مطالب بالتحقيق في المضاربة في أسعار اللحوم خلال عيد الأضحى بتونس

تونس - دعت منظمات تعنى بالدفاع عن المستهلك في تونس إلى فتح تحقيق في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء خلال عيد الأضحى، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام 60 ديناراً (20.38 دولارا)، ما يكشف عن وجود مضاربة واضحة في الأسعار.
وأكدت المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، أنها قد تابعت ببالغ الانشغال، ما شهدته الأيام الأخيرة من إخلالات خطيرة وتجاوزات جسيمة في سوق أضاحي وتجار تفصيل اللحوم الحمراء بمناسبة عيد الأضحي، داعية إلى فتح تحقيق شامل ومحاسبة كافة الأطراف المتورطة.
وأشارت في بيان لها إلى أن ذلك قد “انعكس بشكل مباشر وسلبي على القدرة الشرائية للمواطن التونسي،” منتقدة “الارتفاع غير المسبوق في أسعار الأضاحي وممارسات الاحتكار الممنهجة والانتهاك الواضح لقوانين المنافسة والأسعار، وفرض أمر واقع على السوق، إلى جانب وجود فجوة سعرية غير مبرّرة بين كلفة الإنتاج وسعر البيع النهائي للمستهلك فبينما تقدَّر كلفة إنتاج الكيلوغرام الحي من الخروف بحوالي 13 ديناراً، بلغ سعر بيعه لدى تجار التفصيل أكثر من 60 ديناراً (20.38 دولارا)،” معتبرة أن “هذا الفارق السعري لا يجد تفسيراً اقتصادياً مقبولاً، ويُعدّ شكلاً من أشكال الاستغلال التجاري الجائر.”
وأوضحت أنّ “ملف أضاحي العيد لهذه السنة تجاوز كونه ملفاً يتعلق بالأسعار، ليُصبح قضية اجتماعية وإنسانية بامتياز، حيث حُرم آلاف التونسيين من أداء شعيرة دينية أساسية، بسبب الغلاء الفاحش والاحتكار الممنهج.”
وقالت المنظمة إنّ “ما حدث لا يمكن اعتباره مجرد إخلال إداري عرضي، بل هو مساس خطير بالتماسك المجتمعي وبالثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وهو ما يستوجب معالجة جذرية وفورية،” مذكّرة بأنّ “حماية المستهلك هي حق دستوري وقانوني والتزام على عاتق كافة أجهزة الدولة،” و محذّرة من “استمرار هذه الممارسات دون محاسبة صارمة سيكرّس ثقافة الإفلات من العقاب،” داعية إلى “وضع خطة وطنية عادلة ومستدامة لضمان التوازن في سوق الأضاحي، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين وتسقيف أسعار اللحوم الحمراء لدى تجار التفصيل و تحديد هوامش الربح القصوى في جميع حلقات سلسلة من الإنتاج إلى تاجر التفصيل، إضافة إلى إرساء آلية لهيكلة أسعار المنتوجات والخدمات تشرف عليها رئاسة الحكومة للحد من غلائها بتحديد حد أقصى لهوامش الربح في جميع المراحل بدءا من الإنتاج إلى تجار الجملة وتجار التفصيل لضمان استقرار الأسعار و الحد من الغلاء.”
وسبق أن اعتبر لطفي الرياحي رئيس منظمة إرشاد المستهلك أن “زيادة أسعار اللحوم غير مفهومة، فشركة اللحوم -وهي شركة حكومية- تبيع الكيلوغرام الواحد من لحم الخروف بـ43 دينارًا، في حين يبيعه تاجر التجزئة بـ50 دينارًا وأكثر، رغم أن الطرفين يشتريان من نفس مربي الماشية.”

وأضاف الرياحي في تصريح صحفي: “أسعار الخروف بين 700 و2000 دينار، في حين أن الحد الأدنى للأجور هو 450 دينارًا (150 دولارًا)،” لافتا أن “غلاء أسعار الأضاحي غير مفهوم في سنة ممطرة، ومع تراجع ثمن الأعلاف.”
وأحدثت خطوة تخصيص نقاط بيع من خلال تحديد سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء، جدلا واسعا في الأوساط الشعبية، فبينما اعتبره المواطن آلية جديدة للتحكم في الأسعار وتجنب المضاربة، رآه الوسطاء أنه إجراء يعرقل نشاطهم ويساهم في تراجع أسعار الأضاحي بشكل كبير.
وتراجع عدد قطيع الماشية في تونس إلى النصف، فضلا عن غلاء أسعار الأعلاف المركبة بسبب انعكاسات الجفاف. وتؤكد أرقام رسمية، أن قطيع الأغنام تراجع بين 2011 و2025 بنسبة 45 في المئة، أي من 7.5 ملايين رأس غنم إلى 4.5 مليون رأس.
ويصطدم التونسيون منذ سنوات بأزمات غلاء متواترة، في ظل قصور في آليات مراقبة السوق، ما أدى إلى تراجع قدراتهم الشرائية.
ووفق أحد البيانات الصادرة عن معهد الإحصاء الحكومي، بلغت نسبة التضخم عند الاستهلاك لشهر مايو الماضي 5.4 في المئة، مقابل 5.6 في المئة خلال شهر أبريل الماضي.