مطالبات سودانية بالحدّ من التعامل بالجنيه في المدفوعات التجارية

الخرطوم - دفع تقهقر العملة السودانية في ظل الضبابية التي ترخي بظلالها على المشهد السوداني الأوساط الاقتصادية إلى التحذير من تأثير ذلك على المالية العامة مع استمرار التعامل بالجنيه في المدفوعات التجارية وخاصة عبر المنافذ البرية.
وتكثف الأوساط التجارية والمصرفية من وتيرة ضغوطها على السلطات بغية التعجيل بإصلاح معايير المبادلات التجارية والإسراع في إزالة العراقيل التي تقف عائقا أمامها لتسهيل عبور البضائع وخاصة باتجاه أسواق أفريقيا بهدف تحقيق عوائد أكبر لخزينة الدولة.
ويرى الخبير المصرفي السوداني لؤي عبدالمنعم أن الوضع الراهن يقتضي وضع سياسات تجارية أكثر صرامة لكي تحد من استلام عملة محلية مقابل تصدير سلع أو بضائع عن طريق البر لدول الجوار.

لؤي عبدالمنعم: الوضع الراهن يحتم وضع سياسات تجارية أكثر صرامة
وتربط السودان، الذي يعاني اقتصاده من شلل غير مسبوق، اتفاقيات مع دول جنوب وشرق أفريقيا في إطار السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا)، وأيضا هناك اتفاقيات ثنائية مع دول الجوار بإعطائها بعض الإعفاءات الجمركية والكمية بأسعار تفضيلية.
ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى عبدالمنعم قوله إن “ثمة إشكالية في التعامل التجاري مع بعض دول الجوار حيث يتم شراء السلع أو البضائع السودانية بالعملة المحلية مما يؤدى إلى الضرر بالاقتصاد المحلي”.
واعتبر أن البضائع أو السلع التي يتم تسويقها من خلال المعابر الحدودية تفقد قيمتها الحقيقية بتصديرها كخام وبسعر رخيص وبالعملة السودانية.
وفقد الجنيه منذ بدء تعويمه في فبراير العام الماضي أكثر من 80 في المئة من قيمته. ويتم تداول الدولار في السوق السودانية الرسمية عن نحو 442 جنيها. أما في السوق السوداء فيصل سعر العملة الأميركية إلى حوالي 475 جنيها.
ويؤكد عبدالمنعم على ضرورة شراء المنتجات المحلية المراد تصديرها بعملة البلد أو بالدولار وإبراز الأوراق الرسمية المؤيدة لذلك عبر نقطة الجمارك وبالطرق القانونية وألّا تمر هذه البضائع أو السلع إلا بعد استلام المقابل بعملة البلد أو الدولار.
وكان محللون وقطاعات اقتصادية وتجارية واستثمارية بالسودان قد أبدوا مخاوفهم من أن يؤدي قرار الحكومة بإلغاء الدولار الجمركي إلى انفلات معدل التضخم مما قد يؤدي إلى نتائج عكسية ليس على المواطنين فقط، بل حتى على الشركات والمستوردين.
وقررت الحكومة في يونيو الماضي إلغاء العمل بالدولار الجمركي المستخدم في تقييم السلع المستوردة. وقالت وزارة المالية حينها إنها الخطوة الأخيرة في عملية تخفيض قيمة الجنيه.
وتشير بعض التقديرات إلى أن العجز التجاري للسودان يبلغ قرابة المليار دولار، وهو مبلغ كبير قياسا بدولة تعيش أزمات اقتصادية متتالية نتيجة بطء نشاط القطاعات التجارية والتدابير الارتجالية للحكومات السابقة.
الأوساط التجارية والمصرفية تكثف من ضغوطها على السلطات بغية التعجيل بإصلاح معايير المبادلات التجارية والإسراع في إزالة العراقيل التي تقف عائقا أمامها لتسهيل عبور البضائع باتجاه أسواق أفريقيا
ويعاني السودان من أزمة اقتصادية عميقة وتعمل الحكومة على زيادة الصادرات، خصوصا المنتجات الزراعية، لانتشال البلاد واجتذاب معونات واستثمارات أجنبية.
ولتحقيق ذلك الهدف تسعى الحكومة لكسر الحواجز أمام تصدير المنتجات المصنوعة محليا إلى أسواق أفريقيا على وجه التحديد، في محاولة لتعزيز العلاقات الاقتصادية في كافة المجالات وخاصة الاستثمارات ضمن منطقة التبادل الحر القارية.
وتصطدم الخرطوم بعقبات كثيرة قبل معالجة الاختلالات في التوازنات المالية وكبح مستويات التضخم ودعم العملة المحلية وفتح ورشة كبيرة لإعادة ترميم البنية التحتية المتهالكة ووقف العجز الكبير في الموازنة والميزان التجاري وكذلك الديون.
ويستشعر المواطنون خطر الأزمة الاقتصادية الراهنة وتداعياتها مستقبلا بعد أن بعث اقتصاديون بإشارات سلبية تحذر من آثار كارثية ما لم يحدث تغيير جذري في الوضع وبالسرعة المطلوبة لاسيما مع إبقاء العقوبات الأميركية.
وأدى نقص الاحتياطيات الأجنبية، التي يقدرها صندوق النقد الدولي بحوالي مليار دولار فقط، إلى شح الأدوية الحيوية واصطفاف طوابير أمام محطات الوقود والمخابز وأيضا انقطاعات للكهرباء في الأعوام القليلة الماضية.