في عملية تكييف القضايا المعروضة أمامه مع الجهات المنفذة للقوانين، وكل حسب حالته وصلاحيات الجهات المسؤولة، بدءا من تسلم الشكاوى والتدقيق والتحري وصولا إلى اتخاذ الإجراء المناسب بشأنها.
وقالت الوزارة في بيانها الذي نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية إنها “عملت عبر العديد من المخاطبات على الإسراع في تشكيل مجلس حماية المستهلك، ليأخذ دوره الحقيقي في مكافحة حالات الغش الصناعي”.

قصي صفوان: متابعة الأسعار ومراقبتها تتطلبان تنسيقا مستمرا من الجميع
ويعتبر العراق متأخرا في ما يتعلق بحماية المستهلكين قياسا بالعديد من بلدان المنطقة العربية، إذ لم تفكر الحكومات المتعاقبة من الغزو الأميركي للبلاد في العام 2003 في إطلاق جهاز يهتم بهذا الجانب، الذي تمس سلبياته من القدرة الشرائية للمواطنين الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم.
ورغم وجود قوانين تردع كل من يمارس التلاعب التجاري وتكافح الغش الصناعي بشكل مباشر أو غير مباشر، منها قانون حماية وتحسين البيئة الصادر في 2009، وقانون حماية المستهلك الصادر في 2010، وقانون الهيئة العراقية للاعتماد الصادر في 2017، لكن يبدو أنها غير كافية.
وشهدت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية ارتفاعا كبيرا خلال الأشهر الماضية بالبلاد نتيجة استيراد التضخم، جراء غليان الأسعار في الأسواق العالمية، الأمر الذي أرهق ميزانية المواطنين وغير حساباتهم من حيث الإنفاق.
وبينما اتخذت حكومة مصطفى الكاظمي تدابير خجولة للسيطرة على الأسعار، عزا اقتصاديون هذه الظاهرة إلى تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الدينار، فضلا عن عوامل أخرى تتعلق بالإنتاج والاستيراد العشوائي.
وكانت الحكومة شكلت في مايو الماضي ثلاث لجان مشتركة من وزارة التجارة متمثلة بالأمن الوطني ودائرة الجريمة المنظمة وإدارة الرقابة التجارية، لمتابعة السوق المحلية والقيام بجولات تفقدية بغية التثقيف بعملية ارتفاع الأسعار وأسبابها.
وأكد الخبير الاقتصادي قصي صفوان أن عملية متابعة أسعار المواد بحاجة إلى تنسيق بين وزارة التجارة ودائرة الأمن الاقتصادي في الداخلية، للحد من التلاعب في الأسعار، خاصة على مستوى مبيعات الجملة والتجزئة.
وشدد على أنه من الضروري زيادة الشفافية في أسعار البيع وعدم احتكار السلع في السوق مع إمكانية إعطاء الدعم للأسواق الرسمية، التي تستطيع تخفيض الأسعار.
العراق يعتبر متأخرا في حماية المستهلكين قياسا بالعديد من بلدان المنطقة العربية، إذ لم تفكر الحكومات المتعاقبة من الغزو الأميركي للبلاد في إطلاق جهاز يهتم بهذا الجانب
وقال صفوان إن “من بين الحلول سحب الدينار الفائض، وإعادة ضخه لدعم الإنتاج المحلي، لكون القاعدة الأساسية تقول إنه كلما عظمنا من قدرة الإنتاج المحلي، كان الامتصاص للبضائع أكبر”.
وأشار إلى أن دعم البطاقة التموينية بإضافة مفردات جديدة وبنوعيات جيدة وإعادة النظر في المشمولين بالرعاية الاجتماعية وتوسيعهم، يعد من الحلول في مواجهة هذه الظاهرة.
وفي محاولة لمعالجة المشكلة، عرض البنك المركزي منذ بداية 2021 سندات محلية بمعدل فائدة عال، بهدف كسر الأسعار وامتصاص الدينار الفائض الذي أدى إلى تراكم الطلب على بعض السلع وارتفاعها، خاصة أسعار العقارات وبعض السلع ذات الطبيعة الرأسمالية.
ويقول الخبير الاقتصادي نبيل جعفر إن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وخاصة الغذائية، وهو ما استنزف القدرة الشرائية للعراقيين وزاد نسبة الفقر، والذي تزامن مع الجائحة التي تسببت في إغلاق الاقتصاد وتضرر القطاع الخاص.
ولفت إلى أن الرقابة على السوق المحلية غالبا ما تكون مراقبة لصلاحية السلع وأن تكون غير مضرة بالصحة، ولا تكون هناك رقابة على الأسعار.
وتتحدد الأسعار وفق آلية السوق في العرض والطلب، لكن جعفر يرى أن بإمكان الحكومة التأثير فيها عبر تشكيل الجمعيات التعاونية التي تزيد من السلع والخدمات، والتي تؤدي بالتالي إلى انخفاضها من خلال زيادة مواد البطاقة التموينية.