مطالب استبعاد عباس تتزايد على وقع فشل السلطة الفلسطينية

تحذيرات من مغبة عدم الانتقال السلمي للسلطة وسط خلافات داخل حركة فتح.
الجمعة 2023/06/16
التمسك بالسلطة يؤسس لمرحلة من الانفلات

تصاعد الحديث عن خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس داخل حركة فتح، التي تُجمع أُطرها على ضرورة التوافق على خليفة خلال الفترة القريبة القادمة وتجاوز حالة الخلاف والتنافس القائمة، بما يساعد على إعادة ترتيب أوضاع الحركة على المستويَين السياسي والتنظيمي.

رام الله - عزز فشل السلطة الفلسطينية في إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من تضاؤل التأييد للرئيس الفلسطيني محمود عباس وعزّز مطالب الفلسطينيين باستبعاده وتأمين انتقال السلطة بشكل سلس، وسط تحذيرات من دخول حركة فتح في دوامة خلافات فور الوقوع في حالة فراغ رئاسي.

وليس من الخفي حالة الصراع الداخلي بين قيادات حركة فتح بشأن من سيخلف عباس (88 عاما) الذي تقول تقارير إعلامية محلية ودولية إن حالته الصحية لم تعد تسمح له بممارسة مهامه وصلاحياته الدستورية.

ومنذ أكثر من 18 عاما تولى فيها عباس السلطة، لا يزال الفلسطينيون يعانون الفقر والبطالة والتهميش حتى أنهم باتوا أسوأ مما كانوا عليه في عهد الراحل ياسر عرفات، إضافة إلى انحسار الحل السياسي وأفق تأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

وأظهر استطلاع للرأي العام الفلسطيني نشرت نتائجه الأربعاء، أن غالبية الفلسطينيين يطالبون باستقالة الرئيس محمود عباس وإجراء انتخابات عامة.

وقال 80 في المئة من المشاركين في استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ومقره رام الله، إنهم غير راضين عن أداء ويطلبون استقالته.

حنان عشراوي: النظام السياسي الفلسطيني بحاجة إلى تجديد وتنشيط
حنان عشراوي: النظام السياسي الفلسطيني بحاجة إلى تجديد وتنشيط

وعبر 69 في المئة من عينة الاستطلاع شملت 1270 شخصا من الضفة الغربية وقطاع غزة، عن رغبتهم بإجراء انتخابات فلسطينية عامة تشريعية ورئاسية قريبا في الأراضي الفلسطينية.

وحسب الاستطلاع فإن أغلبية من 67 في المئة تقول إنها لا تعتقد بأن انتخابات تشريعية أو انتخابات تشريعية ورئاسية ستُجرى فعلا قريبا.

وتعتقد النسبة الأكبر من عينة الاستطلاع أن الانقسام الفلسطيني الداخلي المستمر منذ منتصف عام 2007، هو أخطر ما حل بالشعب الفلسطيني خلال السنوات الخمس والسبعين الماضية.

ويشغل عباس حاليا ثلاث مناصب رئيسية في الساحة الفلسطينية، فهو رئيس السلطة الفلسطينية، وهو المنصب الذي انتخب له في انتخابات 2005، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس حركة فتح، لكنه اليوم يُنظر إليه على أنه حاكم دكتاتوري، حيث لم تجرِ انتخابات لاستبداله أو إعادة انتخابه. وحتى اليوم، ليس معروفا إلى متى ستستمر ولاية عباس.

وتدور خلف الكواليس وفي الشارع الفلسطيني تكهنات حول هوية خليفة عباس الذي ترأس السلطة الفلسطينية في 2005 لولاية كان يفترض أن تنتهي في 2009.

وبعد وفاة ياسر عرفات في أواخر 2004، ترأّس عباس حركة فتح ومنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، قبل انتخابه في يناير 2005 رئيسا للسلطة الفلسطينية.

وكشف تقرير دولي عن قائمة من الأسماء المرشحة لخلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلا أنه حذر من تطورات قد تقود إلى انهيار السلطة الفلسطينية.

وأفاد تقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، بأنّ معركة خلافة عباس “أبومازن” قد تتسبب في احتجاجات شعبية وقمع وعنف وربما انهيار السلطة الفلسطينية.

وترى مجموعة الأزمات أن هناك ثلاثة سيناريوهات في التعامل مع خلافة الرئيس، أولها وأفضلها العودة إلى القواعد، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، بما يضمن إعادة الشرعية وتفعيل المؤسسات، في حين يتمثل السيناريو الثاني بأن يختار الرئيس عباس خليفته في حياته ويترك لفتح بعد رحيله أن تدعمه وآخر سيناريو والأسوأ هو انهيار السلطة بعد رحيل أبومازن والدخول في دوامة من العنف والصراع.

وتحدث التقرير عن مسؤوليْن فلسطينييْن مرشحين محتملين لخلافة عباس، هما وزير الشؤون المدنية وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ ورئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج.

ولفت إلى أنه رغم تمتّعهما بثقل كبير في السلطة الفلسطينية وقدرتهما على العمل مع المجتمع الدولي، فإنه أبدى مخاوف من عدم تمتعهما بشعبية كافية في صفوف الفلسطينيين.

ولفت إلى كل من رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجّوب ورئيس جهاز الأمن الوقائي السابق محمد دحلان، ورئيس الوزراء محمد اشتية، ومع أنه اعتبر أن أيا منهم لا يستطيع العمل بمفرده. إلا أن التقرير استبعد إجراء انتخابات وفق أسس قانونية، معتبرا أن هذا الاحتمال يظل الأقلّ ترجيحا في الحالة الفلسطينية.

وبحسب التقرير، فإن عباس أفرغ المؤسسات والآليات الفلسطينية من مهامها فيما هي مخولة باتخاذ قرار بشأن من سيخلفه، لذلك أصبح من غير الواضح من سيخلفه وبأي طريقة سيتم ذلك.

الكل يطالب برحيل عباس
الكل يطالب برحيل عباس

ولم يتوجه الفلسطينيون إلى صناديق الاقتراع منذ 2005 أي منذ وصول عباس للسلطة. وبعدما أعلن عن تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في 2021، عدل عباس عن هذا القرار مبرّراً ذلك برفض إسرائيل السماح بإجرائها في القدس الشرقية، إلا أن مراقبين يقولون إن حركة فتح شعرت بأنها الخاسر الأكبر في الانتخابات بسبب تشرذمها وصراعاتها.

وتؤكد تقارير فلسطينية أن كبار المسؤولين في حركتَي فتح وحماس، ينتظرون بالفعل خروج الرئيس الفلسطيني محمود عباس من المسرح السياسي بشكل طبيعي أو من خلال الدخول في حالة من العجز الطبي، وهم يستعدّون لمعركة الخلافة، بما في ذلك الاستعدادات للصراعات الميدانية من خلال الجماعات المسلحة التي أنشأها مسؤولو فتح، والجماعات المسلّحة الجديدة التي نشأت في الضفة الغربية.

وتشير وسائل الإعلام العبرية إلى أن “عباس يصرّ على ترك موضوع الخلافة في غموض، على الرغم من أن المعركة المتوقعة بعد خروجه من المسرح السياسي قد تؤدي إلى فوضى أمنية في المنطقة وحروب بين الجماعات المسلحة”، مضيفة أن “عباس لم يضع أيّ آلية قانونية متّفق عليها لانتقال منظَّم للسلطة ويرفض تعيين خليفة له من نخبة حركة فتح أو تعيين نائب يمكنه نقل السلطات له”.

وتقول الدكتورة حنان عشراوي، التي استقالت من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية 2020، إن “النظام السياسي بحاجة إلى تجديد وتنشيط وأن التركيز على ما سيحدث في اليوم التالي لرحيل أبومازن يحجب حقيقة كامنة في أن مشروعه السياسي قد فشل بالفعل”.

وتضيف عشراوي أن “الوضع العام في انحدار مستمر، وأن هذا ليس خطأ عباس بالكامل، إنما نحن نعيش في ظل احتلال قاسٍ يعمل جاهدا لإخفاق السلطة الفلسطينية، وتقديم أفرادها “كمقاولين” في الباطن لحماية أمن دولة الاحتلال، وكلما كان النظام أضعف، كما انغلق على نفسه ومارس القمع بشكل أكبر، لا أعرف الشكل الذي ستكون عليه الحالة الفلسطينية مستقبلا.. لربما تتخذ شكلا سلميا؛ لكن كلما طال أمد الوقت لرؤية تغيير حقيقي، سيصبح العنف هو سيد الموقف، وإن لم تسمح الطرق الديمقراطية السلمية لنقل السلطة، سيجد الشعب وسائل أخرى للتعبير عن نفسه”.

2