مطالب بعفو عام شامل في الأردن بلا استثناءات

رهان على استثمار ديناميكية التحديث السياسي لإقرار عفو أشمل.
الثلاثاء 2021/12/21
هل يستجيب الملك

عادت المطالب بعفو عام شامل في الأردن داخل البرلمان الأردني بعد عامين من إقرار عفو استثنى الجرائم الاقتصادية والمالية. ويراهن عدد من النواب على الاستثمار في ديناميكية الإصلاح السياسي في المملكة وتوظيف زخمه في بلورة مشروع عفو عام أشمل دون استثناءات.

عمان- تعكس دعوة النائب حسين الحراسيس الحكومة الأردنية إلى إعداد مشروع قانون للعفو الشامل مطالب فئة واسعة من الأردنيين الذين استثنوا من قانون العفو الشامل الذي أقره البرلمان الأردني عام 2019، فيما يقول مراقبون إن عددا من النواب يحاولون استثمار ديناميكية التحديث السياسي التي تشغل الأردنيين لإقرار عفو أشمل.

وطالب عضو مجلس النواب حسين الحراسيس الحكومة بالمضي قدما في إعداد مشروع قانون العفو العام.

وقال الحراسيس خلال جلسة النواب الإثنين إن “العفو سيأتي تزامنا مع تحديث المنظومة السياسية عبر قانون الأحزاب وقانون التعديلات الدستورية”، مشيرا إلى أنه “لا يطلب العفو عن المجرمين بل عن المتعثرين ماليا”.

وأثار مشروع قانون العفو العام في الأردن الذي تم اقراراه سنة 2019 بعد توجيهات من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، استياء عدد كبير من الأردنيين تم استثنائهم منه وهم المشمولون بجرائم اقتصادية ومالية.

وألغى قانون العفو العام السابق “جميع الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات والأفعال الجرمية التي وقعت قبل تاريخ 12 – 12 – 2018، بحيث تزول حالة الإجرام من أساسها وتمحو كل أثر من الآثار المترتبة عليها”، لكنه يبقي على الحق الشخصي للمتضررين.

حسين الحراسيس: العفو سيأتي تزامنا مع تحديث المنظومة السياسية

لكن القانون لا يشمل كل الجرائم، إذ يستثني الجرائم المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب، والجرائم الاقتصادية، والتجسس، والتزوير، وجرائم الاعتداء مثل الاغتصاب وهتك العرض.

ويقول مؤيدو القانون إن هناك ضغطا على السجون في الأردن، إذ يقبع خلف القضبان نحو 17 ألف سجين، ويعتبر فرصة للتخفيف عن الأردنيين في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.

ويشير هؤلاء إلى أن القانون القديم يتيح حبس الكثيرين بسبب مخالفات مالية، ثم إعادة حبسهم مجددا، دون منحهم وقتا كافيا من أجل تدبير المبالغ المستحقة عليهم.

أما المعارضون الذين هم من عدة فئات، أبرزهم العاملون في قطاع الأعمال والصناعة، فقد رأوا أن الأمر يلحق الضرر بمصالحهم، خاصة في ما يتعلق بقضايا الشيكات.

ويتعامل الكثير من العاملين في ذلك القطاع بـ”الشيكات” أثناء إبرام الصفقات، فإذا حدث أن أدرج هذا الأمر في القانون فقد “يعصف بهم”.

ويقول هؤلاء إن مشروع القانون أبقى على عقوبة السجن ولم يشملها، معتبرين أن إسقاط قضايا الشيكات يعتبر ضربة للاقتصاد في البلاد. وبدد مشروع قانون للعفو العام آمال كثيرين كانوا يتطلعون إلى أن تكون بنوده أكثر شمولا مما هي عليه الآن.

وانطلاقا من ضغوط اقتصادية واجتماعية يعاني منها الأردنيون وجه الملك عبدالله الثاني في ديسمبر 2018 الحكومة إلى إصدار هذا المشروع.

وجاء التوجيه الملكي بمشروع العفو الشامل في وقت وجهت فيه أوساط سياسية ونشطاء انتقادات لحكومة رئيس الوزراء السابق عمر الرزاز بسبب إقرار قانون ضريبة الدخل المعدل، وكذلك عودة الاحتجاجات إلى العاصمة عمان، بعد موجة احتجاجية جرى خلالها توقيف محتجين.

ووصف نقيب المحامين مازن ارشيدات مشروع القانون الذي تقدمت به حكومة الرزاز آنذاك بأنه عفو غير حقيقي، وأن الحكومة بالغت في الاستثناءات؛ فـ”الاستثناء يكون ضيقا، لكن الحكومة حولته إلى أصل”. وأضاف أن العفو يجب أن يشمل كل أمر جزائي، سواء كان جناية أو جنحة أو مخالفة.

وتحدثت حكومة الرزاز وقتها عن صعوبة السماح بإلغاء الجرائم المعنية بحقوق الأشخاص المالية وعن كلفة العفو العام في المحصلة على الخزينة العامة للدولة.

ويعمل عدد من النواب الأردنيين على استثمار مساعي السلطات الأردنية لتحديث المنظومة السياسية في استصدار قانون عفو أشمل من القانون الذي تم إقراره في 2019 بعد أن فتح العفو الملكي الخاص مؤخرا الطريق لذلك، حيث قال الملك عبدالله الثاني إن “التحديث السياسي مستمر وأنه يجب أن يتزامن مع الإصلاح الاقتصادي لتحقيق النتائج المرجوة، ولإحداث نقلة نوعية يشعر المواطن بأثرها”.

ووجّه العاهل الأردني في أكتوبر الماضي إلى دراسة جميع القضايا المتعلقة بـ”إطالة اللسان”، والسير بإجراءات عفو خاص عنها.

وذكر بيان صادر عن الديوان الملكي أن الملك عبدالله الثاني “وجّه الحكومة لدراسة جميع القضايا المتعلقة بإطالة اللسان، خلافاً لأحكام المادة 195 من قانون العقوبات، والتي صدرت بها أحكام قطعية، والسير بإجراءات منح عفو خاص للمحكوم عليهم في هذه القضايا”.

مشروع قانون للعفو العام بدد آمال كثيرين كانوا يتطلعون إلى أن تكون بنوده أكثر شمولا مما هي عليه الآن

وتنص المادة 195 من قانون العقوبات على أنه “يُعاقب بالحبس من سنة إلى 3 سنوات كل من ثبتت جراءته بإطالة اللسان على جلالة الملك أو أرسل رسالة خطية أو شفوية أو إلكترونية أو أي صورة أو رسم هزلي إلى جلالة الملك وقام بوضع تلك الرسالة أو الصورة أو الرسم بشكل يؤدي إلى المس بكرامة جلالته أو يفيد بذلك، وتطبق العقوبة ذاتها إذا حمل غيره على القيام بأي من تلك الأفعال”.

وقبل عام 2017 كان المتهمون في هذه القضايا يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة، لكنها تحولت بعد ذلك إلى المحاكم النظامية.

ورغم مطالبات سابقة من قانونين بضرورة تعديل المادة إلا أن ذلك يحتاج إلى مشروع قانون معدل لعرضه على البرلمان والمرور بالمراحل الدستورية، ليصبح قانونا نافذا.

وتزامن العفو الخاص مع تقديم اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية تقريرها إلى الملك، ما يعني إشارة من العاهل الأردني إلى أن هناك رغبة حقيقية في الإصلاح، ودلالة ذلك أن الملك قد بدأ بنفسه عبر إصدار القرار بالعفو عمن أساء إليه.

ولا يستبعد مراقبون أن يدعو العاهل الأردني إلى عفو عام أشمل، تزامنا مع إقرار توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كما أمر بعفو خاص عند تسلم توصياتها.

2