مصير جبهة العمل الإسلامي على المحك بعد حل جماعة الإخوان في الأردن

عمان - يواجه حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وكتلته النيابية التي تضم 17 عضوا، مصيرا مجهولا، بعد قرار السلطات الأردنية حظر أيّ نشاط للجماعة والانتساب لها والترويج لأفكارها، ومنع أيّ من القوى السياسية أو الجهات الأخرى التعامل معها.
وجاء قرار السلطات بعد أيام من كشف دائرة المخابرات العامة الأردنية عن خلية إرهابية تضم أعضاء من جماعة الإخوان جرى ترصدها منذ العام 2021.
وعمدت الخلية التي اعتقل فيها 16 شخصا إلى تصنيع أسلحة وصورايخ يصل مداها إلى خمسة كيلومترات، وليس فقط حيازتها، وهو تحول خطير في عمل جماعة الإخوان دفع الدولة إلى التخلي عن سياسة ضبط النفس، التي لطالما انتهجتها في التعاطي مع الجماعة.
ويرى محللون أن قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن كان متوقعا بعد ما كشفته السلطات عن الخلية، وهو في واقع الأمر تفعيل لقرار قضائي سبق وأن اتخذ قبل نحو خمس سنوات لكنه بقي معلقا.
ويشير المحللون إلى أن امتداد الحظر لحزب جبهة العمل الإسلامي، سيكون بمثابة القطع النهائي “لشعرة معاوية” مع جماعة الإخوان المسلمين، وأن المسار الحالي للأمور يبدو أنه ينساق نحو هذا الاتجاه.
ويلفت هؤلاء إلى أن خطوة حل حزب جبهة العمل الإسلامي ستكون لها ارتداداتها أيضا على البرلمان، في ظل وجود كتلة وازنة للحزب داخله، وبالتالي فإن هكذا توجها قد يقود إلى حل المجلس والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
وأكد رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب موسى المعايطة أن ثلاثة من الأعضاء الوارد أسماؤهم في لائحة الاتهام والمحالين إلى محكمة أمن الدولة ينتمون إلى حزب جبهة العمل الإسلامي، وليسوا من النواب.
وأضاف المعايطة في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن إجراءات قانونية ستتخذ في حال تأكيد ارتباط حزب جبهة العمل الإسلامي بالخلية التي تم ضبطها أو كانوا على علم أو معرفة بذلك. وأشار إلى أن محكمة البداية هي الموكول لها باتخاذ القرارات وليس هيئة الانتخابات، مؤكدا على ضرورة تطبيق القانون.
وفي محاولة من حزب جبهة العمل الإسلامي للنأي بنفسه عن تأثيرات حظر الجماعة الأم، قال الأمين العام وائل السقا، مساء الأربعاء، إن الحزب مارس كافة نشاطاته ومهامه خلال السنوات الماضية وفقاً للدستور والقانون الأردنيين.
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر جبهة العمل الإسلامي في عمّان، أن الأجهزة الأمنية طرقت أبواب جميع فروع الحزب، وأن الحزب استجاب لقرار المدعي العام، وجرى فتح الفروع والمقرات أمام الضابطة العدلية، مؤكدا توقيعه على محاضر الضبط، وثقته الكاملة بالقضاء الأردني. وذكر أن “قرار الحكومة المتعلق بحظر النشاط السياسي لجماعة الإخوان المسلمين لا يعني الحزب.”
ولفت الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي إلى أن الحزب عمل في الساحة السياسية الأردنية منذ حوالي 30 عاما، مضيفا “شاركنا بمنظومة التحديث السياسي بإيجابية وندعو للالتزام بها، لأنها المخرج الوحيد للعمل السياسي والديمقراطي في البلاد.” وتابع “الحزب ليس لديه ما يخفيه، وينصاع بشكل تام للدستور والقانون،” موضحا أن “الجميع في الأردن خاضع للقانون،” وأن الحزب شارك سابقا بفاعلية في جلسات الحوار الوطني لتحديث المنظومة السياسية.
وقال إن “حزب جبهة العمل الإسلامي هو حزب أردني مستقل، ولا تربطه أيّ علاقة بأيّ جهة تهدد أمن الأردن واستقراره،” مضيفا أن “قرار الحكومة المتعلق بحظر النشاط السياسي لجماعة الإخوان المسلمين لا يعني الحزب.” وأشار إلى التزام الحزب بالعمل السياسي السلمي والقانوني، و”استمراره في خدمة الوطن من داخل الإطار الدستوري.”
وجاء المؤتمر الصحفي للسقا في أعقاب إعلان وزير الداخلية الأردني مازن الفراية العمل على “الإنفاذ الفوري لأحكام القانون على جماعة الإخوان المسلمين المنحلة، باعتبارها غير مشروعة، وحظر كافة أنشطتها، واعتبار أيّ نشاط لها، أيّا كان نوعه، عملاً يُخالف أحكام القانون، ويوجب المساءلة القانونية.”
◙ خطوة حل حزب جبهة العمل الإسلامي ستكون لها ارتداداتها أيضا على البرلمان، في ظل وجود كتلة وازنة للحزب داخله
وأعلن الفراية قرار إغلاق أيّ مكاتب أو مقار تستخدمها الجماعة في أنحاء المملكة كافة، حتى لو كانت بالتشارك مع أيّ جهات أخرى، محذرا القوى السياسية ووسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني وأيّ جهات أخرى من التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين المنحلة وكافة واجهاتها وأذرعها، أو النشر لها تحت طائلة المساءلة القانونية.
وقبل إعلان تفاصيل إنفاذ القرار القضائي، كشف الوزير الأردني عن ضبط عملية لتصنيع المتفجرات وتجريبها من قبل “أحد أبناء قيادات الجماعة المنحلة وآخرين كانوا ينوون استهداف الأجهزة الأمنية ومواقع حساسة داخل المملكة.” وأشار الفراية إلى أن القرارات المُتخذة جاءت “انطلاقًا من حرص الدولة الأكيد على سلامة مجتمعنا وتحصينه من الأعمال التي تعكر صفو الأمن والنظام وتشوه الممارسات السياسية الفضلى وللمحافظة على أمنه واستقراره.”
ومنذ صدور القرار، قامت السلطات الأردنية بحملة تفتيش لعدد من المقرات التي تستخدمها جماعة الإخوان المحظورة، وشملت المقر الرئيسي لحزب جبهة العمل الإسلامي في منطقة العبدلي في العاصمة عمان.
ويرى مراقبون أن قيادة حزب جبهة العمل الإسلامي تواجه أياما صعبة، وأن مجرد النأي بالنفس عن الجماعة غير كاف. ودعا عضو مجلس الأعيان خالد الكلالدة حزب جبهة العمل الإسلامي إلى فصل علاقته مع جماعة الإخوان المحظورة، لأن ما سيقع على الجماعة سيتأثر به الحزب.
وأضاف، من المعلوم في الأردن أن حزب جبهة العمل الإسلامي هو الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وبالتالي هذه العلاقة ستتأثر بها سلبا أو إيجابا، والمعروف بالدستور والقانون أن عمل الأحزاب والنقابات والجمعيات يتحدد في وثائقها ومجال عملها وتخصصها وحرّم على الأحزاب أن تقوم بأحكام خارج القانون.