مطارق الدعاية الروسية توجه الضربات للاتحاد الأوروبي

الآلة الدعائية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلحق الأضرار بالاتحاد الأوروبي.
الجمعة 2022/07/29
طبق سياسي

بروكسل - بينما كان يستعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للهبوط في أفريقيا الأحد، فقد نشر مقال رأي يلقي فيه باللوم على الغرب في أزمة الغذاء العالمية التي تلوح في الأفق، وتهدد الملايين في القارة السمراء بالمجاعة.

سارعت العشرات من وسائل الإعلام المحلية في أفريقيا لتناول المقال، في حين نشره الآلاف من الأشخاص على صفحاتهم الشخصية بموقع فيسبوك.

وفي نفس الوقت، فإن جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والمفترض أن يكون مسؤولا عن التصدي لدعاية وزير الخارجية الروسي، كان شبحا إلكترونيا افتراضيا، بناء على تحليل CrowdTangle، المملوكة لشركة “ميتا”، غير أن بوريل لم يذكر أفريقيا سوى مرة واحدة على فيسبوك، في الوقت الذي اجتاحت فيه تعليقات لافروف التغطية.

رأت مجلة “بوليتيكو” الأميركية أن الآلة الدعائية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تلحق الأضرار بالاتحاد الأوروبي، بينما تغيب بروكسل تماما عن المشهد. وتابعت أن “المواجهة غير المتكافئة الأخيرة بين لافروف وبوريل لكسب قلوب وعقول الأفارقة، تلقي الأضواء على ما يعلمه الكثيرون في الدوائر السياسية الأوروبية لسنوات، ولكن القليل منهم فقط هم من يبدو أنهم مستعدون للاعتراف به علانية”.

أوروبا لا تزال في المؤخرة في معركة التضليل المعلوماتي التي تتطور باستمرار بين روسيا والاتحاد الأوروبي

وفي معركة التضليل المعلوماتي التي تتطور سريعا بين روسيا والتكتل الأوروبي الذي يضم 27 دولة، فإن أوروبا لا تزال في المؤخرة، وهذا يرجع إلى تفوق الكرملين في أدوات المعركة، وتطور الوسائل التي يستخدمها، وتضم وسائل الإعلام الحكومية والعشرات من الدبلوماسيين المنتشرين حول العالم، والأدوات الخفية لنشر الأكاذيب الصريحة، والترويج لطموحات موسكو السياسية في جميع أنحاء العالم.

وبدأ استخدام هذه الأساليب منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، وأصبحت أكثر وضوحا منذ أن بدأت موسكو في إلقاء اللوم على العقوبات الغربية في أزمة الحبوب العالمية، العالقة في أوكرانيا. بالنسبة لوزير الخارجية الروسي لافروف، فإن أوروبا تتحمل المسؤولية، ومن خلال مقاله الذي يستهدف الأفارقة، فإنه يذكّر الجميع بالجرائم الدموية للاحتلال.

وقالت المجلة الأميركية “رغم العقوبات الغربية الواسعة التي استهدفت وسائل الإعلام الحكومية الروسية، داخل الاتحاد الأوروبي، مثل روسيا اليوم، وسبوتنيك، فإن وسائل الإعلام التابعة لموسكو لا تزال تصل إلى العشرات من الملايين حول العالم، وتعزز الرسائل الموالية لروسيا”.

ويأتي ذلك في الوقت الذي فشل فيه الاتحاد الأوروبي في مواجهة حملات التضليل الروسية، في ظل اعتماده على البيانات الإعلامية والصور ضعيفة التأثير، وعدد قليل من المسؤولين المكلفين بدحض الحملات الروسية.

وقال بريت شافير، خبير التلاعب بالمعلومات في التحالف من أجل الديمقراطية، إن “قدرة روسيا على الترويج للمعلومات المضللة لا يتم التصدي لها في مناطق واسعة من العالم. ربما يكون جمهور روسيا قد تراجع في أوروبا، ولكن هذا لا يعني أنها لم تعد قادرة على جذب آخرين في مناطق أخرى”.

وأشارت مجلة “بوليتيكو” إلى انتشار آلة الدعاية الإعلامية الروسية في العالم، وبشكل خاص في أميركا الجنوبية، عبر خدمة روسيا اليوم بالإسبانية، التي أصبحت مصدرا للأخبار للملايين من السكان المحليين، وفي الدول الناطقة بالفرنسية في جميع أنحاء أفريقيا، ضاعفت خدمة روسيا اليوم الناطقة بالفرنسية جهودها للوصول إلى صديق بديل لموسكو، في ضوء تضاؤل وصولها إلى فرنسا في أعقاب عقوبات الاتحاد الأوروبي.

إقرأ أيضا

زيلينسكي أصبح مملا.. زوجته "وجه جديد" في الإعلام الغربي

وعلى مدى سنوات قبل هجوم موسكو على جارتها الغربية، كانت الدول الأوروبية منقسمة حول مدى صعوبة التصدي للتضليل الروسي، حيث أيدت عدة حكومات في أماكن مثل المجر وإيطاليا في بعض الأحيان نظام فلاديمير بوتين بشكل علني، وفقا لأربعة مسؤولين في الاتحاد الأوروبي تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشة المحادثات الداخلية في الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، بعد تعرض كييف للهجوم، توحد الغرب.

يذكر أن محكمة العدل الأوروبية أيدت الأربعاء قرار المجلس الأوروبي حظر بثّ وسائل إعلام روسية في دول التكتّل الـ27، والذي تمّ اتخاذه في شهر مارس الماضي، ضمن إطار عقوبات الاتحاد الأوروبي بحق موسكو.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قد أعلنت في أواخر شهر فبراير الماضي منع “الماكينة الإعلامية للكرملين” في الاتحاد الأوروبي، وقالت “لن تتمكن وسيلتا الإعلام الحكوميتان آر.تي وسبوتنيك، وكذلك فروعهما، من بث أكاذيبهما بعد اليوم”، متهمة الوسيلتين الإعلاميتين الروسيتين بـ”تبرير حرب بوتين، وزرع الانقسام في أمتنا”، وفي الثاني من مارس الماضي دخل قرار الحظر حيّز التنفيذ.

وردا على قرار المحكمة الأوروبية، أعلن الكرملين فرض قيود على “عمل وسائل الإعلام الغربية” على الأراضي الروسية، وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف “سنتخذ إجراءات ضغط مماثلة تستهدف وسائل الإعلام الغربية”.

16