"مطافئ".. من معلم قديم إلى وجهة للإبداع الفني

يتخذ عدد من المباني القديمة في قطر شكلا جديدا يجعلها وجهة فنية، ومن هذه المباني مبنى “مطافئ” الذي تحول من مقر للدفاع المدني إلى مقر للفنانين، يقيمون فيه ويتبادلون الخبرات وينجزون أعمالا فنية متنوعة المدارس، ويسعون من خلالها إلى تطوير القطاع الفني في الإمارة.
الدوحة - يشكل مركز “مطافئ: مقر الفنانين” وجهة إبداعية وحاضنة للفنانين في العاصمة القطرية الدوحة، حيث يتيح لهم مساحات واسعة للتعبير عن أفكارهم الفنية المبتكرة وتطويرها.
وينظم هذا المركز، الذي تم تحويله عام 2014 من مقر قديم للدفاع المدني إلى مركز فني يستقطب أفراد المجتمع المحلي في قطر، الفعاليات الفنية والمعارض والبرامج العامة. وتتوافق هذه الأنشطة مع أهداف رؤية قطر 2030 ومن بينها “الاستدامة وتعزيز القدرات الإبداعية للأفراد المحليين”.
خصوصيات المبنى
مطافئ يقدم دعما للفنانين والمشرفين على الفن في قطر من خلال طائفة واسعة من برامج الإقامات الفنية
رغم مرور 41 عاما على تشييد هذا المبنى “مطافئ”، الذي كان مقرا للدفاع المدني في قطر في الفترة بين 1982 – 2012، إلا أنه ما زال يحتفظ بتفاصيله الأصلية كالواجهة التي تشبه خلية النحل وكذلك البرج.
ويضم المبنى “أستوديوهات ومساحات عمل واسعة وورشة خشب ومختبر تصنيع، إلى جانب سينما ومقهى، ومتجر مستلزمات فنية ومساحات للمعارض؛ تستضيف معارض فنية محلية ودولية”.
ويعتبر مطافئ ”شاهدا على حالة الازدهار الفني والثقافي في قطر، ودليلا على تطبيق مبادئ الاستدامة والحفاظ على هوية العمارة الحديثة في البلاد”.
وقد كان تصميم وإعادة تأهيل المبنى موكل إلى المعماري القطري إبراهيم الجيدة، والذي تم تكليفه بإعادة تصميم المبنى من الداخل لتلبية احتياجات الفنانين على وجه الخصوص. وحرصت متاحف قطر على الإبقاء على الواجهة الأصلية للمبنى، والعديد من ملامحه الرئيسية أثناء عملية التجديد، لتحافظ بذلك على العديد من المعالم الأصيلة والأصلية للمبنى.
في إطار تعزيز قدرات الإبداع في الساحة الفنية، يقدم مطافئ دعما للفنانين والمشرفين على الفن في قطر من خلال طائفة واسعة من برامج الإقامات الفنية.
وتوفر تلك البرامج “مساحة للعمل والتبادل الإبداعي والإثراء الثقافي داخل قطر وخارجها، وذلك من خلال البرامج الدولية التي تشمل إقامات فنية في العاصمة الفرنسية باريس ومدينة نيويورك الأميركية”.
وأُطلق برنامج الإقامة الفنية في مطافئ للمرة الأولى عام 2015، كبرنامج مدته تسعة أشهر، يستهدف الفنانين القطريين والمقيمين في البلاد، حيث يحصل خلالها الفنانون على أستوديو فني خاص داخل المقر.
مطافئ يساهم في توفير فرص "لتقديم ورشات في مجال الفن والتصميم، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة إبداعية ميدانية أخرى"
ويعتبر هذا البرنامج “نافذة لأيّ فنان مقيم في قطر لتطوير مواهبه الفنية من خلال الإرشاد والعمل مع المشرفين، وعبر جلسات تفاعلية مع الفنانين والنقاد وفعاليات الأستوديو المفتوح، فضلا عن إتاحة المجال لاستخدام مرافق المبنى مثل مختبر التصنيع وورشة الخشب”. في نهاية البرنامج، يحصل الفنانون على فرصة لعرض أعمالهم الفنية في معرض جماعي يتم تنظيمه في قاعة العرض الرئيسية بمطافئ والتي تسمى بـ”غاليري الكراج”.
في عام 2021، بدأت مطافئ إعدادها للنسخة الأولى من برنامج الإقامة الفنية للفنانين الرواد، وهو برنامج لدعم الفنانين المتمرّسين في قطر. تجمع هذه المبادرة الفنانين القطريين وفيقة سلطان العيسى، وحسن الملا ، اللذين شاركا في برنامج الإقامة الفنية في مطافئ، من 2021 إلى 2022. ويعتبر هذا البرنامج امتدادًا لمشاركة الفنان القطري فرج دهام في مطافئ من 2017 إلى 2020. حيث يحرص على خلق جسر للتواصل بين الفنانين المحليين على اختلاف مستوياتهم الفنية، لخلق تبادل بين الفنانين المتمرّسين والفنانين المحليين المشاركين في برنامج الإقامة الفنية في مطافئ.
وفي نفس السياق، فإن مطافئ يساهم في توفير فرص “لتقديم ورشات في مجال الفن والتصميم، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة إبداعية ميدانية أخرى”. يجمع مطافئ تحت مظلته متحدثين محليين ودوليين متعددي التخصصات، بمن فيهم الفنانون المقيمون، وذلك عبر تنظيم ندوات وحلقات نقاش تتناول مواضيع فنية وثقافية.
ويحظى المركز بأوجه تعاون مختلفة مع “المتاحف والمراكز الإبداعية ومشاريع متاحف قطر ومؤسسات محلية ومعارض، مثل: جامعة فيرجينيا كومونولث (كلية فنون تصميمية) في قطر، ومعرض المرخية، وذلك من خلال استضافة محادثاتهم وفعالياتهم”.
كما يستضيف مطافئ عروضا للأفلام بالتعاون مع مؤسسات مختلفة في قطر منها “قناة الجزيرة الوثائقية ومؤسسة الدوحة للأفلام إضافة إلى السفارات”. وهذه الفعاليات يتم تنظيمها بعدة قاعات في مطافئ من بينها “السينما وصالات العرض والساحة الخارجية”.
صالات العرض الفني
يضم مطافئ عدة مساحات مخصصة لعرض الأعمال الفنية ومنها “غاليري الكراج”، الذي يعد قاعة العرض الأولى وموطنا لبعض المعارض الأكثر تنوعا وأبرزها “فيرجيل أبلوه (فنان ومصمم أميركي)، وبيكاسو (فنان إسباني) والفنانين المقيمين لدى المركز”.
إلى جانب ذلك، يحتوي المقر على قاعتي عرض إضافيتين وهما “غاليري 3 وغاليري 4″، حيث تُخصصان للعروض قصيرة المدى، خاصة المعارض الفردية والجماعية للفنانين المقيمين حاليا في مطافئ وغيرهم من الخريجين.
أما معرض “المرخية جاليري”، فقد تم افتتاحه في الساحة الخارجية بمطافئ في سبتمبر 2017، ويمثل “مجموعة مميزة من الفنانين العرب الناشئين والراسخين في قطر والمنطقة والعالم”، كما لديه “برنامج متجدد من المعارض والعروض”.
ويساعد مطافئ الفنانين على إنتاج أعمال فنية جديدة من خلال توفير مجموعة من المساحات والمستلزمات من بينها “الأستوديوهات”، حيث يتيح المركز لكل فنان مقيم “أستوديو خاص مؤثث بالكامل يقع في المبنى الرئيسي، وذلك كجزء من مرافق الإقامة الفنية”.
هناك أيضا “مختبر التصنيع” الذي يوفر للفنانين المقيمين سهولة الوصول إلى أدوات التصنيع الرقمية الحديثة، فضلا عن وجود ورشة للخشب يستخدمها الفنانون المقيمون لأغراض “الإنتاج الإبداعي والنماذج الأولية”.
كما يحتضن مطافئ، سينما، وهي قاعة قابلة للحجز وتتسع لنحو 112 مقعدا، وتعتبر المساحة المثالية لاستضافة البرامج العامة، بما في ذلك “محادثات الفنانين والمحاضرات وحلقات النقاش والمؤتمرات وعروض الأفلام”. وإلى جانب ذلك، ثمة مساحة أخرى مهمة وهي “أستوديو التعليم” في مطافئ الذي يستضيف ورشات العمل والأنشطة التعليمية العامة.