مصير نازحي إدلب معلّق على أعمدة خيم بالية أغرقتها الأمطار

إدلب (سوريا) – عمّقت الأوضاع الجوية السيئة والأمطار الغزيرة معاناة النازحين السوريين الذين يواجهون المصير ذاته منذ نحو تسع سنوات، يأتي ذلك في وقت يجتاح فيه فايروس كورونا المنطقة مع تسجيل العديد من الإصابات.
وتشرّد عشرات الآلاف من المدنيين وغرقت العشرات من الخيام بمخيم للنازحين بمحافظة إدلب (شمال غرب) الذي يقطنه نحو 50 ألف نازح، جرّاء الأمطار الغزيرة التي تتساقط على المدينة منذ السبت.
وذكر علي حمادة أحد النازحين في مخيم كفر عروق في إدلب أنهم يعيشون نفس المعاناة كل شتاء منذ 9 أعوام، حيث يأتي المطر ويذهب بخيامهم.
وأوضح أنهم تركوا منازلهم وأراضيهم خلفهم واستأجروا أرضا زراعية لنصب خيامهم فيها، ولا يحصلون على أي دعم.
وأضاف أن الأمطار تواصل الهطول “ونحن نحاول أن نفرغ الخيم من محتوياتها، وسننتظر هنا لأنه لا يوجد مكان آخر نذهب إليه”.
وقالت النازحة نسرين خضور، وهي أم لخمسة أطفال وزوجها مصاب بمرض السكري، إنها اضطرت إلى مغادرة الخيمة مع عائلتها بعد أن غمرتها المياه.
وأضافت “ابتلت كل مقتنيات الخيمة بما فيها ملابسنا، ولم تبق حتى بطانية للتدفئة، ما تسبب في مرض أبنائي”.
وناشدت خضور المنظمات الإنسانية وفاعلي الخير مساعدة سكان المخيمات المتضررين، حيث لا يوجد مكان آخر يلجأون إليه.
وكانت الرابطة السورية لحقوق اللاجئين ناشدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية وكذلك جامعة الدول العربية، ومن خلفها جميع الجهات العاملة في الشأن الإنساني، التدخل العاجل والسريع لإنقاذ النازحين في مخيمات شمال غربي سوريا ومخيم الركبان ومخيمات لبنان، في ظل المأساة التي يتعرض لها النازحون بعد تعرض معظم المخيمات لعاصفة اجتاحت المنطقة، وأدت السيول إلى تلف عدد كبير من الخيام وانتشار الأمراض والأوبئة بفعل البرد وانعدام مواد التدفئة وأدنى مقومات الحياة.
وعوض الالتفات إلى الوضع الإنساني الصعب لسكان المخيمات عقدت تركيا وروسيا الجمعة مباحثات ثنائية، لتناول الشأن السوري والوضع المأزوم في محافظة إدلب والمناطق الريفية التابعة لها، والتي شهدت خلال الآونة الأخيرة قصفا مكثفا.
ويواصل الجيش التركي تعزيز مواقعه واستقدام المزيد من الأرتال والدعم العسكري، حيث أقام نقطة عسكرية جديدة له بمنطقة خفض التصعيد في إدلب.
وينتشر في مناطق شمال وغرب سوريا حوالي 1400 مخيم يعيش فيها حوالي مليون و300 نسمة، أغلبهم نازحون من مناطق إدلب وحماة وريف حلب وباقي المناطق السورية، حيث يتخذون من الحدود السورية التركية ملاذا لهم بعيدا عن مناطق الاشتباك والقصف.
وقال مدير فريق “منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري” محمد حلاج إن الأمطار غمرت 108 مخيمات في المنطقة خلال الـ48 ساعة الماضية.
وأوضح أن "عدد الخيام المتضررة بشكل كلي بلغ 278 خيمة، و513 خيمة بشكل جزئي، فضلا عن أضرار واسعة في الطرقات تجاوزت الـ8 كيلومترات ضمن المخيمات ومحيطها في حصيلة أولية لحصر الأضرار، بينما تستمر محاولات الوصول إلى المخيمات المتضررة التي يصعب بلوغها نتيجة سوء الطرقات المؤدية إليها وانقطاعها".
وتعاني المخيمات من غياب أبسط مقومات الحياة، فضلا عن تحولها إلى برك من الوحل خلال فصل الشتاء، حيث يبدأ تسرب مياه الأمطار إلى الخيام بعد تعرض أقمشتها للاهتراء بسبب حرارة الصيف.
وكانت إدلب خلال السنوات الماضية مسرحا للعديد من العمليات العسكرية التي قام بها النظام السوري بدعم روسي، وآخرها في ديسمبر من العام 2019، والتي أدت إلى موجة نزوح كبيرة، حيث نزح المئات من الآلاف من منازلهم إلى المخيمات.
وفي فبراير، تمّ التوصل إلى اتفاق بين تركيا وروسيا لوقف إطلاق النار، وكان النازحون يأملون في أن يفسح لهم المجال للعودة إلى ديارهم، بيد أن أحلامهم سرعان ما تهاوت في ظل لا مبالاة تركيا والخشية من بطش النظام السوري الذي نجح في استعادة أكثر من نصف المحافظة.
وعدا عن الأمطار والأوضاع المعيشية الصعبة، يواجه النازحون منذ العام الماضي خطر وباء كورونا المستجدّ، الذي يجد في المخيمات المكتظة والمفتقدة لأبسط مقومات الحياة الصحية حاضنة كبرى.
وتقول الأمم المتحدة إن معدلات الإصابة قفزت إلى ما يقرب من عشرين ضعفا بين سبتمبر وأكتوبر في محافظة إدلب، ومنذ ذلك الحين تتزايد الإصابات بنسبة 300 في المئة.
ومنذ بدء فصل الشتاء، تزايد الخوف من عدم قدرة الفرق الطبية المنهكة على التعامل مع الوضع، إذ كان ما يقرب من 17 في المئة من الإصابات بكوفيد - 19 ضمن الموظفين في المجال الصحي.