مطالبات أردنية بتوسيع منافذ تمويل الطاقة المتجددة

مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في التحول الأخضر تواجه عثرات تنظيمية وقلة التحفيزات والمنافسة.
الخميس 2024/07/04
الصمود أهم اختبار في مواجهة المناخ

تزايدت شكوك الأوساط الاقتصادية الأردنية في قدرة الدولة على تحويل خطط الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر إلى واقع نتيجة قلة مصادر التمويل والتي تتطلب جهودا أكبر من الحكومة لجعلها متاحة للمستثمرين وخاصة لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

عمّان - تتعرض الحكومة الأردنية لضغوط أكبر للإسراع في ترجمة خطط التحول الأخضر بتعزيز الوصول إلى التمويلات بشكل أكبر في مسار تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة بالنظر إلى حاجة البلاد إلى زيادة مزيج هذه المصادر في إنتاج الكهرباء.

ويؤكد البطء في إيقاع نشر مزارع الشمس والرياح في البلاد أن السياسات التي تتبعها الحكومة في ظل القوانين القائمة لا تأتي بالنتائج المرجوة رغم محاولات الترويج لتبني هذا المسار عبر تسهيلات قدمتها في الأعوام الماضية للإسراع في اعتمادها.

ويعد أمن الطاقة من القضايا الأساسية التي أولتها السلطات اهتماما استثنائيا، لمواجهة التداعيات الناجمة عن الظروف المناخية القاسية، التي يشهدها العالم، والتي أثرت بصورة مباشرة على النمو الاقتصادي ورفاهية المواطنين.

أحمد عوض: استثمار إمكانات الشركات مهم في التصدي لتغير المناخ
أحمد عوض: استثمار إمكانات الشركات مهم في التصدي لتغير المناخ

واعتمدت إستراتيجيات البلد على نهج شمولي لتحقيق أمن الطاقة من خلال التحول نحو مصادر أكثر استدامة، وزيادة كفاءة الطاقة بما يسهم في معاضدة جهود العالم نحو الحياد الكربوني وفي الوقت ذاته تخفيف جزء من الأعباء في بند الطاقة بالميزانية.

ولكن دراسة حديثة أطلقها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع منتدى البحوث الاقتصادية حول دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام في إطار التحول إلى الطاقة المتجددة، تظهر أن الدولة أمامها الكثير لتفعله.

وأوصت الدراسة التي تم نشرها الثلاثاء الماضي، بضرورة تعزيز تمويل الطاقة المتجددة من خلال جذب الاستثمار من القطاعين العام والخاص في مشاريع الطاقة المتجددة مثل طاقتي الشمس والرياح، والاستفادة من الموارد الطبيعية في الأردن.

كما طالب معدو الدراسة بتطوير السياسات والتشريعات ذات العلاقة لتسهيل تبني الطاقة المتجددة، وتبسيط الإجراءات التنظيمية، وتقديم الحوافز المالية لتشجيع وتعزيز مشاركة المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الأخضر.

ويرى مدير المركز والباحث المشارك في إعداد الدراسة أحمد عوض، أن استثمار إمكانات هذه المؤسسات “لا يساهم فقط في تخفيف الأثر البيئي، بل يساهم أيضا في توفير فرص عمل جديدة”.

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن عوض قوله إن هذا الأمر “يساعد على خفض معدلات البطالة، إضافة إلى تعزيز الاقتصاد المحلي، وتعزيز الصمود في مواجهة تأثيرات التغير المناخي”.

والأردن كغيره من الدول العربية محدودة الدخل يواجه فعليا عثرات في تنمية مجال إنتاج الكهرباء النظيفة التي باتت أمرا لا مفر منه لتحقيق أمرين، الأول يتعلق بخفض التكاليف، والثاني لمعاضدة جهود العالم في كبح الاحتباس الحراري.

مشكلة الطاقة تعد أحد أبرز التحديات الرئيسية التي تواجه البلد، إذ تبلغ فاتورتها في المتوسط 6.4 مليار دولار، وهي في ارتفاع مستمر مع الزيادة الاضطرارية في عدد السكان

ووفق التقرير السنوي لوزارة الطاقة، فقد تم توليد الطاقة الكهربائية العام الماضي باستخدام الغاز بنسبة 68 في المئة والطاقة المتجددة بواقع 27 في المئة و5 في المئة من الصخر الزيتي، مقارنة بنحو 73 في المئة للغاز و26 في المئة للطاقة البدلية قبل عام.

ويعتقد مدير منتدى البحوث الاقتصادية إبراهيم البدوي أن المطلوب حاليا تطوير إطار شامل لتعزيز مشاركة هذه المؤسسات في الانتقال إلى الطاقة المتجددة في الأردن، واستكشاف علاقتها بالبيئة الاقتصادية، وتحديد الفرص والتحديات.

وعرض وزير الطاقة الأسبق والباحث المشارك بالدراسة إبراهيم سيف، أبرز ما جاء في الدراسة، إذ أشار إلى أن المؤسسات المذكورة تشكل معظم الشركات بالبلاد، وتوظف نحو 60 في المئة من القوى العاملة في قطاعات مثل الصناعة والخدمات والتجارة.

وأكد أن هذه المؤسسات تواجه تحديات عديدة، مثل صعوبة الوصول إلى التمويل، والعقبات التنظيمية والتشريعية، والمنافسة القوية في السوق، وضعف التنسيق فيما بينها، إضافة إلى ضعف التشبيك مع المؤسسات الكبيرة.

وقال سيف إن “الغالبية العظمى من المؤسسات ترغب بدعم تكاليف الكهرباء من قبل الحكومة بواقع 91.2 في المئة من المؤسسات متناهية الصغر، و94.9 في المئة من المؤسسات الصغيرة، و97.4 في المئة من المؤسسات المتوسطة”.

وفي ما يتعلق بتأثيرات تقنيات الطاقة البديلة، أظهرت نتائج الدراسة أن معظم المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ينظرون إليها بشكل إيجابي من حيث تخفيف الأثر البيئي وتوفر فرص عمل جديدة.

وبينت النتائج أن معظم هذه المنشآت تخطط للاستثمار في تقنيات الطاقة البديلة، ما يتطلب تحسين الوصول إلى تلك المعلومات وتطوير سياسات داعمة وتعزيز البنية التحتية، للانتقال إلى الطاقة المتجددة بشكل فعّال وعادل ومستدام.

رسمي حمزة: الوصول إلى التمويلات يحتاج إلى تكثيف التعاون مع البنوك
رسمي حمزة: الوصول إلى التمويلات يحتاج إلى تكثيف التعاون مع البنوك

ويقر المدير التنفيذي لصندوق تشجيع الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة رسمي حمزة بأن مشكلة ضعف التوسع في الطاقة البديلة تكمن في صعوبة حصول المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على التمويل للمشاركة في عملية التحول.

وقال إن ذلك “يتطلب تكثيف العلاقة بينها وبين البنوك التجارية، وتذليل العقبات أمام حصولها على التمويل المناسب وتمكينها من إدارته واستدامته”.

ورأى أن هناك حاجة ملحة إلى إعادة هيكلة قطاع الصناعة وتطوير بنيته التحتية بما يتناسب مع خطط وإستراتيجيات التحول إلى الطاقة المتجددة مثل إستراتيجية قطاع الطاقة الأردني المعلنة عام 2020.

وتعتبر مشكلة الطاقة أحد أبرز التحديات الرئيسية التي تواجه البلد، إذ تبلغ فاتورتها في المتوسط 6.4 مليار دولار، وهي في ارتفاع مستمر مع الزيادة الاضطرارية في عدد السكان إلى قرابة 12 مليون نسمة.

وتؤكد الخبيرة في الطاقة المتجددة ربى الزعبي أن أعدادا قليلة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحصل على تمويل للتحول إلى الطاقة المتجددة.

على أن شمولية التمويل وتطوير البنية التحتية للقطاع الصناعي وتعزيز كفاءة العاملين فيه يساعد على تسريع عملية التحول إلى الطاقة المتجددة بشكل عادل ومستدام وبتكلفة منخفضة.

وتشير غرفة صناعة عمّان إلى أن نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء بالبلاد تبلغ 27 في المئة، مؤكدة أن الحكومة تطمح من خلال خططها وإستراتيجياتها للوصول إلى 31 في المئة بحلول نهاية هذا العقد.

ولاحظ عضو مجلس إدارة الغرفة إياد أبوحلتم أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال التحول إلى الطاقة المتجددة لا تزال ضعيفة، ما قد يؤدي إلى المزيد من التباطؤ في عملية التحول النظيف.

10